أعلن المغرب الاثنين أن إسرائيل اعترفت بسيادته على الصحراء المغربية وأنها تدرس فتح قنصلية لها في مدينة الداخلة بالجنوب، في تطور سياسي مهم يأتي استجابة لرغبة المغرب في بناء علاقاته الخارجية على قاعدة الاعتراف بوحدة أراضيه.
وقال الديوان الملكي في بيان له إن العاهل المغربي الملك محمد السادس تلقى الاثنين رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “تتضمن قرار دولة إسرائيل الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء”.
وأوضح تحرك نتنياهو للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء إدراكه أن الرباط ليست في وارد القبول بأنصاف الحلول، خصوصا بعد أن افتعلت الحكومة الإسرائيلية اليمينية عددا كبيرا من الأزمات مع الفلسطينيين وتقصدت التصعيد بدلا من استثمار الأجواء الإيجابية التي أعقبت اتفاقات السلام معها والتي وقعتها دول عربية.
وقال مسؤول حكومي كبير لرويترز إن موقف إسرائيل بشأن الصحراء “واضح” ويأتي في إطار قوة دافعة مؤيدة لموقف المغرب بعد أن دعمت واشنطن ومدريد بالإضافة إلى عواصم أوروبية أخرى خطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية التي اقترحتها المملكة المغربية.
وأضاف أن الاعتراف الإسرائيلي لن يؤثر على مبادئ المغرب في الدفاع عن حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.
ويعتقد مراقبون ومحللون مغاربة أن الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء كان أمرا متوقعا في ظل تطورات التعاون المشترك في الأشهر الأخيرة على عدة مستويات، خاصة أن ذلك تزامن مع معرفة الإسرائيليين بأولوية موضوع الاعتراف بالنسبة إلى المغرب كأرضية لأي تعاون بعيد المدى.
وأكد هشام معتضد، الباحث المغربي في العلاقات الدولية، أن الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء يجسد الرغبة الإسرائيلية في بناء علاقات إستراتيجية متكاملة مع المغرب على كافة المستويات، بما في ذلك التنسيق الأمني والدفاعي لحماية الأمن القومي للبلدين وتعزيز سبل تحقيق أهدافه.
وقال معتضد، في تصريح لـه إن “هذا الاعتراف كان منتظرا وما كان البلدين بصدد تهيئته هو السياق المناسب لإعلانه من طرف القنوات الرسمية للبلدين، حيث أن كل المؤشرات كانت ترجح صدور موقف إسرائيلي يدعم رسميا سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية”.
وذكر الديوان الملكي في بيانه أن نتنياهو أكد “أن موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة”.
وأفاد بأن نتنياهو شدد أيضا على أنه سيقوم بـ”إخبار الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية” بهذا القرار.
كما جاء في البيان أن إسرائيل تدرس مسألة “فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة في إطار تكريس قرار الدولة هذا”.
وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المغربية، لـ”العرب”، أن “الاعتراف له علاقة بتفعيل الالتزام في الاتفاق الثلاثي، وهو ترجمة لمطالبة المغربِ الشركاءَ بالوضوح بشأن ملف الصحراء المغربية كمحدد أساسي للسياسة الخارجية المغربية”.
◙ تحرك نتنياهو للاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء يوضح إدراكه أن الرباط ليست في وارد القبول بأنصاف الحلول
وفي يونيو الماضي دعا رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا حكومة بلاده إلى الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى الرباط.
ويتولى المهام الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل مكتبا اتصال، ومن المنتظر في الأشهر المقبلة ترقية العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى سفارتين.
وأشار رئيس الكنيست إلى اعتزام إسرائيل تقوية الروابط مع المغرب عن طريق فتح سفارتين في الرباط وتل أبيب، كما وقّع رئيس مجلس النواب المغربي ورئيس الكنيست مذكرة تفاهم بين المجلسين.
وفي ديسمبر 2020 أعلن المغرب وإسرائيل استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد تجميدها قبل عشرين سنة عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
وهذا الإعلان عن اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء المغربية سيكون خطوة نحو المزيد من توطيد العلاقات بين البلدين، خصوصا بعد توقيع عدد من اتفاقيات الشراكة والتعاون بين المغرب وإسرائيل.
ويعتقد معتضد أن الاعتراف الإسرائيلي بالصحراء المغربية يعد مكسبا سياسيا ودبلوماسيًا في بورصة العلاقات الدولية، خاصة أن الديناميكية الإسرائيلية في العديد من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية لها وزنها الإستراتيجي في التأثير على القرار الدولي، بالإضافة إلى الحضور القوي للوبي الإسرائيلي في منصات العمل السياسي الدولي وتأثيره على القرارات السياسية.
واستبدلت إسرائيل مقاربتها التقليدية بمنهجية واقعية دفعتها إلى التقدم في صياغة خارطة طريق براغماتية في بناء علاقاتها الجديدة في المغرب. كما التقطت الإشارات السياسية والدبلوماسية لنظيرتها المغربية من أجل تشييد منصة صلبة لدبلوماسية ثنائية تستجيب لتطلعات الشعبين.
وقبل ساعة من إعلان نتنياهو اعتراف حكومته بسيادة المغرب على صحرائه، عين رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي هيرزي هاليفي، الكولونيل شارون إيتاح، من قيادة الجبهة الداخلية، ملحقا عسكريا في المملكة، وفق صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
وأفادت المصادر نفسها بأن الملحق العسكري الجديد، إيتاح، “من أصول عائلة يهودية عاشت في المغرب، يتحدث اللهجة المغربية، وكان قد قام بزيارة إلى المغرب في العام الماضي”.
ويعتبر هذا التعيين هو الأول من نوعه، منذ عودة العلاقات الرسمية بين الرباط وتل أبيب سنة 2020.
ونظرا لزخم العلاقات الثنائية شارك الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الأفريقي، التي انطلقت في مدينة أكادير خلال يونيو الماضي بمشاركة 18 دولة، بـ12 جنديا من قوات النخبة، فيما اقتصرت مشاركة إسرائيل في المناورات نفسها العام الماضي على صفة مراقب.