تقرير رسمي يصدم الحكومة: معظم المغاربة مستاؤون من وضعهم المعيشي
افتتحت الحكومة المغربية أسبوعها الجديد بأرقام وإحصائيات صادرة عن “المندوبية السامية للتخطيط” (مؤسسة رسمية للمسوح والإحصائيات الاقتصادية والاجتماعية)، وصفت بـ “الصادمة” و”المخيفة”، وكشفت عن تواصل تدني مؤشر ثقة الأسر، خلال الفصل الثاني من السنة الحالية 2023.
تفاصيل البحث حول الظرفية الذي كشفت عنها المندوبية، قيل عنها إنها “محرجة” للحكومة، وتضعها في موقف صعب خاصة في ظل استمرار الوعود بالتحكم في الأسعار، بينما هذه الأخيرة لها رأي مغاير وتصر على مواصلة التحليق في سماء الغلاء.
بالنسبة لمؤشر ثقة الأسر المغربية، فقد سجل أدنى مستوى له منذ بداية البحث حول الظرفية لدى الأسر، والذي تجريه المندوبية منذ سنة 2008، وعزت ذلك إلى عاملين أساسيين هما البطالة والتضخم، أما الأسعار فقد منع ارتفاعها الأسر من الادخار وبقيت تلاحق اليوميات فقط.
وبين التاريخ السابق واليوم، سجلت “المندوبية السامية للتخطيط” تراجع مؤشر ثقة الأسر من 46.3 إلى 45.4 نقطة، وبذلك تسارع ما يمكن أن يقال عنه استياء المغاربة من وضعهم المعيشي في ظل تواصل موجة ارتفاع الأسعار إلى جانب البطالة. تقرير المندوبية المتضمن لأهم خلاصات البحث، أبرز أن 87.3 في المئة من الأسر صرحت بتدهور مستواها المعيشي خلال الأشهر الماضية، في مقابل 10 في المئة فقط أكدت عن استقراره، بينما لم تتجاوز نسبة الأسر التي أكدت تحسن المستوى المعيشي سوى 2,7 في المئة.
الفصل الثاني من السنة الحالية الذي كان الفترة الزمنية للبحث حول الظرفية، تحمل الكثير من الأعباء المادية التي تكبدتها الأسر، ويتعلق الأمر بمناسبات مثل شهر رمضان المبارك وما يرافقه من مصاريف إضافية، ناهيك عن عيد الفطر وما يستلزمه من كسوة ثم عيد الأضحى وما عرفه من ارتفاع ملموس ومرهق في الأسعار أصاب الجيوب والميزانيات المنزلية بالكثير من الإجهاد لن تتعافى منه إلا بعد مدة.
إلى جانب ذلك، تحدثت عن التضخم والبطالة، وتحالفهما لهزم تفاؤل الأسر المغربية بخصوص تجاوز هذه العقبة التي طالت حتى أتعبت الكل. ما مر من يوميات، أرخى بظلال قاتمة على التوقعات فجاءت متشائمة، حيث أكدت 53.4 في المئة من الأسر المغربية استمرار تدهور مستوى المعيشة، فيما عبرت 36.9 في المئة عن توقعاتها باستقراره، أما 9.7 في المئة فقط، فقد صرحت بتحسنه مستقبلاً.
وواصلت المندوبية كشفها للأرقام “الصادمة”، حين أكدت أن 53.4 في المئة من الأسر تستطيع تغطية مصاريفها من خلال مداخيلها، بينما استنزفت 44 في المئة مدخراتها وبعضها لجأ إلى الاقتراض. وبالنسبة لمربط الفرس في بحث الظرفية، توقفت المندوبية عند آراء الأسر في أسعار المواد الغذائية، لتصرح الأغلبية وتبلغ 98.1 في المئة بارتفاعها خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة، وهي ترتفع هذه النسبة أيضاً بخصوص توقعات ارتفاعها لتبلغ 72.5 في المئة من الأسر، وشملت التوقعات أيضاً ارتفاع مستوى البطالة، حيث أكدت 85.3 في المئة ذلك.
أرقام المندوبية جاءت بعد يوم واحد من تصريحات متفائلة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال لقاء مع منتخبي حزبه “التجمع الوطني للأحرار” في مدينة الناظور (شمال شرق البلاد)، حيث قال: “أؤكد بأننا نخرج من الأزمة تدريجياً، وأغلب المؤشرات الاقتصادية تسير في منحى تحسن مستمر، ولعلها بداية انتعاش اقتصادي لوضع البلاد والأسر بدأت تظهر معالمها مع زيارة 6.5 مليون سائح للمملكة عند متم حزيران/ يونيو 2023”. وبعد حديثه عن زوال الأزمة، تطرق إلى “مواصلة دعم المواطن من خلال صندوق المقاصة وتنفيذ ورش الحماية الاجتماعية، مع التحكم في عجز الميزانية والتوازنات الماكرو- اقتصادية”.
واستشهد بـ”تقارير صندوق النقد والمنظمات المالية العالمية”، التي تساند كلها “البرامج والتوجهات الحكومية وتشيد بصمود الاقتصاد الوطني”، مبرزاً أن جميع المؤشرات الاقتصادية تحسنت، “وتحكَّمْنا في عجز الميزانية”.
لكن عزيز أخنوش، ترك المجال الزمني لشعور المواطن بهذه “المنجزات الإيجابية”، مفتوحاً بين “الشهور والسنوات المقبلة”، و”عندما تعطي ثمارها سيؤدي ذلك إلى تقوية فرص الشغل ورفع دخل الأسر”. إلى ذلك الحين، يبقى شعور الأسر المغربية من خلال أرقام “المندوبية السامية للتخطيط”، متزعزعاً وغير مستقر، ويميل إلى التشاؤم، خاصة أن اليومي المعيش لا ينتظر والمصاريف تتراكم والميزانيات تعيش على إيقاع التقشف، علماً بأن 89.7 في المئة من الأسر أكدت عدم قدرتها على الادخار خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.