تحدّى المنتخبون بحزب الأصالة والمعاصرة بمدينة العيون جنوب المغرب الأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي عندما أعلنوا اصطفافهم وراء برلماني الحزب محمد سالم الجماني عن دائرة العيون، والذي أصدر المكتب السياسي قرارا بطرده بتزكية من الأمين العام للحزب.
وندد المنتخبون بالحزب ، بالتصريحات التي وصفوها بـ”المسيئة لصورة الفعل السياسي بالمنطقة وللمنتخبين بحزب الأصالة والمعاصرة بإقليم العيون من طرف أمينه العام، ولمكانة الحزب وقيمته الاعتبارية داخل الأقاليم الجنوبية”.
وأضاف هؤلاء أن تصريحات وهبي “حملت مجموعة من الرسائل الخطيرة وغير المقبولة وغير المسبوقة حوّلت النقاش حول قرار حزبي خاطئ في سياق تنظيمي إلى هجوم ومزايدات مسّت بالفعل السياسي والحزبي والعملية الديمقراطية بمدينة العيون، بل تعدت إلى المس بالأدوار التاريخية والحالية لفاعلين سياسيين في المنطقة في معركة دفاعهم عن القضية الوطنية لكافة أفراد الشعب المغربي”.
وكشف وهبي تفاصيل طرد البرلماني عن دائرة العيون من الحزب بقرار من المكتب السياسي، مهددا بفتح ملفاته.
الأصالة والمعاصرة يفرض على البرلمانيين أداء واجب شهري محدد بـ3 آلاف درهم، وهو الأمر الذي لم يلتزم به المعني بالقرار
وقال وهبي خلال تفاعله مع مداخلات أعضاء برلمان الحزب خلال الدورة 27 للمجلس الوطني للحزب، إن قضية الجماني طرحت قبل سنة ونصف، وفي كل مرة يتصل به المكتب السياسي بضرورة أن يحضر لا يرد، مضيفا أنه إثر ذلك تم اتخاذ القرار وتم تأخيره بطلب من رئيسة المجلس الوطني لستة أشهر.
وشدد وهبي على أنه “حينما يتخذ المكتب السياسي قرارا ويلتزم به الفريق البرلماني فيجب على الكل أن يلتزم به، لأنه ليس هناك شخص فوق شخص آخر، وأنا حادّ في هذا الموضوع، ولن أتساهل مع من لم ينفذ القرار الحزبي، ليكن من يكون، ولن أتنازل عن هذا القرار”.
واعتبر المنتخبون في بيان أن ما قاله وهبي خلال انعقاد المجلس الوطني للحزب الأسبوع الماضي بمدينة سلا “استهدف في ظاهره شخص النائب البرلماني وعضو المجلس الجماعي لمدينة العيون سيدي محمد سالم خطري سيدي سعيد الجماني وما يحمله من رمزية تاريخية، وطنية، جهوية ومحلية”.
وأفاد أحد المنتخبين بالحزب في العيون أن موضوع طرد الجماني “أكبر مما يسوق له وهبي، وخلفياته جد خطيرة، وستتضح الحقيقة في الوقت المناسب”. وتابع “كمنتخبين شرعيين للسكان المحليين لن نخون إرادتهم، ومحمد سالم الجماني كممثل للأمة المغربية لن يقبل المساس بهم بأي شكل من الأشكال ومن طرف أي كان”.
ويفرض الأصالة والمعاصرة على البرلمانيين أداء واجب شهري محدد بـ3 آلاف درهم، وهو الأمر الذي لم يلتزم به المعني بالقرار، حسب الأمين العام للحزب الذي راسلهم بخصوص الموضوع ونبّههم قبل أن يتخذ القرار في اجتماع المكتب التنفيذي مساء الأربعاء.
وأكد مصدر قريب من الجماني أن قرار المكتب السياسي تم بإيعاز ومباركة من وهبي نتيجة خلافات شخصية بين الطرفين، ولا يتعلق بخلافات تنظيمية كما جرى ترويجه على المستوى الرسمي، موضحا أن الصراعات كانت قبل تولي وهبي الأمانة العامة للحزب، وتعمقت أكثر بعد نتائج الانتخابات، ما جعله يحوّلها إلى انتقام شخصي بعد توليه منصبه.
أحد المنتخبين بالحزب في العيون يؤكد أن موضوع طرد الجماني “أكبر مما يسوق له وهبي، وخلفياته جد خطيرة، وستتضح الحقيقة في الوقت المناسب”
وكان المكتب السياسي للحزب قد أعلن طرد البرلماني الجماني بشكل نهائي بسبب عدم الوفاء بالتزاماته المالية تجاه الحزب وعرقلة عمله بمدينة العيون وتطويره، وهو الأمر الذي نفته مصادر مقربة من البرلماني المطرود، واتهمت قيادة الحزب بعدم التعاون في تقديم تصور لتأسيس هياكل الحزب جهويا ومحليا بالمدينة.
وفي دفاعه عن قرار الطرد، قال وهبي متوجها إلى المنتخبين بالعيون “قبل أن تسألوا ماذا أعطانا هذا الحزب، اسألوا أنفسكم ماذا قدمتم له؟ عندما جاء الجماني بأناس من خارج الحزب، ووضعهم في لائحة المرشحين عن الحزب في الانتخابات الأخيرة، لم نتدخل، ولم نقل شيئا”، مضيفا أن “31 عضوا في المكتب السياسي لا يمكن أن لا يكون لهم احترام للجماني، في الوقت الذي خرج القرار بالإجماع”.
وختم وهبي كلامه قائلا “هؤلاء الأعضاء الـ31 هل فيهم خلل، وهل لديهم حسابات مع الجماني؟ إن أردتم أن نفتح الملفات فليس لدي أي مشكلة، ولكن احتراما للرجل وقفنا في حدود معينة”.
وشجب منتخبو “البام” ما جاء على لسان وهبي بخصوص البرلماني الجماني، مؤكدين أنهم لن يواصلوا الصمت بعد الآن “ما دام الموضوع أصبح يتخذ أبعادا أخرى بعيدة كل البعد عن طابعها التنظيمي والحزبي، وأصبحت تتضح شيئا فشيئا معالم أبعاد أخرى ذات حمولات سياسية ورمزية سلبية لهذا القرار، في محاولة ابتزازية مفضوحة ومكشوفة، تروم الإساءة إلى صورة العملية الديمقراطية في المدينة، وتبخيس أدوار أهم القيادات والرموز الوطنية”.
واعتبر أحد القياديين داخل المكتب السياسي للأصالة والمعاصرة في تصريح لـه أن وهبي يملك كل مبررات طرد الجماني. ومن الناحية المبدئية، فالأغلبية من أعضاء المكتب السياسي متفقون على القرار لكن في نفس الوقت لا يريدون أن تصل الأمور إلى طريق مسدود مع المنتخبين بالعيون، لما لذلك من أثر سلبي على موقعهم بالأقاليم الجنوبية وأهمية قصوى سياسيا وتنظيميا.
ويريد المدافعون عن الجماني من الأمين العام التراجع عن قرار الطرد، وعن التصريحات السيئة في حق الجماني الذي يعتبر من الشخصيات ذات الوزن التاريخي والسياسي والرمزي ليس فقط لدى سكان مدينة العيون وباقي جهات الصحراء المغربية، بل لاقى تفاعلا من مختلف ربوع المملكة.