دعوات للرئيس الفرنسي للاعتراف بمغربية الصحراء على غرار إسرائيل

ماموني

بعد اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء، ومن قبلها دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة، زادت الضغوط على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للسير في نفس الاتجاه، والخروج من المنطقة الرمادية التي يحاول أن يبدو فيها مع المغرب والجزائر معا، وهو ما لا تقبل به الرباط.

بعد الاعتراف الإسرائيلي بسيادة المغرب على صحرائه قبل أيام ارتفعت أصوات سياسيين ومسؤولين كبار داخل فرنسا تدعو الرئيس إيمانويل ماكرون للاقتداء بهذا التوجه والخروج بموقف واضح على غرار دول أوروبية وغيرها، وذلك لوقف تدهور العلاقات مع المملكة، ومن هؤلاء رئيس حزب الجمهوريين الفرنسي إريك سيوتي الذي رحب باعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء، داعيا فرنسا إلى المساهمة في “تسوية هذه القضية الإستراتيجية”.

وأشادت ميشيل تابارو، نائبة برلمانية عن حزب الجمهوريين الفرنسيين، في تغريدة لها على موقع تويتر بالقرار الإسرائيلي الأخير الذي اعتبرته “خطوة تتماشى مع التاريخ”، داعية في الوقت ذاته حكومة بلادها إلى “الاقتداء بتل أبيب والانخراط في معالجة هذه المسألة الإستراتيجية بالنسبة إلى شركائنا المغاربة”.

من جهته، تساءل النائب البرلماني الفرنسي بيير هنري دومون عن انتظار بلاده للاعتراف بدورها بسيادة المغرب على صحرائه، مضيفا في تغريدة على حسابه على تويتر أن الديمقراطيات الكبرى في العالم اختارت هذا الاتجاه، لكن فرنسا لم تحدد موقفها بعد مع أنها تعتبر صديقا تاريخيا للمملكة، فهذا أمر غير مفهوم ومخيب للغاية بحسبه.

 

◙ النائب الفرنسي بيير هنري دومون يتساءل ما الذي يؤخر موقف بلاده في الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه
◙ النائب الفرنسي بيير هنري دومون يتساءل ما الذي يؤخر موقف بلاده في الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه

 

ومع هذه الحركية من طرف سياسيين في فرنسا للضغط على الرئيس حتى لا تنعزل باريس عن الموقف الدولي الداعم للمغرب، أكد محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أنه بالنسبة إلى فرنسا لن تجد بدا من الخروج من المنطقة الرمادية والقيام بقراءة جديدة للتوازنات الدولية بعد الموقف الإسرائيلي والأميركي والإسباني، وستقف بشكل كبير على فشل اعتماد “سياسة الانخراط المزدوج” في قضية الصحراء.

وأوضح الطيار في تصريح لـ”العرب” أن سياسة ماكرون إلى جانب الجزائر وهي في نفس الوقت مع المغرب، وهذا ما جعل فرنسا لا تخرج بموقف رسمي يعترف بسيادة المغرب على صحرائه، بل دأبت طيلة العقود الماضية على توظيف قضية الصحراء لابتزاز المغرب سياسيا وتجاريا.

وعلى امتداد سنوات طويلة، سوقت فرنسا لصورة “الداعم الأممي” الوحيد للمغرب في مجلس الأمن، في قضية الصحراء، واستفادت منها اقتصاديا وسياسيا، لكن لم تواكب التغيرات التي طرأت على الملف دوليا وإقليميا خصوصا مع توسيع دائرة الدول الداعمة لرؤية المغرب في حل المشكل المفتعل، ومنها الولايات المتحدة وإسبانيا وأخيرا إسرائيل، مع فتح قنصليات لدول عربية وأخرى من أميركا اللاتينية وأفريقيا بمدن الصحراء المغربية والتي ناهزت حاليا 28 قنصلية.

وما زاد من توتر العلاقات بين فرنسا والمغرب التصريحات التي أدلى بها الدبلوماسي جيرالد أرود السفير الفرنسي السابق لدى الأمم المتحدة الذي ذهب بعيدا عندما اتهم المغرب بـ”الابتزاز”، بدعوى أن “لهجته تغيرت مع فرنسا منذ إعلان أميركا اعترافها بمغربية الصحراء، ونسي بعد ذلك أن فرنسا كانت لعقود تدافع لوحدها عن المغرب بمجلس الأمن”.

وفي تصريح صحفي قبل يومين دعا ثييري مارياني الوزير الفرنسي السابق والبرلماني الأوروبي بلاده للخروج من “الضبابية” بخصوص مغربية الصحراء، والاقتداء بالاعتراف الإسرائيلي، الذي سيكون أمرا جيدا لفرنسا، متوقعا ألا تستعيد العلاقات بين البلدين دفئها إلا بعد رحيل ماكرون.

وشدد إيرفيه مارساين رئيس مجموعة “اتحاد الوسط” في مجلس الشيوخ الفرنسي على ضرورة استلهام ماكرون من الخطوة الإسرائيلية، داعيا هو الآخر إلى “إصلاح العلاقات المغربية – الفرنسية”، التي دخلت في الآونة الأخيرة مرحلة “جمود دبلوماسي واضح”.

وأكد عبدالله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج لـ”العرب” أن اعتراف كل من إسبانيا وإسرائيل وأميركا وألمانيا وهولندا وغيرها بمغربية الصحراء، هو انتصار للمقاربة الواقعية، وهو خروج واضح من المنطقة الرمادية، وهو احترام لتاريخ وجغرافية المملكة المغربية الضاربة في عمق التاريخ، التي لا تقبل التفاوض ولا تخضع للابتزاز أو المساومة، لذلك جاء التأكيد أن قضية الصحراء المغربية هي النظارة التي ينظر بها المغرب إلى باقي العالم.

◙ اعتراف كل من إسبانيا وإسرائيل وأميركا وألمانيا وهولندا وغيرها بمغربية الصحراء هو انتصار للمقاربة الواقعية وخروج واضح من المنطقة الرمادية

وتعبيرا عن مستوى العلاقات بين البلدين سجل ملاحظون أن برقية التهنئة التي أرسلها العاهل المغربي الملك محمد السادس للرئيس الفرنسي بمناسبة العيد الوطني في 14 يوليو الجاري كانت مقتضبة وبروتوكولية جدا، حيث تفادى دعوة ماكرون لزيارة المغرب ودون أيّ إشادة بالعلاقات مع فرنسا، كما في السنوات السابقة. وأعرب العاهل المغربي في هذه البرقية عن “أحر تهانيه للرئيس إيمانويل ماكرون، مقرونة بتمنياته للشعب الفرنسي بمزيد الازدهار والرخاء”.

وبالمقابل بعث الملك محمد السادس رسالة إلى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد فيها على أن القرار “الهام” لدولة إسرائيل الاعتراف بسيادة المملكة المغربية على صحرائها، والنظر إيجابيا في فتح قنصلية بمدينة الداخلة، “صائب ومتبصر”، وأن “هذا القرار لقي ترحيبا واسعا من لدن الشعب المغربي وقواه الحية”.

وأضاف العاهل المغربي أن “هذا الزخم الذي تشهده العلاقات الثنائية غير مسبوق، سواء على مستوى تبادل زيارات المسؤولين الرسميين ورجال الأعمال، أو على مستوى تطوير الإطار الاتفاقي وتنويع التعاون وتعزيز المبادلات التجارية”، مشيرا إلى أنه “مما يبعث على الارتياح أن للروابط الإنسانية العميقة القائمة بين بلدينا دورا حاسما في هذا الشأن، لاسيما من خلال الجالية اليهودية المغربية في إسرائيل”.

ويشدد الطيار على أن الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء الذي عزز من الموقف الأميركي ومن مواقف دول أخرى وازنة، لا شك سيزيد من الضغوط على فرنسا ويجعلها تبحث عن مخرج وتغير إستراتيجيتها المعتمدة في قضية الصحراء وتتبنى موقفا داعما لوحدة المغرب الترابية، كما فعلت إسبانيا التي كانت إلى وقت قريب ثاني داعم لبوليساريو بعد الجزائر وأكبر حاضن لمختلف أنشطتها في أوروبا والداعم لمشروعها الانفصالي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: