دراسة تكشف معاناة الجالية في أوروبا بسبب الربط بين “الإرهاب” والهجرة
سلطت دراسة حديثة الضوء على معاناة الجالية المغربية والجاليات المسلمة عموما من أشكال متعددة من العنف والاضطهاد في عدد من البلدان الأوروبية، خصوصا بعد كل “هجوم إرهابي” يستهدف إحدى هذه البلدان، بسبب “الربط الدائم بين الإرهاب والهجرة”، مؤكدة أن هناك تجارب ناجحة لاندماج المهاجرين في البلدان المضيفة، تحتاج “اعترافا لتفادي سوء الفهم الناتج عن هذا الربط”.
الدراسة، التي صدرت عن “المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية”، تحت عنوان “يولد الإرهاب أشكالا من العنف ضد الجالية المسلمة المغربية وشمال إفريقيا في أوروبا”، أكدت أن “مجموعة من الأحداث الإرهابية التي وقعت في أوروبا بعد هجمات الحادي عشر من شتنبر في العام 2001، بحيث إن الفاعلين هم في بالأساس شباب من أصول مهاجرة”، وفق ما تتداوله وسائل الإعلام، ساهم في خلق “ترابط بين الهجرة والإرهاب، لتجد بذلك الجاليات المسلمة بأوروبا، على غرار الجالية المغربية، نفسها بعد كل هجوم إرهابي ضحية لأعمال العنف والكراهية والإسلاموفوبيا”.
وأورد المصدر ذاته أنه “بعد كل هجوم إرهابي في إحدى دول الاتحاد الأوروبي، يطفو على السطح من جديد مفهوم الإسلاموفوبيا، الذي يشكل مادة خام للتداول الإعلامي والسياسي. كما يتحول هذا الخوف من الإسلام إلى أعمال عنف ضد المسلمين، سواء تعلق الأمر بالعنق اللفظي أو الجسدي”. كما يضطر “المجتمع المسلم في هذه الدول، بعد كل حادث من هذا النوع، إلى الاعتذار وتقديم شروحات في كل مرة عن ثقافته ودينيه”.
فبعد هجمات باريس على سبيل المثال، شهدت أعمال العنف والعنصرية تجاه المهاجرين المسلمين زيادة ملحوظة، خاصة تجاه “الأشخاص الملتحين أو الذين يرتدون علامات دينية على غرار الحجاب”، ووصلت درجة العنف ضد هذه الشريحة من المجتمع الفرنسي حد “محاولات الدهس بالسيارات والهجوم على المساكن واعتقالهم تعسفيا من طرف الشرطة الفرنسية. كما لم تسلم المساجد بدورها من هذه الاعتداءات عن طريق تسمير رؤوس الخنازير على أبوابها وكتابة عبارات عنصرية على جدرانها”.
في الصدد ذاته، تتساءل الوثيقة عينها: “هل يمكن النظر إلى وجود ثقافات وأعراق مختلفة في المجتمع الأوروبي على أنه تعددية ثقافية أو مجتمعية؟”، لتجيب أن “مجتمع الهجرة العمالية هو مجتمع يواجه تلقائيا هذه التعددية؛ وهو هو ما يفرض على هذه البلدان البحث عن استراتيجيات لإدارة هذه الظاهرة الاجتماعية”.
وتتبع المصدر عينه السياسة الفرنسية في هذا الإطار، حيث إن “الدولة الفرنسية اعتمدت ما يسمى بسياسة الاستيعاب التي تعرفها المنظمة الدولية للهجرة كونها العملية التي تتبنى من خلالها مجموعة اجتماعية أو عرقية، عادة ما تكون أقلية، السمات الثقافية للأغلبية”، مضيفا أن “هذه السياسة من النادر جدا أن تؤدي إلى الاختفاء التام للثقافة الأصلية للمهاجرين”.
لاحقا ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، “حل مفهوم التكامل محل مفهوم الاستيعاب، حيث أصدرت فرنسا قانون في 24 يوليو من العام 2006، يشترط على الوافدين الجدد معرفة لغة البلد كخطوة مهمة لتسيير اندماجه في المجتمع الفرنسي”، أضافت الوثيقة، موردة أن “مسألة التكامل لا وجود لها في المجتمع؛ ذلك أنها ليست أصل الأزمة، لأن مفهوم المهاجر في فرنسا هو نوع من وصمة العار”.
وفي مقاربتها لظاهرة “الإرهاب”، أشار المصدر ذاته إلى “الأصل الاجتماعي للإرهاب؛ ذلك أنه يمكن النظر إليه كرد فعل ضد اليأس بسبب على الظروف المعيشية لمجتمعات المهاجرين”، مسجلا أن “النزعات الطائفية هي نتيجة منطقية لسياسية الفصل التي وضعتها البلدان المضيفة والتي تؤدي إلى الاستبعاد الاجتماعي”، إذ إن بناء مساكن للمهاجرين على سبيل المثال يعكس هذا الفصل؛ ذلك أن “صناع القرار أرادوا دائما أن يعيش المهاجرون منفصلين عن السكان المحليين”.
وخلصت الدراسة إلى أن “الإرهاب ظاهرة دولية لا دين لها ولا جنسية، تنبذها كل المجتمعات والدول”، مشيرة إلى أن “عوامل وجذور الهجمات الإرهابية التي عرفتها عدد من الدول ليست واضحة، بالرغم من كل ما قيل وكتب حول ربطها بالهجرة؛ ذلك أن هناك عددا من الأمثلة على الاندماج الجيد للجالية المغربية والمسلمة في جميع أنحاء أوروبا، بل هناك وزراء ورؤساء بلديات من هذه الجاليات في هذه الدول، وبالتالي فإن الاعتراف بوجود هذا المجتمع ومشاركته في التنمية سيؤدي إلى تفادي سوء الفهم وسيقضي على الاستبعاد الاقتصادي والاجتماعي”.