الصحراء المغربية …. إبتزاز الدول للمغرب مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء
اعتقد المغاربة أن الدولة العميقة التي تتحكم في مؤسسات فرنسا، ستكون أول من سيقر بمغربية الصحراء، بسبب عدالة الوحدة الترابية للمغرب، لأن المسؤولين بها اطلعوا بشكل جيد على الأرشيف العسكري والخرائط القديمة ، التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الصحراء مغربية، وأن أراضي أخرى تم اقتطاعها من المغرب وضمها للجزائر الفرنسية.
وعوض أن تتعامل فرنسا بمختلف نخبها من منطلق واقعي، وتقر بمغربية الصحراء كيفما كانت الحكومة والبرلمانات المتعاقبة على تدبير الشأن العام، على طريقة أمريكا، تغاضت عن ذلك وبدأت تفاوض المغرب في انجاز المشاريع الكبرى، بممارسة الابتزاز السياسي عبر زيارة النظام العسكري الجزائري، وإقامة تفاهم مع تونس، وتجاهل المغرب أو جعله يلتمس عقد لقاءات لتذويب جليد العلاقات الجامدة والباردة، من منظور التعالي والتجبر.
نفس الشيء بالنسبة لإسبانيا التي تحاول دعم مقترح الحكم الذاتي مقابل تخلي الحكومة المغربية عن فكرة استرجاع مدينتي سبتة و مليلية المحتلتين ، و كذا الاستمرار في ادارة المجال الجوي للصحراء المغربية بعدما وعدت الحكومة الاسبانية تسليمه للسلطات المغربية.
هذا و قد كشفت الحكومة الإسبانية عن أن المفاوضات “بدأت بالفعل” مع المغرب، بشأن إدارة وتنسيق المجال الجوي بين البلدين، بهدف “تحقيق قدر أكبر من الأمن في الاتصالات والتعاون الفني”، وذلك تماشياً مع النقطة السابعة من الإعلان المشترك الصادر في 7 أبريل 2022، والتي كانت قد أشارت إلى أنه “سيتم إطلاق مباحثات حول تدبير المجالات الجوية”.
وجاء إعلان الحكومة الإسبانية عن بدء المفاوضات مع الجانب المغربي، في جوابها عن سؤال لعضو مجلس الشيوخ، عن تحالف جزر الكناري، فرناندو كلافيجو، بخصوص مفاوضات نقل إدارة المجال الجوي للصحراء إلى المغرب.
و استغلت اسرائيل قضية الصحراء كذلك لتبتز المغرب واضعة شرط استضافة قمة النقب للإعتراف بمغربية الصحراء و كذا من أجل التخفيف من حدة انتقاده للممارسات الإسرائيلية، التي سبق للمغرب مرارا وتكرارا أن ندد بها وعبر عن رفضه لها، بل وكانت سببا في تأجيله قمة النقب لأكثر من مرة. كما ندد وزير الخارجية، ناصر بوريطة، خلال لقاء جمعه بنظيره العماني، بـ”الهجمات الإسرائيلية بجنين”، معتبرا أن “الوضع الحالي خطير جدا ويهدد ما تبقى من سلام ضئيل في المنطقة”.
وحازت فرنسا صفقات لإنجاز مشاريع كبرى بالمغرب، وربحت الملايير على حساب خزينة الدولة، ومن أموال دافعي الضرائب، كانت كافية ليس لتأكيد جدية مقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية بسيادة المغرب على كافة أراضيه، الصغيرة المساحة مقارنة مع الجزائر، ولكن بإعلان صريح أن الصحراء مغربية وستبقى مغربية وإلى الأبد، ووضع مقترح على مجلس الأمن لحيازة التصويت بالإجماع وعدم وضع أي دولة دائمة العضوية الفيتو، سواء الصين الشعبية المطلوب منها أيضا الإقرار بمغربية الصحراء لأن المغرب يدعم وحدة ترابها، ويمنحها أيضا مشاريع تنموية، أو روسيا التي بدأت تستفيد بدورها، وبذلك يتم وبصفة نهائية طي الملف بالأمم المتحدة وإخراجه من اللجنة الرابعة.
وعند عودة الفرنسيين إلى خريطة الدول المغاربية، قبل الاستعمار وبعده وإجراء مقارنات بين الوضع الذي كان عليه المغرب ومساحته قبل توقيع عقد الحماية، ووضع الجزائر وتونس، مع الوضع الذي آلت إليه كل دولة على حدة، ومراجعة المراسلات الرسمية للمقيم العام وحكومة فرنسا، ودفاتر ليوطي وحدود كل بلد، سيعرفون جيدا أن المغرب تعرض لظلم شديد وتم المس بوحدته الترابية بخلاف الجزائر، المستفيد الوحيد من توسع ترابي لم يكن يحلم به الجزائريون أنفسهم على حساب المغاربة وليبيا وتونس، ما جعلهم الدولة الوحيدة في المنطقة تتمتع بخيرات استخراج النفط والغاز الطبيعي، وبيعه إلى فرنسا واستغلال هذه الورقة لممارسة الضغط على دول إفريقية تقر بمغربية الصحراء ووجاهة مقترح الحكم الذاتي، وتستعمله ورقة لممارسة الضغط على رئاسة تونس الفاقدة للشرعية، لرئيس وهمي على دولة وهمية ينشط في تندوف جنوب الجزائر.
فعلى فرنسا التي تضم جالية مغربية نشيطة تعمل ليل نهار وتكد وتجتهد لأجل المساهمة في رفع معدل النمو، والناتج الداخلي الخام، أن تغير نظرتها إلى المغرب وتنهي سياستها العشوائية المبنية على ممارسة الضغط كي تحوز كل صفقات الأوراش الكبرى وهي تعي جيدا أن هناك دولا أخرى منافسة تسعى بدورها إلى الفوز لأجل مساندة المغرب في ضمان وحدته الترابية المشروعة، لذلك على فرنسا تفادي افتعال الأزمات مثل قضية الإمام الفرنسي، الذي ولد وترعرع بفرنسا وتربى في أحضانها ودرس فيها ليصبح مثل فزاعة لتخويف المغرب بسبب أن أبويه مغربيان، والحقيقة أن فرنسا لا تفهم كيفية تدبير الحقل الديني الذي يمتلك مفاتيحه الملك أمير المؤمنين، الذي غير من توجه العالم نحو خوض الحروب الدينية، لأسباب تافهة، والتي كانت ستقضي على العالم، إلى حوار الحضارات والديانات.