خِطاب الجِدِّية و الحَزم في ظل المَلَكيَّة القائدَة للدَّولة -الأمَّة المَغربية
بقلم : البَراق شادي عبد السلام
تحتفل الأمة المغربية بالذكرى الرابعة و العشرين لاعتلاء مولانا جلالة الملك محمد السادس نصره الله عرش الدولة العلوية المجيدة في يوم مشهود من أيام المملكة المغربية الذي يجسد التلاحم العضوي التاريخي بين الجماهير الشعبية و المؤسسة الملكية القائد التاريخي و الوحيد لنضالات و تطلعات الشعب المغربي في الرقي و الإزدهار .
إن هذا اليوم الوطني المجيد يعكس قيم الوحدة الوطنية المتأصلة بين المغاربة و يبرز بوضوح مبادئ التضامن الوطني بين المغاربة، وإلتزامهم الراسخ بالمسار الحداثي المتمسك بمفردات و خصوصيات الهوية الحضارية المغربية الضاربة جذورها في عمق التاريخ الإنساني و الذي يشكل إختيارا لا رجعة فيه تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله الذي رسم نموذجاً مشرفاً للحكم الرشيد والتنمية الشاملة و الإرتباط المباشر بقضايا رعاياه الاوفياء و الإلتزام الكامل بخدمة طموحاتهم في العيش الكريم كما يظهر بوضوح العمل الدائم لتعزيز القيم الحضارية و الإنسانية والدينية العريقة التي تميز الشعب المغربي و هو ما أكد عليه جلالة الملك في خطابه السامي قائلا اعزه الله : ” لقد أنعم الله تعالى على بلادنا بالتلاحم الدائم، والتجاوب التلقائي، بين العرش والشعب ، وهو ما مكن المغرب من إقامة دولة – أمة، تضرب جذورها في أعماق التاريخ.” إنتهى الإقتباس .
المملكة المغربية الشريفة تحت قيادة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس تعتبر نموذجاً للتعايش السلمي والإحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والديانات و تتمتع بمكانة مرموقة و محترمة على المستوى الإقليمي والدولي و تعتبر شريكا موثوقا للسلام و الأمن و الإستقرار لمختلف القوى و الدول الفاعلة في المحاور الجيوسياسية الكبرى وذلك بفضل الرؤية الحكيمة المتبصرة و الرصينة لجلالة الملك محمد السادس الذي يضع في صلب إهتماماته القضايا الاجتماعية والإقتصادية والثقافية التي تمس رعاياه ويعمل بلا كلل وملل على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية و المجالية والحرية والديمقراطية في إطار مغرب متعدد و متفرد بتاريخه المجيد و بملكية مواطنة لها إرتباط عضوي متجدد و دائم مع مختلف أطياف و مكونات الشعب المغربي .
المتأمل للتاريخ المجيد للأمة المغربية عبر العصور و الأزمنة يشعر بالفخر لشعب عريق سطر أبناءه و بناته ملاحم كبرى في الذوذ عن الأرض و العرض و حماية المقدسات ملتفين حول العرش المغربي و مؤسسات الدولة و لك صديقي القارئ في كتب التاريخ الإنساني أن تطالع بإعتزاز و إفتخار ما سطره تاريخ الأجداد من ملاحم خالدة في معركة الزلاقة و معركة الأرك و معركة الدوندونية و معركة وادي المخازن و ملاحم الجهاد البحري و المعارك المقدسة لتحرير الثغور و صيانة إستقلال الوطن بناء الدولة المغربية بهويتها الحالية في عهد المخزن العلوي الشريف إلى معركة التحرير من ربقة الإستعمار مع بطل الأمة المغفور له محمد الخامس قدس الله سره و الملحمة الخالدة المتمثلة في المسيرة الخضراء مع مبدع المسيرة و أب الأمة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه إلى العهد الزاهر لقائد المسيرة التنموية المتجددة مع جلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده .
في العقود الأخيرة كانت الدولة المغربية ولازالت تخوض معارك حقيقية في كل المجالات و الميادين ، ملاحم كبرى سطرتها العبقرية المغربية إنطلاقا من الإستثناء المغربي حيث إستطاع المغرب مواجهة الرياح العاصفة للخريف العربي و أدواته التخريبية و تداعياته المدمرة على إستقرار و وحدة الشعوب إلى ملحمة إنجاح الحجر الصحي و الإنتصار على الوباء و تكريس السيادة الترابية في ملحمة الكركرات ثم العمل على إبتداع و تنزيل نموذج تنموي مغربي يقدم حلولا مغربية لإشكالات مغربية بأيادي و عقول و كفاءات مغربية .
جدية المغاربة و إلتزامهم الثابت و الراسخ بقدسية الأرض و الإرتباط الدائم بالعرش العلوي المجيد هو ما يفسر تفرد هذه الأمة و قدرتها على النهوض في لحظات تاريخية فارقة لتبهر العالم في كل حقبة تاريخية بعبقريتها و قدرتها على الإبداع و العطاء و هو ما عبر عنه جلالة الملك محمد السادس نصره قائلا بأن : “المغاربة معروفون، والحمد لله، بخصال الصدق والتفاؤل، وبالتسامح والانفتاح، والاعتزاز بتقاليدهم العريقة، وبالهوية الوطنية الموحدة ، والمغاربة معروفون على الخصوص بالجدية والتفاني في العمل. ” إنتهى الإقتباس ؛ هي دعوة ملكية سامية و توجيه ملكي مباشر إلى كل من يهمه الأمر بإستنهاض قيمنا المشتركة المتمثلة في روح تمغربيت و إعادة توظيفها بشكل يتناسب و طموحات الشعب المغربي في العيش الكريم حيث أن الجدية التي تكلم عنها الخطاب الملكي السامي قد تجدها صديقي القارئ في المشاريع الملكية التي يشرف و يواكبها سيدنا بشكل مباشر كورش الحماية الإجتماعية و المشاريع الإستراتيجية الكبرى التي أثبت نجاعتها و قدرتها على الرقي بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة كمشروع ميناء طنجة المتوسط و قريبا ميناء الناظور شرق المتوسط و ميناء الداخلة الأطلسي و مشروع طريق المغرب – إفريقيا العابر للصحراء المغربية و مشاريع تشجيع التصنيع في مجال صناعات الطيران و السيارات و إستراتجية تدبير الموارد المائية التي تحظى بعناية ملكية سامية لما تشكله من إنعكاس حقيقي على الأمن القومي للوطن و مستقبل الأجيال الصاعدة و في رؤية جلالة الملك المتبصرة و المستنيرة للعمل الديبلوماسي الذي يراكم إنتصارات ميدانية و سياسية متلاحقة في معركة الوحدة الترابية و في العمل النوعي و المهني العالي جدا الذي تقوم به المؤسسات الإستراتيجية و السيادية من أجل الحفاظ على أمن و إستقرار الوطن و سلامة أراضيه ؛ الجدية الملكية تتمثل في العلاقة الأبوية مع الأمة المغربية مع الثبات على المبادئ و الوفاء للقيم الإنسانية السمحاء و التقاليد الحضارية العريقة و التمسك بالشخصية المغربية المتفردة و الخصال الإنسانية النبيلة و الإصرار على قيام الملكية بدورها الدستوري كاملا في كل الظروف و المواقف و سرعة الإستجابة و التفاعل مع رغبات الأمة و الحزم في إتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب بما يتناسب مع المصالح العليا للشعب المغربي.
إستلهام الجدية الملكية في مواكبة المشاريع الوطنية و البرامج الكبرى و السهر على خدمة الشعب المغربي بكل مسؤولية و إلتزام هي التوليفة المناسبة للإستمرار في تحقيق المنجزات بشكل سليم و فاعل و عدم الإكتفاء بها كشعارات فضفاضة بدون أي أثر مباشر و هو ما أكد عليه جلالة الملك محمد السادس قائلا : “إن ما ندعو إليه، ليس شعارا فارغا، أو مجرد قيمة صورية. وإنما هو مفهوم متكامل، يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنسانية. فكلما كانت الجدية حافزنا، كلما نجحنا في تجاوز الصعوبات، ورفع التحديات” إنتهى الإقتباس ؛
الخطاب الملكي السامي أكد على دور الشباب المحوري في تحقيق النهضة الشاملة و التنمية المستدامة بإعتباره ركيزة رئيسية في بنية المجتمع فالشباب هم المستقبل والأمل الذي تعتمد عليه المجتمعات في بناء مستقبل مشرق ولذلك فله دور حاسم في تحقيق الأهداف التنموية ، الشباب يمتلكون الحماس والإبداع والطاقة اللازمة للعمل على تحديث المجتمع وتطويره مما يتطلب الجدية من الفاعل المؤسساتي و المجتمعي في فتح الآفاق المناسبة القادرة على إستيعاب قدرات الشباب المغربي في الإبداع و الإبتكار و توفير الفرص التعليمية والتدريبية المناسبة و المتكافئة وتحفيزه على المساهمة في البناء التنموي و الإنخراط في الأوراش الكبرى كشريك متقدم و دعم رغباته في العمل التطوعي والمجتمعي وتمكينه من العمل على تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي يطمح إليها حيث أكد جلالته : “الشباب المغربي، متى توفرت له الظروف، وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم، بإنجازات كبيرة، وغير مسبوقة ” إنتهى الإقتباس ؛ و الشباب المغربي قد أظهر هذه الحقيقة و أبهر العالم في نتائج تاريخية بكأس العالم قطر 2022 بأسلوب مغربي ينهل من تركيبة الشخصية المغربية بخصوصياتها المتفردة القوية الشكيمة و الصادقة في العمل و المحبة للسلام ترجمه الأسود في الميدان بلعب نظيف جدا ومهارات تنافسية قوية و أداء جماعي مبهر و سلوك إنساني أدهش العالم و قدم له حقيقة الشعب المغربي الحامل لمشعل حضارة إنسانية عريقة ضاربة جذورها في التاريخ .
الخطاب الملكي عدد مجموعة من مجالات إشتغالات الدولة التي تعتمد مفهوم الجدية كمنهاج للعمل و كطريق لتحقيق النجاح و مراكمة النتائج الإيجابية فإنخراط المغرب في تنزيل برامج الحكامة، وإنعاش الاستثمار، وتثمين المؤهلات البشرية والاقتصادية للبلاد كما أن الآداء القوي و الجدي و المهني المحترف لمؤسسات الدولة الإستراتيجية في ملف الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة و الذي يعتبر من أهم مرتكزات النجاح المغربي حيث أكد جلالته : ” تتجسد الجدية عندما يتعلق الأمر بقضية وحدتنا الترابية. فهذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.” إنتهى الإقتباس ؛ تطوير العلاقات مع دولة إسرائيل و موقفها الجدي من مغربية الصحراء لا تعني تنكر المغرب لمواقفه الثابتة و الراسخة و الجدية إزاء عدالة القضية الفلسطينية حيث أكد جلالته على : “موقف المغرب الراسخ، بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية؛ بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة”. إنتهى الإقتباس ؛
في ظل حالة اللايقين التي يعرفها العالم بسبب الإنعكاسات المدمرة لجائحة كورونا و تداعيات صراع المحاور العالمية و ما أسماه الخطاب الملكي بإهتزاز منظومة القيم و المرجعيات اليوم نحن بحاجة إلى التشبث بقيم تمغربيت الأصيلة التي تؤطر طبيعة تفاعلاتنا في المجتمع ، المغرب الجديد المتشبث بروح تمغربيت المقدس لمؤسسة العائلة ودورها المركزي في الحفاظ على النسيج المجتمعي و صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك داخل نسق مغربي ، حيث يشكل شعارنا الخالد الله – الوطن – الملك الإطار المرجعي لعلاقاتنا و المحدد الأول و الأخير لإخلاصنا لقضايا الوطن و لإعتزازنا بتاريخه الحضاري العريق عن طريق التمسك بالوحدة الترابية للمملكة المغربية بإعتبارها قضيتنا المركزية التي تبقى حقيقة تاريخية لا يمكن تجاوزها فإستحضار قيمنا الراسخة في مخيالنا الجماعي هو أول الطريق للإنفتاح على العالم و على أساسها تتشكل نظرتنا إليه و على أساسها نواصل الطريق من أجل مواصلة المسار التنموي الذي يضعه جلالة الملك في صلب أولولياته خدمة لقضايا شعبه و تحقيقا لطموح جماعي يهدف إلى تنزيل إختيار الدولة الإجتماعية الحامية تماشيا مع مضامين دستور2011 الذي أكد في فصله الأول على البعد الاجتماعي للدولة المغربية .
هذا البعد النبيل الذي ظهر جليا كأحد الدروس الكبرى المستخلصة من جائحة “كوفيد 19″ حيث استطاع المغرب أن يقدم تجربة إنسانية رائدة في تدبير هذا الوضع الغير المسبوق، وهي التجربة التي كانت محط إشادة وإهتمام العديد من الهيئات الدولية ، تجربة بفضل التوجيهات الملكية السامية إستطاعت تمكين كل فئات المجتمع خصوصا تلك التي تعاني الهشاشة من تدبير هذه الظروف الصحية الطارئة ومواجهة آثارها السلبية بسبب الإلتزام المشترك بين الدولة و الشعب من أجل إنجاح معركة الحجر الصحي و ما تلاه من إجراءات صارمة و جدية جنبت البلاد كارثة صحية كبرى .
خطاب عيد العرش لهذه السنة يمكننا أعتباره تكرسيا للموقف المغربي الدائم من الجزائر و الشعب الجزائري و للحقيقة التاريخية هي أن الدولة المغربية ظلت طوال تاريخها العريق إلى جانب الشعب الجزائري في كل محطاته التاريخية منذ فجر التاريخ إلى اليوم ، حيث أن هذا الخطاب يعيد التذكير بتصور المملكة المغربية للعلاقات مع الجزائر في بعدها الإستراتيجي و السياسي و الشعبي و أنهى بشكل عقلاني و مسؤول كل محاولة لمس جوهر هذه العلاقة التاريخية العابرة لكل الأزمات المفتعلة و الصراعات المجانية و أكد بشكل مباشر على نضج و تقدمية و جدية الخطاب الرسمي المغربي من خلال التأكيد على إستقرار العلاقات المغربية الجزائرية و تأكيد على رفض المغرب الإنجرار وراء خطاب المؤامرة و نستشف دعوة الجزائر على أعلى مستوى لطي صفحة الخلاف المفتعل و إنهاء سوء الفهم التاريخي و تجاوز المنطق التوسعي البومديني حيث أن الدولة المغربية بكل الجدية الممكنة متمسكة بثبات مواقفها السياسية الديبلوماسية و إستعدادها الكامل لتحمل مسؤوليتها التاريخية كدولة – أمة لإعادة بناء كيان إقليمي ديمقراطي متكامل و متضامن هو ” مغرب الشعوب ” في ظل ظروف اللايقين الإقتصادي و الإجتماعي الحالية المليئة بالتحديات الأمنية التي تعيشها الشعوب المغاربية في ظل أحداث إقليمية متقلبة في واقع دولي مضطرب ، ما يتطلب تعزيز جهود الوحدة والتعاون بدلا من الفُرقة والعداوة المفتعلة ، الموقف من الجزائر في خطاب عيد العرش هو رسالة إلى الجميع و بشكل جدي بأن المغرب متشبت بثوابته الدبلوماسية العريقة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى و التمسك بالحوار الجدي البناء من منطلق قوة و الإصطفاف وراء الشرعية الدولية و الشفافية و الوضوح في كل مساراته السياسية مع الجيران كما يتمسك بسيادته الكاملة على إتخاذ قراراته الإستراتيجية و لا ينصاع لأي مؤامرة تستهدف لي ذراعه و تحقيق مكتسبات على حساب سيادته و مصالحه.
و اليوم بعد أربع و عشرين سنة على تربع جلالة الملك محمد السادس لعرش أسلافه الميامين و بعد قرون عاشتها الأمة المغربية في ظل الدولة العلوية المجيدة إذا كان لإستقرار المغرب و إزدهاره و تقدمه و تعزيز مكانته الاقليمية و الدولية على مر القرون التي مضت و القرون القادمة كلمة سر فهي النظام الملكي و الدور التاريخي و الحضاري الذي تلعبه المؤسسة الملكية في تدبير العلاقات بين كل مكونات و أطياف الشعب المغربي بالجدية اللازمة و الأبوية الصادقة و الإلتزام التام بخدمة مصالح الوطن و الشعب المغربي، لأن ثبات و إستقرار و أمن و آمان المملكة المغربية كان و لا يزال مرتبطاً بالعرش العلوي ، ذكرى عيد العرش المجيد مجرد إحتفال سنوي أو عيد وطني نرفع فيه الأعلام و صور الملك و تقام فيه الحفلات و إنما هو يوم يذكرنا بأن جميع أطياف الأمة المغربية العظيمة تضع ثقتها في ملك البلاد لحمايتها و حماية سيادتها و وضعها في مكانتها الطبيعية بين مصاف الأمم و القوى الدولية، كما عهدناها منذ قرون و كلنا ثقة في أن صاحب جلالة الملك محمد السادس يقود البلاد بحكمة الأجداد و بإصرار على إستكمال المسيرة و تحقيق طموحنا الجماعي في مغرب التمكين و السيادة و الجرأة كما قادها أجداده الكرام بكل شرف ومسؤولية و هنا نستلهم كلمات من ذهب لأب الأمة المغفور له جلالة الملك الحسن في أول خطاب عرش وجهه إلى الأمة المغربية قبل ستين سنة قائلا رحمه الله : ” لم تفتاً وقائع التاريخ تبرهن على ان الشعب المغربي شعب مجيد عظيم تزخر عبقرياته، وتترادف معجزاته، وتتوالى آياته، وإذا كان من تعليل لبقائه على الدهر وصموده أمام جميع العواصف وخروجه منها عالي الرأس موفور الكرامة فهو ما يتحلى به أبناؤه من فضائل ومروءات وما يسودهم على الدوام ولاسيما في الأوقات العصيبة من إخاء وتعاطف وتراحم وتسامح، وتضامن وتعاون وإجتماع لكلمة ووحدة صف وإحترام للكبير، وحنو على الصغير، وشدة بأس، وبعد نظر، وتمسك بالقيم الروحية السامية، والتقاليد السليمة، فليحافظ كل فرد من شعبي على هذه الأخلاق، وليبرهن على وعيه ونضجه ومعرفته بحقوق المواطنة وواجباتها، وليحب لأخيه ما يحب لنفسه، وليجعل الاخلاص شعاره في العمل سواء كان موظفا أو مثقفا أو تاجرا أو فلاحا أو صانعا أو عاملا، فانما الأمم بأخلاقها لا بوفرة أعدادها. ” بهذه الكلمات أنهى المُعَلِّم أبو الأمة المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني أول خطاب لعيد العرش يوم 3 مارس 1963 ليؤسس معالم المغرب الجديد المغرب الذي واجه التحديات و المؤامرات الداخلية و الخارجية و إستطاع الإنتصار في معركة التحرير و إستعادة الأرض المقدسة و الذوذ عن التراب الوطني بالغالي و النفيس .