يخاطرون بأنفسهم لإنقاذ الآخرين وسط الأمواج العاتية
نراهم في أقصى درجة التأهب واليقظة كل موسم اصطياف غايتهم تامين المواطنينالوافدين على شاطىء المهدية للاستمتاع ببرودة البحر ونسيمه هروبا من حرارة تكويالأجسام. لماذا اختاروا هذه المهنة وما هي نظرتهم وتقييمهم لعمل يؤدوه بلا انقطاع ؟ إنهاأسئلة يجيب عنها حراس الشواطئ في هذا الاستطلاع الذي قامت به «أخبارنا الجالية».
مع اقتراب موسم الاصطياف من نهايته ارتأينا تسليط الضوء على الدور الكبير الذي يقومبه حراس الشواطئ والتي تتركز مهمته في إنقاذ أرواح المصطافين من الغرق و المغامرينالذين يغامرون بحياتهم في البحر دون خوف رغم مخاطر السباحة دون التزام بالقواعدالموجودة.
قامت «أخبارنا الجالية» بإجراء استطلاع على مستوى شاطىء المهدية لإزالة الستاروتعريف القارئ بدور المنقد و كيفية ممارسة عمله وأكثر من هذا المخاطر التي يتعرض لهاو التي يبقى أهمها المخاطرة بحياته لإنقاذ الآخرين وكم من غطاس لفظ أنفاسه وهو ينقذاحد الغرقى من البحر .
عيونهم لا تغفل عن المصطافين وانتباههم يظل مشدودا إلى البحر طوال اليوم تحت شمسحارقة يفرحون حين ينقذون غريقا من الموت وسط الأمواج العاتية ويحزنون حين تتوقفنبضات قلب الغريق رغم محاولة إسعافه إنهم الأعوان المكلفون بحراسة الشواطئ تجندهمالوقاية المدنية لحماية المصطافين طيلة فصل الصيف .
تجند الوقاية المدنية سنويا قرابة 3300 منقد موسمي للتكفل بحراسة الشواطئالمسموحة للسباحة على المستوى الوطني خلال موسم الاصطياف ويتلقى هؤلاء الأعواندورات تكوينية قصيرة جدا تعتبر غير كافية لتعلم تقنيات التدخل والإنقاذ وتقديمالإسعافات الأولية بينما تقع على عاتقهم مهام توعوية وتحسيسية للمصطافينوالتواصل معهم للفت انتباههم للأخطار التي يمكن أن تحدق بهم بما في ذلك التعرضلأشعة الشمس وضرورة احترام رايات السباحة .
عمل بلا توقف لسلامة الآخرين
يتولى منقدي الشواطئ من التاسعة صباحا إلى السابعة مساءا يوميا مقابل أجر طيلةموسم الاصطياف تزامنا كما في هذه السنة مع ارتفاع في درجة الحرارة حيث يفضلالبعض السباحة بعد غروب الشمس .
التيارات الهوائية البحرية …العدو اللدود
الكثير من الشباب تستهويه هذه المهنة وخاصة في فصل الصيف لكن ممارستها غيرمتاحة للجميع والسبب يكمن في خصوصيات لا يعرفها إلا من عايش البحر واكتسب خبرةتأتي عن طريق الممارسة إضافة إلى التكوين المستمر فالمنقذ يضيف محدثنا يجب أن يكونعلى دراية تامة بالتقلبات الجوية التيارات البحرية اتجاهات الرياح لون السحب والسماءوكل ما يتعلق بتنبؤات البحارة وهي مرجعية تقليدية تزيد من رصيد ذوي الخبرة إضافةإلى تقنيات الإسعاف الموضعي والدلك الخارجي للقلب وكيفية ضخ الهواء عن طريق الفموالأنف.
استحسن العديد من المصطافين عمل السباحين المنقذين خاصة المجهودات التي تقوم بهاالوقاية المدنية سنويا من خلال تجنيد طاقم يتكون من حراس شواطئ ومركز مراقبة..
اتقان الاسعافات الاولية ضروري
هدوء البحر لا يعني شيئا بالنسبة للمنقدين لانهم يعلمون انه تعقبه عاصفة لا محالةفالبحر متقلب في الصيف اكثر من الشتاء و هو ما اكده العديد من المختصين «لأخبارناالجالية» على غرار كمال احد البحارين الذين يمارسون مهنة الصيد منذ اكثر من 30 سنة حيث قال « البحر غريب الاطوار و متقلب و لا يجب الائتمان به لانه غالبا ما يتغير
انقاذ الغرقى اسهل من انتشال الجثث
مهنة حراسة الشواطئ التي تدوم 04 أشهر في السنة تلازمها مخاطر ومغامرات لا تنتهيلإنقاذ الغرقى من مختلف الأعمار قد تكون نتيجتها كوابيس وذكريات سوداء تلاحقصاحبها مدى الحياة في النوم واليقظة لأن الأمر يتعلق بأشخاص فقدوا حياتهم بين يديالمنقد الذي يجد نفسه حبيس هذه الذكريات الأليمة مما يضطره أحيانا إلى المتابعةالنفسية في المستشفيات.
وقال حارس الشاطئ عندما يموت بين ذراعيه غريق فإنه يتعرض لصدمات نفسية تكونسبباً في إصابته بالاكتئاب والعزلة وعلى العكس من ذلك فهو يشعر بالفخر والاعتزازعندما ينقذ شخصا من الغرق وفي هذا الإطار حكى عماد لنا قصة إنقاذه لفتاة صغيرةخارج أوقات الحراسة على الساعة العاشرة ليلا كان يجلس قرب البحر يتأمل موجاتهوإذا به يرى فتاة تغرق فهرع لإنقاذها فكانت تتشبث به من شدة الخوف وهي تبكي وبعدإنقاذها ابتسمت وقبلته بشدة فأحس أنه أنقذ فتاة من موت محقق وهذا ما دفع والدتهاإلى الدعاء له طويلا.
وأضاف أن متاعب المنقِذ تكمن أحيانا في عقلية الشباب المتهور فرغم النصائح التييقدِّمها أعوان الحماية إلا أن الكثير يصر على السباحة أثناء رفع الراية الحمراء كما تبرزالمشاكل مع الزوَّار القادمين من المدن المجاورة الذين يخاطرون بحياتهم بحجة أنهم يتقنونالسباحة وهم الفئة الأكثر غرقا من بين المصطافين .
تمكن عناصر الوقاية المدنية، صباح اليوم الجمعة من إنقاذ أربعة أشخاص من غرقحتمي، لدى مواجهتهم للأمواج القوية بشاطئ المهدية.
وأفلح عناصر الوقاية المدنية بعد تلقيهم لنداءات إستغاثة في إنتشال المصطافين تباعاوبمجهود جبار، حيث باغتتهم الأمواج القوية وسحبهم التيار إلى داخل البحر، وهو ماأجبرهم على توجيه نداءات إستغاثة لمرتادي الشاطئ الذين نقلوها بدورهم لعناصرالوقاية المدنية.
يبقى ارتفاع معدلات الغرق في الشواطئ المغربية لعدم التزام المصطافين ورواد الشواطئبتعليمات وقواعد السباحة، وتفضيلهم المغامرة في شواطئ ممنوعة السباحة، رغمخطورتها، والبعض الآخر يقصد الشواطئ خارج أوقات الحراسة، الأمر الذي يجعلسلامتهم في خطر كبير. ” أخبارنا الجالية ” أرادت البحث عن السبب الحقيقي لتفضيلهذه الشواطئ الصخرية منها وغير المحروسة رغم أنها خطيرة وتنقل أدق التفاصيل منشاطىء المهدية.
عند كل موسم صيف، تحصد الشواطئ العشرات من الأرواح، وتتحول بذلك الخرجاتالترفيهية والاستجمام للعائلات عبر الشواطئ إلى مأتم حقيقي حيث العديد من العائلاتفقدت قريبا لها بعد أن التهمته أمواج البحر وخرج إلى الشاطئ محمولا على الأكتافغريقا، بعد أيام من البحث من المصالح المختصة، وتحولت بذلك النزهة على الشواطئ،ومتعة السباحة إلى جنازة.
كان الوقت لضرورة دق ناقوس الخطر، أمام العدد الكبير للوفيات في الشواطئ بالأخص غير المحروسة، والشواطئ الصخرية، بحيث تشير إلى تسجيل على الاقل عشرة حالات غرق يتم انقاذهم يوميا من طرف حراسالشواطئ خلال الفترة الممتدة من الفاتح يوليو إلى غاية 5 غشت الجاري وفق أرقام الوقاية المدنية .
و من بين الأسباب الرئيسية في ارتفاع حالات الغرق بالشواطئ هو عدم احترام المصطافين للرايات المرفوعة على مستوى الشواطئ، حيث أن عدم احترام المصطافين لقواعد السباحة والرايات المرفوعة في الشواطئ، يؤدي إلى ارتفاع عدد حالات الغرق.
لكن بالرغم من ذلك يغامر العديد من الأشخاص بحياتهم ويدخلون البحر للسباحة غيرمكترثين للأمر، ويعرضون بذلك حياتهم للخطر، وتكون النتيجة في الأخير الغرق المحقق،كما أن عدم احترام المصطافين للمسافات المسموحة للسباحة، ويغامرون بحياتهمبالسباحة لمسافات طويلة، وهذا الأمر أيضا يؤدي في الكثير من الحالات إلى الغرق، إلىجانب عدم تقيد المصطافين بالسباحة خلال فترات تواجد الحراسة التي يضمنها سباحوالوقاية المدنية، بحيث يتم مع كل موسم اصطياف توظيف سباحين موسميين لمراقبةالشواطئ ومرافقة المصطافين والتدخل في حالات التبليغ عن وجود غرقى، لكن العديد منرواد الشواطئ لا يحترمون مواقيت الحراسة.
ورغم الحملات التحسيسية فإنّ بعض المصطافين يضربون تلك النصائح والتوجيهاتعرض الحائط، فتراهم يقبلون على الشواطئ الصخرية غير المحروسة، وأغلب أولئكالمصطافين، من بعض الأحياء المجاورة، ما يؤدي إلى وقوع حوادث مميتة، سيما أنّالبعض لا يعي خطورة السباحة في مثل تلك الأماكن.
ويرى البعض الآخر من المصطافين، أن سبب اختيار العائلات للشواطئ غير المحروسة بالرغم من الأخطار، وافتقارها للمرافق الضرورية للاصطياف، بحثا عن الحرمة كما قال«لطفي.ع»، لكون بعض العائلات تلجأ إليها لما تعرفه الشواطئ المحروسة من الاكتظاظ والاختلاط، أما عن الشواطئ الصخرية فيقول نفس المتحدث أنها مقصد الشباب من محبي المغامرة، ومنهم من يزاوج بين الاستجمام وصيد السمك بالسنارة».
القفز من الصخور يستهوي الشباب بالشواطئ الممنوعة
تصنيف الشواطئ الممنوعة يتم من خلال خطورتها بالنسبة للمصطافين، وذلك إما أنها لاتتوفر على مسالك، وبذلك يصعب وضع مراكز للحراسة والتدخل، أو لكون هذه الشواطئ تشكل خطرا على سلامة روادها، كونها تتوفر على الصخور في مداخلها وبداخلها، وبذلكفإن السباحة في هذه الحالة تشكل خطرا على حياة المصطافين، ويذكر احد حراسالشاطىء، بأن المصالح المعنية تقوم بوضع لوحات إشهارية بمدخل هذه الشواطئ تنبهالمواطنين على أنها مواقع غير مسموحة للسباحة، وبهذا لا تضع مصالح الوقاية المدنية مواقع للحراسة.
وبالرغم من الخطورة التي تشكلها هذه الشواطئ على روادها، إلا أنها تعرف إقبالا كبيرامن طرف المصطافين خاصة فئة الشباب، الذين تستهويهم عروض القفز من الصخور وسطالأمواج، إلى جانب زرقة مياه البحر النظيفة على عكس الشواطئ المسموحة التي تشهدإقبالا كبيرا، وتقل بها النظافة، وتتلوث مياهها، ولهذا فالكثير من الشباب يفضلونالشواطئ الصخرية الممنوعة على الشواطئ الرملية المسموحة.
تشهد العديد من شواطئ المهدية الممنوعة للسباحة، إقبالا كبيرا من قبل المتوافدين عليهامن مختلف الأعمار، بما في ذلك العائلات، وهذا رغم الخطر الكبير المتربص بهؤلاء، والذي قد يصل إلى حد الغرق بسبب عدم توفرها على شروط الاستغلال وافتقارها لأبسط وسائل الإنقاذ والنجدة، بسبب تواجدها في منطقة صخرية أو لصعوبة المسالك المؤدية إليها أولكون مياهها ملوثة.
وقد تدخل صباح اليوم السباحون المنقدون أعوان الحماية المدنية، بشاطىء المهدية لإنقاذ4 أشخاص وإنقاذهم من غرق محقق
حيث كانت بادية عليهم حب المجازفة، وهو ما يؤدي أحيانا إلى ما لا تحمد عقباه وكون هذه الظاهرة أصبحت تتكرر كل موسم اصطياف، مما يؤكد أن السباحة في شواطئ غير محروسة يؤدي للهلاك لا محالة.