العاهل المغربي يرسخ سياسة اليد الممدودة كخيار للتعامل مع الجزائر

ماموني

يعكس استمرار الإيجابية والهدوء تجاه الجزائر في خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لعيد العرش، رغم القطيعة الدبلوماسية المعلنة منذ حوالي سنتين والاستفزازات الجزائرية التي لا تتوقف، أن سياسة اليد الممدودة التي تحدث عنها العاهل المغربي مرارا في خطاباته السابقة باتت خيارا مغربيا للتعامل مع الجزائر.

وتتسم خطابات العاهل المغربي بالهدوء تجاه الجزائر وكثيرا ما دعاها إلى الحوار والمصالحة وهو ما ترفضه السلطات الجزائرية التي لا تتوانى عن وصف المغرب بـ”العدو”.

 

محمد بودن: خطاب العاهل المغربي يجسد إيجابية المغرب في محيطه الإقليمي
محمد بودن: خطاب العاهل المغربي يجسد إيجابية المغرب في محيطه الإقليمي

 

وقال الملك محمد السادس “إن عملنا على خدمة شعبنا لا يقتصر فقط على القضايا الداخلية، وإنما نحرص أيضا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة دول الجوار”، وأضاف “خلال الأشهر الأخيرة، يتساءل العديد من الناس عن العلاقات بين المغرب والجزائر، وهي علاقات مستقرة، نتطلع لأن تكون أفضل”.

وتابع العاهل المغربي “نؤكد مرة أخرى لإخواننا الجزائريين، قيادة وشعبا، أن المغرب لن يكون أبدا مصدر أيّ شر أو سوء، وكذا الأهمية البالغة التي نوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين شعبينا، ونسأل الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين بلدينا وشعبينا الجارين الشقيقين”.

وقطعت الجزائر العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس 2021 بسبب ما وصفتها “بالأعمال العدائية للمملكة”، وأوقفت تدفق خط أنابيب الغاز إلى إسبانيا عبر المغرب، ومنعت في وقت لاحق جميع الطائرات المغربية من عبور مجالها الجوي.

كما أغلقت الحدود بين البلدين منذ العام 1994 بسبب اتهام المغرب للجزائر بالضلوع في تفجير فندق سياحي وسط مراكش.

وقال محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية أن خطاب العاهل المغربي يعكس تمسكا برابط الأخوة مع الجزائر ويجسد إيجابية المغرب في محيطه الإقليمي، كما يرسخ سياسة اليد الممدودة كخيار وليس كوجهة نظر فقط.

 

عمر الشرقاوي: خطاب العاهل المغربي حافظ على الخط السياسي للملكية تجاه الجزائر
عمر الشرقاوي: خطاب العاهل المغربي حافظ على الخط السياسي للملكية تجاه الجزائر 

 

ودأب المغرب على  بعث رسائل إيجابية، وتقديم يد المصالحة للجزائر ودعوتها للجلوس إلى طاولة الحوار لحل المشاكل ومواجهة التحديات الإقليمية، وهو ما تقابله الجزائر بالرفض.

وأكد عمر الشرقاوي أستاذ القانون بجامعة المحمدية  أن خطاب العاهل المغربي حافظ على الخط السياسي للملكية تجاه الجزائر المبني على سياسة اليد الممدودة، مضيفا “لقد ظهر أن الموقف الملكي يتجاوز الحرارة الظرفية للملف، ويفوق سلوكيات الاستفزاز التي يقوم بها حكام الجزائر”.

وكان الباروميتر العربي، وهو شبكة بحثية مستقلة، قد نشر في يناير الماضي نتائج استطلاع للرأي أظهر أن معظم المغاربة يتبنون سياسة اليد الممدودة للمملكة المغربية تجاه الجارة الجزائر، والتي تعامل ويتعامل بها الملك محمد السادس، وأن 67 في المئة من المغاربة المشاركين فيه يؤيدون فتح الحدود البرية مع الجزائر.

ولفت الشرقاوي إلى أن “خطاب العرش تضمن مصطلحيْن سياسيين جديديْن، حيث حافظت الخطب الملكية على وظيفتها التوليدية في إنتاج المفاهيم السياسية، متمثليْن في الجدية والجد كمفهوميْن متحكمين في تدبير الشأن العام”.

وكرر العاهل المغربي في خطابه مصطلح الجدية وربطه بتحقيق عدة إنجازات رياضية وصناعية ودبلوماسية.

وبحسب الملك محمد السادس فإن “هذه الجدية والمشروعية” هما اللتان أثمرتا “توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي”.

 

عبدالله بوصوف: الجدية المغربية التي تحدث عنها العاهل المغربي تشمل حسن الجوار
عبدالله بوصوف: الجدية المغربية التي تحدث عنها العاهل المغربي تشمل حسن الجوار

 

وراكم المغرب في السنتين الأخيرتين مكاسب إيجابية على مستوى ملف الصحراء المغربية، تمثلت في الاعتراف الأميركي وفتح قنصليات وتمثيليات دولية في الأقاليم الجنوبية، بالإضافة إلى اعتراف عدد من الدول بسيادة المملكة على صحرائها منها ألمانيا وإسبانيا وإسرائيل وتأييد مبادرة الحكم الذاتي كمقترح واقعي ذي مصداقية للحل في الصحراء.

واعتبر محمد بودن أن “الخطاب الملكي جعل من الجدية مفتاحا للنجاح الذي حققه المغرب في ملف وحدته الترابية، وبنفس الجدية فالموقف الواضح بخصوص القضية الفلسطينية ليس غريبا عن الملك محمد السادس الذي كان دائما في طليعة الداعمين لحقوق فلسطين بالعمل الدبلوماسي والإنساني الميداني وهذه صورة واضحة لجدية المغرب، ما يعكس حنكة إستراتيجية وفهما أعمق لمقومات المستقبل في سياق عالمي وإقليمي معقد تزايدت معه التوترات الجيوسياسية، وقررت معه المملكة أن تتحمل المسؤولية وتساهم بدور إيجابي وجدّي في محيطها الإقليمي”.

بدوره أكد عبدالله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج في تصريح لـه على أن الجدية المغربية التي تحدث عنها العاهل المغربي تشمل حسن الجوار، والحرص على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الصديقة والشقيقة، لذلك خصص خطاب العرش لهذا العام فقرات مهمة وتاريخية بمده يد المصالحة إلى الجزائر، قيادة وشعبا، وإعادة الأمور إلى طبيعتها في إطار روابط المحبة والصداقة وتبادل التواصل وفتح الحدود بين الشعبين الشقيقين الجارين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: