يحاول الحزب الشعبي الإسباني المعارض، قبل الحسم الانتخابي في القيادة الحزبية التي ستقود الحكومة بإسبانيا بعد الثالث والعشرين من يوليو الجاري، طمأنة المغرب بإقامة علاقات قوية ومستقرة، في حال وصوله إلى السلطة.
وقال رئيس الحزب الشعبي الإسباني ألبرتو نونيز فيخو، مساء الاثنين، إن “في حال وصوله إلى قصر مونكلوا، فإن أولويته الأولى ستكون إقامة علاقة ‘ممتازة’ مع المغرب، مستقرة وشفافة، لأنه جار وحليف وصديق”، مشيرا إلى أن قضايا الدولة يجب أن تعرض على البرلمان الإسباني.
وأضاف فيخو، حسب ما أوردته وكالة “يوروبا برس”، أن “أول شيء سنفعله هو إرسال رسالة إلى المغرب، لقد أرسلتها إليهم عندما أجريت أول لقاء مع رئيس الوزراء المغربي، مفادها أننا حزب موثوق به، وحزب دولة، وبالتالي علينا أن نرفع قضايا الدولة إلى البرلمان”.
واعتبر فيخو أن علاقات إسبانيا مع المغرب لا يمكن أن تقوم على أساس العلاقة الشخصية التي يقوم بها “الرئيس الحالي” مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، لأنها ليست “علاقات مستقرة”. وشدد على ضرورة إقامة علاقة قوية مع “حليف وجار وصديق” لإسبانيا ومعرفة ما اتفق عليه رئيس الحكومة بيدرو سانشيز مع المغرب.
وعلق نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، بأن “تصريح رئيس الحزب الشعبي الإسباني، لا يمكن فصله عن سياقه الانتخابي، إلا أن الثابت فيه هو التأكيد على مكانة المغرب كجار وحليف لإسبانيا، وأن العلاقات بينهما أساسها التعاون وبناء جسور الثقة وخدمة المصالح الإستراتيجية بين البلدين”.
واعتبر في تصريح لـه أن “تصريح فيخو يحمل تناقضات وعدم وضوح بشأن الموقف من الاتفاق التاريخي بين المغرب وإسبانيا بخصوص الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية ودعم مقترح الحكم الذاتي، خاصة محاولته اعتبار هذا الاتفاق ذا بعد شخصي وليس مؤسساتيا، حيث تم في إطار علاقات شخصية بين العاهل المغربي الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، وهو ما يحتاج إلى توضيح على اعتبار أن العلاقات بين البلدين يحكمها القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، مهما كانت العلاقات الشخصية بين قيادة الدولتين”.
وشدد الأندلوسي على أن “المغرب حاضر بقوة في السياسة الخارجية لإسبانيا، مهما كانت طبيعة الحكومة المنتخبة، لكن مواقف الحزب الشعبي تحتاج إلى وضوح أكبر، إذا فاز في الانتخابات، لتستمر العلاقات المتميزة بين البلدين بعمقها الإستراتيجي، رغم التوتر بينهما بين الفينة والأخرى”.
وجدد فيخو أن حزب الشعب هو حزب “موثوق ودولة”، وبالتالي، “تجب إحالة قضايا الدولة إلى البرلمان”، معتبرا أنه “مهتم بعلاقة مستقرة مع المملكة المغربية، لأنها حليفي وجاري وصديقي. لهذا نحتاج إلى معرفة ما اتفق عليه سانشيز مع المغرب أولا وإعادة ترسيخ شفافية الاتفاقيات، وثانيا موافقة الكونغرس ومجلس الشيوخ عليها”.
وأكد الحزب الإسباني أهمية استئناف “علاقات متوازنة” مع كل من الجزائر و”الشعب الصحراوي” ومنظمة الأمم المتحدة، في إشارة إلى قضية الصحراء المغربية.
في المقابل، يرفض زعيم الحزب الشعبي توضيح الموقف الذي سيتخذه في حالة توليه الحكومة الإسبانية إذا فاز حزبه في الانتخابات، وفيما إذا كان سيتبنى موقف الحكومة الحالية الذي ينتقده، أم سيعود ببلاده إلى الموقف المحايد من أجل إصلاح العلاقات مع الجزائر، وما تمثله هذه الخطوة من أزمة دبلوماسية جديدة مع المغرب.
الحزب الإسباني أكد أهمية استئناف “علاقات متوازنة” مع كل من الجزائر و”الشعب الصحراوي” ومنظمة الأمم المتحدة، في إشارة إلى قضية الصحراء المغربية
ويعارض ألبرتو نونيز فيخو قرار سانشيز بخصوص دعمه حكومة مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء، حيث طالبه بتوضيح الأسباب التي دفعته إلى تغيير موقف مدريد المحايد في القضية، خاصة أن هذا الموقف تسبب في قطع العلاقات بين إسبانيا والجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو الانفصالية.
وتطالب الجزائر وجبهة بوليساريو أن يترجم زعيم الحزب الشعبي الإسباني ألبرتو نونيز فيخو رفضه لدعم بيدرو سانشيز لخطة الحكم الذاتي للصحراء المغربية بـ”أفعال تلغي تغيير الموقف من نزاع الصحراء”.
ونفى رئيس الحكومة بيدرو سانشيز حدوث أي تغيير في موقف إسبانيا في ما يتعلق بالمغرب والصحراء المغربية، المتوافق تماما مع قرارات الأمم المتحدة، وهو نفس موقف الحلفاء الدوليين مثل ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة.
كما نفى بيدرو سانشيز، في حديثه بالقناة الخامسة الإسبانية صباح الثلاثاء، أن يكون تغيير حكومته موقفها من قضية الصحراء المغربية، “نتيجة لضغوطات و’ابتزازات’ من الرباط كما تدعي المعارضة التي أرادت زيادة منسوب الإشاعات وترويجها حولي، من أجل زيادة العداء ضد سياستي”، ودافع عن أهمية بناء علاقات قوية مع المغرب، خاصة في ظل التعاون مع الرباط في العديد من القضايا، مثل الهجرة السرية.
وأعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في مارس 2022 دعم مدريد لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء، مسجلا بذلك تحولا غير مسبوق في مواقف إسبانيا من قضية الصحراء المغربية.
ودعا سانشيز في التاسع والعشرين من مايو الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة بعد أن خسر حزبه وشريكه الأصغر في الائتلاف بوديموس في الانتخابات الإقليمية والبلدية، قائلا إنه سيقود حزبه الذي يسعى للبقاء رئيسا للحكومة.
ويرى مراقبون أن المناظرة المباشرة المرتقبة التي ستجمع سانشيز بفيخو، قبل الانتخابات العامة المرتقبة في الثالث والعشرين من يوليو، بمثابة مناسبة سياسية لتوضيح المواقف بشأن العديد من القضايا أبرزها قضية الصحراء المغربية ورؤية الحزب الحاكم الداعم للمغرب في هذه القضية.