تفاعل فلسطيني مع رسائل الدعم المغربية
شكلت الذكرى الرابعة والعشرون لاعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، التي احتفل بها الشعب المغربي في 30 يوليو الماضي، مناسبة للتأكيد على مكانة القضية الفلسطينية، باعتبارها إحدى ثوابت السياسة الخارجية للمغرب.
ثمنت أطراف سياسية فلسطينية رسائل الدعم المغربية التي أرسلها العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى اعتلاء العرش، حيث كشفت اهتمام الرباط بالقضية الفلسطينية دبلوماسيا وسياسيا.
وتعد القضية الفلسطينية إحدى ثوابت السياسة الخارجية للمغرب والعمل الدبلوماسي والإنساني للمملكة بقيادة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، من أجل نصرة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة. وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أن العلاقة بين فلسطين والمغرب علاقة ضاربة في التاريخ.
واحتفلت سفارة المملكة المغربية لدى فلسطين مساء السبت بالذكرى الرابعة والعشرين لاعتلاء العاهل المغربي العرش، وذلك في فندق الكرمل بمدينة رام الله، بحضور رئيس الوزراء وعدد من الوزراء والمسؤولين والدبلوماسيين العاملين في فلسطين، وأعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير المركزية لحركة فتح، وشخصيات دينية إسلامية ومسيحية.
وهنأ رئيس الوزراء محمد اشتية في احتفال سفارة المملكة المغربية لدى فلسطين، المغاربة بعيد العرش المجيد متمنيا دوام الصحة والعافية للملك محمد السادس.
وثمن اشتية ما أكد عليه الملك محمد السادس في خطاب العرش من “دعم للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وهذا الموقف يجسد التضامن القوي بين الشعبين والالتزام بقضايا الأمة العربية”.
وأضاف “العلاقة المتميزة بين فلسطين والمغرب هي علاقة ضاربة في التاريخ بدأت في زمن الناصر صلاح الدين، عندما جاءت الجالية المغربية لفلسطين وعاشت في القدس، حيث هدم حي المغاربة في القدس وأقيم مكانه الحي اليهودي، ودفع أهلنا المغاربة خارج حدود المدينة ضمن معركة الاحتلال تزوير التاريخ العربي الإسلامي والمسيحي لمدينة القدس. ونذكر بفخر انتصار المغرب لدعم منظمة التحرير الفلسطينية عام 1974، ليتم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني”.
من جهته أكد الناطق باسم حركة فتح الفلسطينية منذر الحايك أن “الملك محمد السادس أكد في خطابه إلى الأمة بمناسبة عيد العرش أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة مركزية بالنسبة إلى المغرب والمغاربة”.
وأضاف الحايك أن “الملك محمد السادس عبّر في هذا الخطاب عن موقف المغرب الراسخ بخصوص عدالة القضية الفلسطينية، وعن دعمه للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”.
وسجل الناطق باسم حركة فتح أن “العاهل المغربي، رئيس لجنة القدس، ما فتئ يدعم القضية الفلسطينية، وذلك من خلال المشاريع والبرامج التي تنفذها وكالة بيت مال القدس الشريف الذراع الميدانية للجنة القدس”.
كما أعرب منذر الحايك عن “تقدير الشعب الفلسطيني للجهود والدعم المادي والمعنوي المتواصل الذي ما فتئ يقدمه المغرب للفلسطينيين ملكا وحكومة وشعبا”، مشددا على “صمود الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه المشروعة ومقدساته الوطنية ومن ضمنها القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين”.
بدوره، قال وكيل المؤتمر الشعبي للقدس يونس العموري إن “موقف المغرب من القضية الفلسطينية منسجم سواء تعلق بالموقف الشعبي أو الحكومي أو موقف الملك، وهو غير قابل لأي، تأويل كما لا يمكن تفسيره بغير تفسيره الصحيح وهو الدعم المطلق للقضية الفلسطينية عربيا وإقليميا ودوليا”.
واتسم موقف الرباط من النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بالوضوح والتوازن، بعيدا عن الشعارات والمزايدات السياسية التي لم تساهم سوى في تعطيل عملية السلام.
وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن “تفاعل الهيئات الفلسطينية مع مضامين الخطاب الملكي في شقه المتعلق بالرؤية الملكية بخصوص تطورات الملف الفلسطيني، يجسد دور المغرب السياسي في بناء عملية السلام وموقف المغرب المسؤول والتاريخي والمستمر من القضية الفلسطينية”.
وأضاف في تصريح لـه أن “الخطاب الملكي بمثابة طمأنة سياسية والتزام مسؤول من طرف أعلى سلطة في المغرب تجاه القضية الفلسطينية، والدعم الملكي لعدالة قضية الفلسطينيين هو قيمة من قيم المغرب السياسية ومبدأ من مبادئ العمل الدبلوماسي للرباط”.
وتابع معتضد، “الفلسطينيون يلتقطون دائمًا وبشكل إيجابي الإشارات الملكية المتعلقة بقضيتهم ويعتمدون بشكلٍ كبير على دور المؤسسة الملكية في الدفاع عن حقوقهم والمساهمة بالخصوص على مطالبهم المشروعة. شفافية الموقف المغربي، تجاه القضية الفلسطينية، الذي حمله خطاب الملك، يكرس مرة أخرى للانخراط المسؤول والتفاعل الجدي مع ملف الفلسطينيين إقليميًا ودولياً، ويبرهن لمختلف الفاعلين الإقليميين أن دور المغرب السياسي في هذا النزاع التاريخي هو جزء لا يتجزأ من رؤيته الوطنية”.
وتجلى موقف المغرب بوضوح في الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي أشاد فيها بالقرار الصائب والمتبصر لدولة إسرائيل القاضي بالاعتراف بسيادة المملكة على صحرائها، حيث شدد، من خلال دعوته الوزير الأول الإسرائيلي القيام بزيارة إلى المغرب، على أن من شأن هذا اللقاء أن “يشكل مناسبة لتعزيز آفاق السلام لفائدة جميع شعوب المنطقة، وذلك باستحضار مضمون الإعلان الثلاثي الموقع في 22 ديسمبر 2020 بين المملكة المغربية والولايات المتحدة ودولة إسرائيل، بما في ذلك ما يتعلق بالمبادئ التوجيهية التي يجب أن تحكم تسوية النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”.
وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري لـه أن تصريحات المسؤولين الفلسطينيين انعكاس إيجابي لتشبث المغرب بالقضية الفلسطينية ما يعطي التفاؤل والثقة بالملك محمد السادس بشأن المساهمة الفعالة في استمرار العمل لتحقيق السلام والعودة إلى المفاوضات واستمرار عمل وكالات التعاون الدولي”.
وأضاف “الفلسطينيون أدركوا أن العلاقات المغربية – الإسرائيلية ستخدم آفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
وكان الملك محمد السادس قد أكد في الرسالة التي وجهها إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن)، رئيس دولة فلسطين في 23 ديسمبر 2020، أن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربية الصحراء لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة، وأنه سيواصل انخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط.