مجموعة مسناوة تلتقي بالجمهور المغربي في ليلة الزجل بمدينة مرتيل
تنظم دار الشعر بتطوان “ليلة الزجل” يوم الأربعاء الثاني من أغسطس 2023، في المركز الثقافي بمدينة مرتيل، ابتداء من التاسعة ليلا، بمشاركة زجالي وزجالات المدينة، بينما تحيي مجموعة مسناوة هذه الليلة الزجلية، وهي تؤدي روائعها الغنائية والشعرية التي أبدعتها منذ ثمانينات القرن الماضي.
يشارك في الأمسية الشاعر الزجال نورالدين مغوز والشاعرة الزجالة سناء الركراكي والشاعر الزجال عبدالمالك السرحاني والشاعرة الزجالة عشوشة مغوز والشاعر الزجال إسماعيل الرهوني، وهم يكتبون نصوصا متقاربة من حيث اللغة الشعرية والصور الزجلية، في ما يشبه اتجاها في كتابة الزجل، من ضمن مرجعياته الأغاني الخالدة للمجموعات الغيوانية، وفي طليعتها مجموعة مسناوة.
ولشباب مدينة مرتيل ولع بالأغاني الغيوانية منذ عقود من الزمن، بينما تستضيف المدينة اليوم أكبر تجمع للمغاربة من داخل البلاد وخارجها، الذين يترددون على جمال مرتيل لقضاء العطلة الصيفية، حيث تضرب دار الشعر موعدا من أجل الإنصات للأغنية الغيوانية، والاستماع إلى الروح الشعرية لهذه المدينة الشاطئية، على لسان شعرائها الزجالين.
وعلى غرار “ناس الغيوان”، التي لم تقف على مدار عقود عند حدود السياسة، بل تغنّت بالحياة والوجدان والتراث والأحلام والهموم الصغيرة للناس، وذاع صيتها في السبعينات والثمانينات، وانتشرت أغانيها بسرعة غريبة، رغم الحصار الإعلامي الذي واجهوه في البداية، فإن هناك العديد من المجموعات التي وجدت أعمالها صداها لدى شرائح مختلفة من المجتمع المغربي ومنها مجموعة مسناوة.
ومنذ مطالع الثمانينات تأسست مجموعة مسناوة في الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، ذلك الحي الشعبي الذي تخلقت من رحمه المجموعات الغنائية الكبيرة بقصائدها الشعبية الشهيرة، مثل ناس الغيوان وجيل جلالة ولمشاهب ومسناوة والسهام وتكادة وغيرها، إلى جانب فرق مسرحية وتجارب شعرية وأدبية جددت في الممارسة الإبداعية وجعلتها ملتصقة بروح المغاربة وبسرديتهم الخاصة ومدونتهم الشعبية الخصبة، وشعريتهم المستمدة من هويتهم المتفردة والمتعددة، إيقاعا وخيالا وصورا وجمالا ورؤى وتصورات، انبثق ذلك كله من حي شعبي عريق رفد من الألوان الموسيقية والشعريات المحلية الوافدة على الدار البيضاء الكبرى من مختلف مناطق المغرب.
وما يحسب لمجموعة مسناوة أنها أثرت المدونة الغيوانية بقدر ما أثرت الفرق الغنائية الأخرى بعناصرها، حيث التحق البعض من أعضائها بمجموعة ناس الغيوان وغيرها.
أما على مستوى الكلمة الشعرية فقد تميزت المجموعة بكتابة قصائدها بشكل جماعي، فضلا عن النصوص الخالدة التي كتبها الراحل محمد باطما، مثلا، ومنها أغنية “حمادي”، التي تستحضر واحدة من أهم الأساطير المغربية المتوسطية التي تمجد المرأة أُمّا وعاشقة، وتواجه القدر بالشعر والخيال.
لا تزال مجموعة مسناوة تحمل مشعل الأغنية الغيوانية وتواصل الجهر بتجربتها الشعرية الغنائية، من خلال الكثير من الأغاني الراسخة في ذاكرة المغاربة
ولئن كانت الأغنية الأولى ترثي وفاة حمادي وغرقه في الوادي، حسب الأسطورة، فقد أبدعت المجموعة بعد سنوات من ذلك أغنية جديدة بعنوان “رجوع حمادي”، تمثلت فيها أن حمادي لم يلفظ أنفاسه في الوادي، بل عثرت عليه شابة جميلة هي “حيفا” بنت الصياد، التي أنقذته من الموت، وعشقته، وحين عاد إلى بلدته للقاء أمه وجدها قد ماتت، لكن أشجار الزيتون التي غرسها كانت لَمّا تَزَلْ على قيد الحياة والعطاء.
وفق هذه الرؤية الشعرية لا تزال مجموعة مسناوة تحمل مشعل الأغنية الغيوانية، إلى جانب المجموعات الأخرى، وهي تواصل الجهر بتجربتها الشعرية الغنائية، من خلال الكثير من الأغاني الراسخة في ذاكرة المغاربة.
ويبقى الزجل من أبرز ملامح الشعرية المغربية، لكن طريقه لم يكن سالكا، فبالرغم من الشّرعية الحضارية الضاربة في ربوع التاريخ، فقد عاش الزجل في المغرب جُرحَه الخاص. لقد كان يُنظر إليه دوما كقصيدة عمومية أو شعبية، غير قادرة على أنْ تنتسب إلى حقْل الأدب الرفيع، المكتوب باللغة العربية المدرسية، علما أنّ الدارجة التي يكتبُ بها هي سليلةُ اللغة العربية. وهما معًا تشتركان في العديد من الخصائص التركيبية والدلالية والمعجمية. يتجلّى ذلك الجُرح في استبْعاد هذا الشعر من المقرر الدراسي في كافة الأسلاك التعليمية، ومن النّشر في بعض المنابر الثقافية وحِرمان منتجيه وشعرائه من الانتساب إلى المؤسسات الثقافية الوطنية.