شدد وزير الشؤون الخارجية الأنغولي تيتي أنطونيو الاثنين على هامش حفل استقبال نظمته السفارة المغربية في لواندا بمناسبة الاحتفال بالذكرى الرابعة والعشرين لتربع العاهل المغربي الملك محمد السادس على العرش، أن العلاقات التجارية بين البلدين لا ترقى إلى “مستوى التطلعات”، رغم تمثيلية لجبهة بوليساريو داخل بلاده.
وقال أنطونيو إن “أنغولا والمغرب تجمعهما علاقات تعاون مميزة يتعين تطويرها بشكل أكبر في مختلف المجالات”، مشيرا إلى أنه “مع إحداث اللجنة المشتركة المغرب – أنغولا أضحى ممكنا تحديد مجالات محددة للتعاون مع المغرب”. وأضاف أن “المغرب وأنغولا مستعدان للتعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، مثل التأمين والنقل وتكوين الموظفين الأنغوليين”.
من جهتها اعتبرت سفيرة المغرب لدى أنغولا السعدية العلوي أنه “من المهم تكثيف علاقات التعاون الثنائي”، مشيرة إلى “مساهمة البلدين في توطيد السلام والاستقرار في القارة الأفريقية”.
وتعد العلاقات الاقتصادية والتجارية مدخلا لتوطيد العلاقات الثنائية سياسيا ودبلوماسيا، حيث أشارت العلوي إلى أن “النموذج التنموي الجديد الذي اعتمده المغرب يتمحور حول تحسين مناخ الأعمال، وإنشاء أقطاب تنافسية، وتشييد البنيات التحتية الضخمة والمناطق الصناعية واللوجستية، لاسيما في قطاعي السيارات والطيران، وخلق طفرة استثنائية في الطاقات المتجددة”.
وتخدم تصريحات أنطونيو الذي زار المغرب في يوليو الماضي دبلوماسية المغرب مع الدول الأفريقية بعد عودته إلى الاتحاد الأفريقي قبل أربعة أعوام، وتدرجه الواضح مع بلدان مساندة للطرح الانفصالي مثل نيجيريا وإثيوبيا والتي باتت تربطها بالمملكة علاقات اقتصادية دفعتها إلى خفض دعمها لبوليساريو، ويُحتمل أن تنضم أنغولا إلى هذه الدول.
وأكد نوفل بوعمري المحلل السياسي المهتم بملف الصحراء المغربية أن “قراءة الموقف الأنغولي تأتي في إطار مسلسل اعتراف الدول الأفريقية بمغربية الصحراء وسحب الاعترافات المتتالية بالكيان الوهمي، الذي انطلق مع عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وفي إطار هذه الديناميكية التي تشتغل عليها الرباط”.
واعتبر في تصريح لـه أن “المدخل الاقتصادي أصبح بوابة لما هو سياسي ودبلوماسي في العلاقة بين المغرب وأصدقائه خاصة مع تأكيدات العاهل المغربي ألا شراكة اقتصادية دون أن تكون هناك مواقف واضحة من القضية الوطنية، ويبدو أن أنغولا تعي هذا الموقف المغربي الواضح وتعي أن أي تطور في الشراكة بينهما مرتبط بتطور الموقف الدبلوماسي من القضية الوطنية”، لافتا إلى أن “العلاقات الأنغولية – المغربية مرشحة للتقدم خصوصا في ظل مسلسل اعتراف الدول الأفريقية بمغربية الصحراء وسحب الاعترافات المتتالية من بوليساريو”.
وأضاف بوعمري أن “المسؤولين في أنغولا معنيون بهذا المسلسل، ومؤكد أنه سيفضي في النهاية إلى تجميد عضوية الاتحاد الأفريقي للكيان الوهمي، حيث أن غالبية الدول الأفريقية أكدت على عدم اعترافها بالجمهورية الوهمية ودخول دول من غرب أفريقيا على هذا الخط يعد مكسبا قويا للمغرب”.
وقرر الملك محمد السادس والرئيس الأنغولي جواو مانويل لورنسو إعادة العلاقات التي انقطعت ربع قرن سنة 2018 بعد لقاء جمع بينهما، رغم أنها تتطور بشكل بطيء، خاصة في ظل الدعم الأنغولي لبوليساريو خلال التطورات التي شهدتها قضية الصحراء منذ 2020.
واستقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مبعوث الرئيس الأنغولي في مايو الماضي السفير المتجول لجمهورية أنغولا برناردو مبالا دومبيلي الذي أكد على “ضرورة تعزيز علاقات الصداقة التي تجمع بين أنغولا والمغرب، البلدين اللذين يمتلكان تاريخا مشتركا”. وأضاف مبالا دومبيلي “لذلك نعتبر أن المغرب بلد صديق لأنغولا، ويتعين على البلدين الحفاظ على هذه العلاقات وتعزيزها بشكل أكبر”.
وتحمل تصريحات السفير الأنغولي مؤشرات رسمية على وجود رغبة لدى لواندا في تطوير العلاقات مع المغرب، رغم أن بلده جزء من المحور الجزائري – الجنوب أفريقي الداعم لجبهة بوليساريو داخل الاتحاد الأفريقي.
◙ أنغولا تشترك مع المملكة في طموح تنويع اقتصادهما وأنها سوف تذهب في طريق ديناميكية البناء التي أطلقها المغرب منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي
والموقف من الصحراء المغربية هو المنظار الذي ينظر به المغرب إلى العالم، ومع ذلك تأخذ المملكة مواقف الدول الأفريقية التي اعترفت ببوليساريو بعين الاعتبار كونها اتخذت في ظروف تاريخية اتسمت بالحرب الباردة وشراء الدعم للمشروع الانفصالي بواسطة البترودولار الجزائري.
وأعرب الملك محمد السادس في برقية تهنئة في سبتمبر الماضي سلمها رئيس الحكومة عزيز أخنوش للرئيس الأنغولي عن تقديره لما يجمع بين البلدين من روابط الصداقة والأخوة الأفريقية، مؤكدا حرصه الدائم على العمل مع الرئيس الأنغولي من أجل مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية على أساس الاحترام المتبادل والتعاون المثمر، بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
ويرى مراقبون أن أنغولا تشترك مع المملكة في طموح تنويع اقتصادهما وأنها سوف تذهب في طريق ديناميكية البناء التي أطلقها المغرب منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي، على غرار عدد من الدول الأفريقية منها نيجيريا.
ودعما للعلاقات الثنائية استقبل النعم ميارة رئيس مجلس المستشارين في أبريل الماضي بمقر المجلس كارولينا سيركويرا رئيسة الجمعية الوطنية لجمهورية أنغولا على رأس وفد برلماني هام، داعيا إلى اغتنام الزخم الحالي من أجل تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية، لإعطاء مضمون ملموس لجودة العلاقات بين البلدين في إطار التعاون جنوب – جنوب.
وعبرت سيركويرا عن أمل بلادها في الاستفادة من التجربة المغربية في مجال البنى التحتية والتعليم والسياحة وإدماج الشباب، مشددة على محورية التعاون البرلماني كمدخل للتعاون الاقتصادي بين البلدين.