قاضي التحقيق الجزائري يسقط التهم الجنائية عن المتابَعين في قضية “تهريب أميرة بوراوي”
تقترب جهات التحقيق في الجزائر من إنهاء ملف المتابَعين في قضية المساعدة على خروج الناشطة السياسية أميرة بوراوي بطريقة غير قانونية من الحدود الجزائرية نحو تونس، إذ من المنتظر أن تحال القضية على المحاكمة في غضون الأسابيع المقبلة، مع تطورات إيجابية لصالح المتهمين.
ووفق ما ذكره المحامي في القضية عادل مسعودي، فقد قرر قاضي التحقيق بمحكمة قسنطينة شرقي الجزائر، إعادة تكييف الوقائع من جناية إلى جنحة، ما يعني عرض القضية على محكمة الجنح بدل الجنايات، وهو مؤشر على إمكانية إصدار أحكام مخففة بحق المتهمين أو تبرئتهم خلال المحاكمة.
لكن قرار قاضي التحقيق تحويل الجناية إلى جنحة، يصطدم حاليا بمعارضة وكيل الجمهورية الذي استأنف هذا القرار لدى غرفة الاتهام في مجلس قضاء قسنطينة، التي سيكون عليها الفصل في 7 أغسطس الجاري بمصير القضية إما ناحية محكمة الجنح أو الجنايات.
وبحسب قراءات قانونية لتطور هذا الملف، فإن إسقاط التهم الجنائية قد يعني اقتناع جهات التحقيق بعدم وجود عمل منظم في إطار شبكة تكون قد ساعدت في إخراج أميرة بوراوي، وهو ما يمكن أن يخفف عن المتهمين في القضية.
ومن أبرز المتابَعين في القضية، الصحافي مصطفى بن جامع، رئيس تحرير جريدة “لوبرفنسيال” الناطقة بالفرنسية في عنابة شرقي الجزائر، وهو موجود في السجن على ذمة التحقيق في هذه القضية، بينما كان قد حوكم في قضايا أخرى تتعلق بكتاباته دون أن يصدر ضده حكم بالسجن النافذ.
كما يوجد في الملف خديجة بوراوي، وهي والدة الناشطة التي توجد حاليا تحت الرقابة القضائية. ويُشتبه في أن أميرة بوراوي استعملت جواز السفر الخاص بوالدتها في العبور من المركز الحدودي أم الطبول الفاصل بين الجزائر وتونس دون أن ينتبه لذلك أعوان الأمن، وهو ما استدعى التحقيق مع والدتها.
ومن المتهمين أيضا، ياسين بن الطيب، وهو ابن عم أميرة بوراوي، ومياسي جمال، وهو سائق التاكسي الذي نقل أميرة بوراوي من عنابة إلى تونس، وفق ما تذكر اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين وهي هيئة رصد محلية.
وكانت هذه القضية قد شغلت بقوة الرأي العام منذ فبراير الماضي، وأدت إلى انتكاس العلاقات الجزائرية الفرنسية من جديد بعد اشتباه السلطات الجزائرية وفق ما ذكر الإعلام الرسمي، في وجود يد للمخابرات الفرنسية في عملية إجلاء بوراوي إلى فرنسا عبر تونس.
أما بوراوي التي تقيم في فرنسا حاليا، فقالت في روايتها لوسائل الإعلام الفرنسية إنها لم تتلق مساعدة أحد، أثناء اجتيازها الحدود. وذكرت أن السفارة الفرنسية لم تكن على علم بالقضية، إلا عندما تم اعتقالها في تونس بعد اكتشاف أن جوازها الفرنسي لم يكن عليه ختم الدخول لتونس، وهو ما أدى للتحقيق معها قبل أن تطلق النيابة التونسية سراحها ثم يعاد اعتقالها من جديد.
يذكر أن أميرة بوراوي هي ابنة كولونيل متوفى في الجيش الجزائري، كان يشغل منصب مدير مستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة الجزائرية، وهي تحمل الجنسية الفرنسية منذ سنة 2007 اكتسبتها عبر زواجها من فرنسي ذي أصول جزائرية.
وعرفت هذه السيدة وهي طبيبة نساء، بنشاطها السياسي المناهض للعهدة الرابعة للرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، حيث كانت من مؤسسي حركة “بركات” سنة 2014 التي لم تنجح في إعاقة الرئيس عن الترشح، ثم انخرطت في الحراك الشعبي الذي أطاح ببوتفليقة في فبراير/شباط 2019، وكانت من أبرز الوجوه التي تصدرت المسيرات.
وواجهت في السنتين الأخيرتين عدة قضايا تتعلق بمنشوراتها التي اعتُبرت من قبل القضاء مسيئة للدين الإسلامي، وهو ما كلفها عدة أحكام بالسجن لكن دون إيداعها الحبس. ومؤخرا، تحولت للتنشيط في إذاعة “راديو أم” التي أغلقت نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر بعد اعتقال مديرها الصحافي إحسان قاضي.