الوداد والجيش والرجاء هيمنة مطلقة على ميركاتو المغرب
يواصل الثالوت المغربي القوي المؤلف من الجيش والوداد وبعدهما الرجاء السيطرة على سوق تعاقدات اللاعبين، في وقت تكتفي فيه بقية الفرق بمراقبة المشهد ومتابعته عن بعد. فالنشاط الكبير في سوق التعاقدات لأندية القمة المغربية سيحدث تباينا كبيرا وتفاوتا في المستويات قد يؤدي إلى مواصلة تفوقها محليا، وبالتالي سيطرتها على الألقاب، كما حدث في السنوات السابقة.
يكثف نادي الوداد الرياضي المغربي مرحلة تصفية اللاعبين للاستقرار على القوام النهائي الذي سيشارك به في مسابقات الموسم المقبل محليا وقاريا. وأكد مصدر من نادي الوداد أنهم بصدد استكمال ما سمّاه مرحلة “الغربلة”، إذ سيتم تسريح عدد من اللاعبين واستقدام آخرين.
وأوضح “سيشمل ذلك التغيير 12 لاعبا، وقد بلغ عدد الوافدين الجدد حتى الآن 6 لاعبين”. وأضاف “الفريق منفتح على التفاوض مع المزيد من اللاعبين”، كاشفا عن وصول محترف من بوروندي للتفاوض مع رئيس النادي سعيد الناصيري على الشروط التعاقدية. وأردف “رئيس الوداد يواصل مفاوضاته مع اللاعبين الذين انتهت عقودهم من أجل التمديد، كما يتفاوض لتسوية النزاعات وديا”.
على جانب آخر، عاد جناح الوداد محمد أوناجم للظهور داخل النادي، بعد أزمته مع المدير الفني السابق البلجيكي سفين فاندنبروك. وكان أوناجم تغيب عن مباراة الديربي ضد الرجاء في نصف نهائي كأس العرش بقرار انضباطي من فاندنبروك، بسبب تخلف اللاعب عن حضور التدريبات.
وظهر أوناجم في مركب بنغلون رفقة الجزائري إلياس الشتي الوافد حديثا للفريق ومواطنه الحسين بن عيادة. وسيكون أوناجم ضمن وفد الوداد المسافر إلى السعودية للمشاركة في كأس الملك سلمان للأندية الأبطال، إذ أكد المصدر أنه لا صحة لفسخ تعاقده. ويعد أوناجم أحد قدامى الوداد، إذ توج بلقب دوري أبطال أفريقيا 2017، وعاد إلى صفوفه بعد تجربة احتراف مع الزمالك المصري.
وظهر عبدالسلام بلقشور رئيس جهاز الرابطة الاحترافية مؤخرا في تصريحات صحافية، ليحذر الفرق من أن 5 منها فقط تستجيب لشروط الميركاتو، والبقية سيطالها المنع. ولفت الانتباه إلى أن الفيتو سيكون حاسما ودون تساهل ما لم تسدد الفرق المتبقية ديونها.
فروق شاسعة
وكان بلقشور وبتوصية من فوزي لقجع قد اجتمع برؤساء الأندية، ونبههم إلى أن عدد الملفات المعروضة على غرفة النزاعات للفصل فيها يصل إلى 600 ملف بالملايين من الدولارات، وأن هذا الوضع لا يشرّف الكرة المغربية، والميركاتو المقبل قد يشهد أكبر عملية مصادرة في التاريخ في حال لم تستجب الأندية لهذه التحذيرات.
ولم يختلف وضع الميركاتو الصيفي الحالي عن سابقه، فقد ظهر الثلاثي التقليدي المتمثل في الجيش والوداد والرجاء في الواجهة، وسيطر على التعاقدات. الجيش بطل المغرب بلغت تعاقداته إلى غاية الآن 6 منها ضم مدرب وهو التونسي نصرالدين النابي والحارسين الخياطي والدولي المهدي بن عبيد، والعامري من آسفي، إضافة إلى زحزوح من تواركة وأتورو من التوغو.
وسار الوداد على نفس النهج بالتعاقد مع 6 لاعبين ومدرب، حيث استقطب عادل رمزي مدرب رديف أيندهوفن الهولندي ولاعبين من الجزائر وهما إلياس الشتي وزكرياء دراوي، ثم عميدا وجدة وأكادير المهدي مفتاح ومحمد كريم، واستعارة منتصر الهتيمي من طرابزون التركي.
أما الرجاء، فقد أبرم 4 تعاقدات كان آخرها آدم النفاتي لاعب الجيش السابق وبلعمري مدافع الفتح وهاشم دومينيغو من جنوب أفريقيا، ثم عبدالله خفيفي العائد من تجربة احترافية من الخارج، مع التمديد لحارسه المخضرم الزنيتي، ولم يظهر أيّ أثر لبقية الفرق الأخرى إلى غاية الآن.
بلقشور أكد إذاعيا أن المنع ما يزال ساريا على الرجاء والأخير يحتاج 700 ألف دولار لإنهاء نزاعاته العالقة، بينما الوداد سدد 500 ألف دولار التي كانت تحول بينه وبين حيازة التصديق على صفقاته، والجيش صفقاته صحيحة لأنه دون ديون.
ولم يظهر أثر لفريق الفتح ثالث الدوري ونهضة بركان ممثلا المغرب بالكونفدرالية إلى غاية الآن في سوق التعاقدات، واكتفى بركان فقط بالتمديد للاعبه وعميده وهدافه يوسوفا دايو، بينما فرق أكادير وآسفي وطنجة وغيرها تواصل مراقبة المشهد ومعالجة إشكالية الديون قبل اقتحام السوق، الذي يبدو ميزانه مختلا بسبب الفوارق المالية الصارخة بين الفرق.
باشر المدرب الجديد عادل رمزي مهمته مع الوداد داخل مركب بنغلون بعد تعاقده مع الفريق لقيادته في الموسم المقبل. وسيقود المدرب السابق لرديف أيندهوفن الهولندي، فريق الوداد، لمدة موسم واحد، قابل للتجديد باتفاق الطرفين.
وعمل رمزي أيضا مساعدا في الجهاز الفني للفريق الأول لأيندهوفن الذي قاده النجم السابق لمانشستر يونايتد وريال مدريد رود فان نيستلروي. ويواجه عادل رمزي بعض التحديات منها شبح الموسم الصفري الذي عاشه الفريق ونزوات رئيسه المشهور باستبدال المدربين.
ويطل شبح الموسم الصفري بظلاله على سماء الوداد بعدما عانى النادي لعنة غريبة تمثلت في خسارة كافة البطولات عند محطة الأمتار الأخيرة. وخسر الوداد نهائي كأس العرش ثم السوبر الأفريقي أمام نهضة بركان، كما خسر نهائي دوري أبطال أفريقيا أمام الأهلي المصري، وخسر درع الدوري في آخر الثواني لفائدة الجيش الملكي.
كما خسر الوداد البيضاوي لاحقا كأس العرش مجددا أمام غريمه الرجاء بنصف النهائي، وفشل في تخطّي الدور الأول في مونديال الأندية. ويدرك عادل رمزي أن أيّ إخفاق يعني الإطاحة به، وذلك باستحضار سوابق رئيس النادي سعيد الناصيري ونزواته في تغيير المدربين بشكل مستمر.
تحديات صعبة
عادل رمزي على موعد مع رهانين سيختبران قدراته وهما “البطولة العربية المقرر إقامتها في السعودية، علاوة على الدوري الأفريقي”. وينافس الوداد البيضاوي في المجموعة الثانية في البطولة العربية رفقة الهلال السعودي والسد القطري والأهلي طرابلس الليبي.
ويستهل الفريق مبارياته بلقاء السد يوم الخميس المقبل، ثم يواجه الأهلي طرابلس، والهلال يومي 30 يوليو و2 أغسطس، بالترتيب. وسيكون على الوداد الظهور بمظهر جيد أمام متطلبات الأنصار، خاصة أن الفريق اعتاد خلال آخر المواسم على الذهاب بعيدا في كافة المسابقات. لذلك سيوضع عادل على المحك في فترة وجيزة عبر بوابتي مسابقتين “البطولة العربية والدوري الأفريقي” ستشهدان احتدام التنافس بين أندية كبيرة.
وسيكون رمزي مطالبا بغض النظر عن النتائج والألقاب، باستعادة أجواء افتقدها النادي وهو ما يطلق عليه ويعرف بأجواء العائلة، ولن يكون ذلك سهل المنى كونها أول تجربة تدريبية له بالمغرب. وحدثت بعض الخلافات وتأثر اللاعبين بانتقادات الجماهير والأجواء المشحونة بين إدارة النادي والأنصار خاصة ألتراس وينرز الذين هاجموا في خطاب عنيف الناصيري وحملوه ما آلت إليه الأوضاع.
◙ موقف الناصيري أحدث انقساما حادا داخل النادي بدعوته لعقد جمعية عمومية لانتخاب رئيس جديد حيث لم يسبق أن مر الوداد بهذا الموقف في آخر السنوات
وأحدث موقف سعيد الناصيري، رئيس الوداد، انقساما حادا داخل النادي، بدعوته لعقد جمعية عمومية لانتخاب رئيس جديد، ولم يسبق أن مر الوداد بهذا الموقف في آخر السنوات، لطبيعة القرار المفاجئ الذي لم يكن متوقعا، ولغياب البديل الجاهز لتعويضه في الوقت الحالي، فموقف الناصيري الذي ترأس الوداد منذ 2014 أتى كردة فعل غاضب إزاء الحملة التي استهدفته مؤخرا بعد الإقصاء من كأس العرش أمام الغريم التقليدي الرجاء، وأنه لم يكن بدوره يعتزم الرحيل.
فمنتسبو الوداد وأنصاره منقسمون بين قبول قرار الناصيري بالمغادرة في الوقت الحالي، وبين استمراره على الأقل لنهاية الموسم المقبل، لكن يبدو أن سعيد الناصيري المسؤول الأول عن نادي الوداد الرياضي البيضاوي ضاق ذَرْعًا بردود الفعل الغاضبة الصادرة عن الأوساط الودادية احتجاجا على الموسم الصفري الذي خرج به هذا النادي العريق، رغم لعبه على أربع واجهات، منها مونديال الأندية، ورابطة الأبطال الأفريقية، الدوري المحلي، وأخيرًا كأس العرش التي ودعها بمرارة على يد الرجاء البيضاوي.
في سياق آخر استحوذ لاعبو المنتخب المغربي على عناوين الصحف المحلية والعالمية، وتصدروها على مستوى سوق الانتقالات، منذ الإنجاز التاريخي للأسود في كأس العالم 2022 بقطر. ولكن منذ ذلك الحين، لم يكتب النجاح لأيّ من الصفقات التي استهدفت نجوم المغرب، أو بمعنى آخر لم يصل مستوى انتقالات اللاعبين إلى ما طمحت إليه التوقعات والتقارير الصحفية، وما إن اقتربت أيّ صفقة من الحسم إلا وتجمدت أو أجهضت لأسباب مختلفة، وكأنها لعنة غريبة تلاحق الإنجاز المغربي.
طموحات كبيرة
فعزالدين أوناحي مثّل ظاهرة فريدة من نوعها بين لاعبي الأسود في مونديال الدوحة، فقد حظي اللاعب بكم هائل من المديح من منافسي المنتخب المغربي، وحصل على ثناء لويس إنريكي مدرب المنتخب الإسباني السابق، وكذلك ديدييه ديشامب مدرب فرنسا. كما تحدث المدرب الفرنسي الشهير أرسين فينغر في أستوديوهات التحليل عن أوناحي، وأشاد بخصاله الفنية، وأكد أن لديه ما يكفي من الإمكانيات كي يلعب لمصلحة أي نادٍ كبير في أوروبا.
ولكن عكس التوقعات والتقارير التي ربطته، وبمبالغ مالية كبيرة، بفرق أوروبية مثل إنتر ميلان ونابولي بالكالتشيو، وبرشلونة الإسباني، ومانشستر يونايتد وليفربول بإنجلترا، فقد استقر به المقام لدى نادي مارسيليا الفرنسي. ولم يغادر أوناحي الدوري الفرنسي، في صفقة لم تتخط حاجز 10 ملايين يورو، قادما من أنجيه، ورغم ذلك كان استثناءً بين زملائه من لاعبي المغرب بتحقيق هذه القفزة الهامة في مشواره.
◙ عزالدين أوناحي مثّل ظاهرة فريدة من نوعها بين لاعبي الأسود في مونديال الدوحة، فقد حظي اللاعب بكم هائل من المديح من منافسي المنتخب المغربي
كما تصدر الثنائي حكيم زياش وسفيان أمرابط تقارير ربطتهما بالمحطات والأندية الكبيرة في أوروبا وخارجها، إلا أنهما لم يبرحا مكانهما، لا بالميركاتو الشتوي ولا الصيفي حتى الآن. وأجهضت صفقة أمرابط في آخر الساعات التي سبقت غلق الميركاتو الشتوي الماضي، بسبب غضب رئيس فيورنتينا من تنقل اللاعب المغربي صوب برشلونة ليتفاوض مع المدرب تشافي هيرنانديز على انفراد، دون الرجوع لناديه.
وكذلك فشلت بنفس الكيفية صفقة حكيم زياش مع باريس سان جيرمان بسبب خطأ على مستوى الخطاب بين تشيلسي وفريق العاصمة الفرنسية، ليواصل اللاعبان إلى غاية اليوم ربطهما بعديد الأندية، منها فرق بالدوري السعودي، مثل أهلي جدة لأمرابط، والنصر لزياش، دون أن تكلل المفاوضات بالنجاح لأسباب مالية.
ومن بين عناصر المنتخب المغربي التي تألقت في مونديال قطر وتم ربطها بالعديد من الفرق الأوروبية، كان ياسين بونو الذي اعترف برفضه عرضا من بايرن ميونخ، لتعويض مانويل نوير المصاب، في الشتاء الماضي، وتفضيله البقاء لمساعدة ناديه إشبيلية. وتم ربط بونو بأندية مثل مانشستر يونايتد، وبرشلونة، وتوتنهام، ومؤخرا باريس سان جرمان، لكنه ومثل بقية رفاقه، تعثرت مفاوضاته بسبب عوائق مالية وتفاصيل صغيرة.
وتقاسم معه كافة هذه التفاصيل زميله يوسف النصيري الذي جرى ربطه مؤخرًا بالعديد من الفرق الإنجليزية هو الآخر. كما تحدثت تقارير بشأن عودة أشرف حكيمي إلى ريال مدريد، مثلما هو مطلوب لفريق مانشستر سيتي لتعويض رحيل كايل ووكر المرتقب إلى بايرن ميونخ. وشملت الأنباء أيضا نصير مزراوي، ولكن وحده اللاعب عبدالحميد الصابيري الذي انتقل في الدوري الإيطالي من سامبدوريا إلى فيورنتينا. لذلك بدا غريبا ألا يستثمر لاعبو المنتخب المغربي طفرتهم العملاقة بالمونديال، عبر صفقات كبيرة ظلت تغذي أخبار الصحف وهي بعيدة كل البعد عن أرض الواقع.