أي دور للجنة تسيير الصحافة في ظل معارضة أهل القطاع لها في المغرب
صادق مجلس المستشارين في المغرب، بالأغلبية، على مشروع قانون إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، المثير للجدل في الأوساط الصحافية بسبب عدم توافق الهيئات المعنية على هذه اللجنة وتسجيل عدة اعتراضات عليها.
وحظي مشروع القانون على موافقة 26 مستشارا، وعارضه أربعة مستشارين، فيما امتنع خمسة مستشارين عن التصويت.
وقال وزير الثقافة والشباب والتواصل محمد المهدي بنسعيد، في كلمة تقديمه لمشروع هذا القانون، إنه يهدف إلى إحداث لجنة مؤقتة تحل محل أجهزة المجلس الوطني للصحافة، وتحدد مدة انتدابها في سنتين ابتداء من تاريخ تعيين أعضائها ما لم يتم انتخاب أعضاء جدد خلال هذه المدة.
وأضاف بنسعيد أن إعداد مشروع هذا القانون يأتي بعد عدم التمكن من إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة بالرغم من تمديد مدة انتدابه بكيفية استثنائية، بموجب المرسوم بقانون رقم 2.22.770 الصادر في السادس من أكتوبر 2022 بسن أحكام خاصة بالمجلس الوطني للصحافة.
وأشار إلى أن مشروع القانون يعطي للجنة المؤقتة اختصاصات تعزيز أواصر علاقات التعاون والعمل المشترك بين مكونات الجسم الصحافي وقطاع النشر، فضلا عن التحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الوطني الواجب انتخابهم وتنظيمها طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
إحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر أتى بعد عدم التمكن من إجراء انتخابات المجلس الوطني للصحافة
لكن هذه الأهداف لا تقنع الكثير من المتعاطين مع الشأن الإعلامي في المغرب، الذين يرون أن قانون إنشاء اللجنة تعتريه مواطن ضعف كثيرة.
وعبر فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين عن تشبثه بقوة بموقفه دفاعا عن حرية الصحافة، وعن استقلالية التنظيم الذاتي للمهنة، وذلك خلال التصويت على مشروع القانون 15.23 القاضي بإحداث اللجنة المؤقتة.
ورفضت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين، اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، واصفة إياها بأنها “مخالفة للتوجيهات الملكية” لإصلاح المشهد الإعلامي بالمغرب، مؤكدة أن مشروع القانون المحدث لها يناقض ما نص عليه الفصل 28 من الدستور من أن “حرية الحصافة والنشر مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية”.
وقال خالد السطي، ممثل نقابة الاتحاد بمجلس المستشارين، خلال المناقشة العامة إن هذا المشروع “يتناقض مع التوجيهات الملكية التي ما فتئ الملك محمد السادس يعبر فيها عن ترابط البناء الديمقراطي مع الإصلاح الشامل للمشهد الإعلامي، ومنها ما ورد في الرسالة الملكية الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام، بمناسبة اليوم الوطني للإعلام يوم الخامس عشر من نوفمبر 2002، وخطاب العرش لسنة 2004”.
وأكد السطي، عضو مجلس المستشارين عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، أن المصادقة على مشروع قانون اللجنة المؤقتة لتدبير شؤون قطاع الصحافة والنشر من شأنها أن تمس بالتزامات بلادنا الدولية، خاصة الفصل 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص على “حق كل إنسان في اعتناق الآراء دون مضايقة وحرية التعبير”، والتعليق رقم 34 الصادر عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان سنة 2011.
مشروع القانون يعطي للجنة المؤقتة اختصاصات تعزيز أواصر علاقات التعاون والعمل المشترك بين مكونات الجسم الصحافي وقطاع النشر
وقال المستشار البرلماني إن النص يعتبر تراجعا عن أحد أهم مقومات الاستقلالية، وهي التنظيم الذاتي لهذا القطاع، التي لاقت استحسان مختلف شرائح المجتمع المغربي من مهنيين وحقوقيين وعموم الموطنات والمواطنين.
وذكر أن هذه الاستقلالية تسهم في تحقيق استقلالية المؤسسات الإعلامية عن باقي السلطات، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه الاستقلالية ينبغي أن تتم إزاء مختلف الفاعلين من حكومات وجماعات ضاغطة وغيرهم من المتدخلين.
وتقدم فريق الاتحاد المغربي للشغل بعدة تعديلات، من بينها تصحيح اسم اللجنة وإضافة صفة المؤقتة في جميع مواد المشروع، وحصر اختصاصات اللجنة المؤقتة في التحضير للانتخابات الخاصة بأعضاء المجلس الوطني للصحافة، باعتبارها المهمة الأساس الموكولة للجنة المؤقتة، وإضافة تمثيلية كل الهيئات المقصية من قبل الوزير كفيدرالية الناشرين التي نظمت مؤتمرها وانتخبت أجهزتها الشرعية، حتى لا يتم إقصاء أي طرف معني.
واقترح الفريق اختيار قاض رئيسا للجنة ضمانا لاستقلاليتها ونزاهة تسييرها، ينتدبه الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أو شخصية وطنية مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والاستقامة والإجماع يعينها رئيس الحكومة.
وطالب الفريق بتمثيلية كافة المكونات داخل اللجنة المؤقتة إلى حين انتخاب المجلس الوطني للصحافة والنشر، مع تقليص مدة انتداب وآجال اشتغال هذه اللجنة من سنتين إلى سنة واحدة على أقصى تقدير.
وصوت الفريق ضد المواد التسع المكونة لمشروع القانون 15.23، احتجاجا على عدم قبول الوزير للتعديلات والمقترحات ولكونه لم يقدم أي إشارات سياسية ولا إجرائية للعمل في الأفق المشترك، مما دفع بالفريق إلى الامتناع عن التصويت.
وأشار السطي إلى أن استقلالية الخط التحريري تحققت للمؤسسات الإعلامية بما يساهم في تنوع المحتوى الإعلامي وجودته.