رفضت لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب المصادقة على مشروع قانون رقم 77.19 المتعلق بالتبادل الآلي للمعلومات، يخص أفراد الجالية المغربية بالخارج، ما أثار جدلا واسعا نظرا لخطورته.
ودعت اللجنة إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق متعدد الأطراف بين السلطات بشأن الاتفاقية، حماية لمصالح وممتلكات الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وقالت الحكومة المغربية إنه “لا يحق النبش في ممتلكات أفراد الجالية وأرصدتهم المالية”، مؤكدة أنه “سيتم حذف أيّ بند يتطرق إلى ذلك خلال المفاوضات، وأن إرجاء البت في مشروع بسبب مخاوف من التأثير على مصالح الجالية سيعزز قدرة المغرب خلال التفاوض مع المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات لأغراض ضريبية”.
وسبق للمغرب أن وقع اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات في شهر يونيو 2019 مع مجموعة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الشيء الذي لم يستسغه المهاجرون المغاربة، حيث تسمح الاتفاقية التي جاءت بها الحكومة وفق مرسوم قانون، لسلطات بلدان الإقامة بالاطلاع على الحسابات البنكية والممتلكات الخاصة بالمغتربين المغاربة داخل بلدهم الأصلي المغرب.
ويهم التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية العديد من المعطيات والمعلومات من بينها التصريح بالاسم والعنوان، ورقم التعريف الضريبي وتاريخ الولادة ومكانها، ولكل شخص يجب أن يكون موضوع تصريح ممن يملكون حسابات مالية، سواء تعلق الأمر بالأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين.
ويهم أيضا التصريح بأرقام الحساب أو ما يماثلها في عدم وجود حساب، هذا بالإضافة إلى التصريح باسم ورقم التعريف بالنسبة إلى المؤسسة المالية المصرحة، إلى جانب التصريح بالحصيلة أو القيمة المالية التي تتوفر في الحساب المالي بما في ذلك عقود التأمين بقيمة الشراء أو عقد كراء، وقيمة الشراء. ويشمل الأمر كذلك حسابات الأوصياء ومختلف العمليات المالية التي تنجز فيها.
ونبه عدد من جمعيات مغاربة العالم إلى أن التبادل الضريبي لا يستفيد منه المغرب ولا المواطن وبالتالي وجب معالجة ما يمكن معالجته، مؤكدين “لسنا ضد الإجراءات القانونية لمحاربة تبييض الأموال والتهرب الضريبي، لكنّ هؤلاء الخارجين عن القانون هم فئة قليلة، والمتضرر هو ذلك المغربي المقيم بالخارج الذي وفر المال من عرق جبينه، ليمتلك سكنا يقضي به عطله الصيفية أو ما تبقى من أيام عمره”.
وأكد نورالدين مضيان رئيس مجموعة حزب الاستقلال بمجلس النواب أن “تعبير فريقه عن هذا الموقف يأتي بالنظر إلى أن هذا المشروع يتعلق بمصالح حيوية لهذه الفئة، وفي إطار تفاعله الإيجابي مع تخوفات الجالية من استعمال هذه الآلية القانونية لتبادل المعلومات المالية في قضايا تتجاوز جرائم تبييض الأموال أو الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة العابرة للحدود، أو غيرها من الجرائم”.
ولفت مضيان، في تدخله أمام لجنة الخارجية، إلى أن “حزبه يشجع الحكومة على الانخراط في الأنظمة الدولية التي تحدد مجموعة من القواعد والمعايير لتحسين المساعدة الضريبية المتبادلة ومكافحة التهرب الضريبي، لكن هذا الانخراط ينبغي أن يكون مستندا بالأساس على حماية المعطيات الشخصية وضمان سريتها، فضلا عن عدم استغلالها في سياسات يمينية متصاعدة بدول المهجر، والتي لا تتوانى عن إعلان العداء للمهاجرين ومحاولات التضييق عليهم وعلى مصالحهم.
وأكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن إجماع البرلمانيين على إرجاء البت في مشروع بسبب مخاوف من التأثير على مصالح الجالية سيعزز قدرة المغرب في التفاوض مع المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات لأغراض جبائية لحماية مصالح المملكة ومن خلالها مصالح الجالية المغربية المقيمة بالخارج.
وربط حزب التقدم والاشتراكية في بيان له الجمعة بين أهمية انخراط المغرب في الجهود الدولية في مجال الشفافية واحترام القانون في المعاملات المالية، وفي مكافحة التهرب الضريبي وكافة الممارسات غير المشروعة والأفعال الإجرامية التي ترتكز على المعاملات المالية غير السليمة، وضرورة المحافظة على المصالح المشروعة لجاليتنا بالخارج، وحمايتها من كل استغلالٍ أو إضرار داخل بلدان الإقامة.
◙ إجماع البرلمانيين على إرجاء البت في المشروع سيعزز قدرة المغرب في التفاوض مع المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات
وتتفق الحكومة والبرلمان على أن تنويع الشراكات الإستراتيجية للمغرب والانخراط في مختلف الاتفاقيات متعددة الأطراف الرامية إلى محاربة مختلف الجرائم العابرة للحدود الوطنية كتبييض الأموال والاتجار بالبشر وغيرها ضمن مذكرات قضائية، وهذا يعني أن المصادقة على بعض تلك الاتفاقيات مثل التبادل الآلي من طرف البرلمان يتطلب دراسة معمقة للآثار التي تخلفها على الجالية المغربية في الخارج.
وأعلنت الحكومة عن فتح مفاوضات جديدة بشأن اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات المالية، مرحبة بقرار النواب، إرجاء البت في مشروع القانون، حيث أكد الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع أن هذه الخطوة “ستمكن الحكومة من امتلاك الوضوح الكافي في يقظتنا وتعاملنا مع المستقبل، مع إجماع نواب الأمة على اتخاذ موقف موحد بمختلف فصائل البرلمان”.
وسجل برلمانيون أن تحويلات المواطنات والمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج بلغت قرابة 10 ملايين دولار في أزمة كورونا، ومساهمتهم الفعالة والمتواصلة في إنعاش خزينة الدولة وحركية الاقتصاد المغربي، حيث تجاوزت تحويلاتهم المالية 100 مليار درهم (10.3 مليار دولار) نهاية 2022، وهو مبلغ مهم يوازي صادرات المغرب من الفوسفات وصناعة السيارات، حيث عرفت منحى تصاعديا بنسبة 14.6 في المئة مقارنة بـ2021.