قضى 15 عاما سجنا ظلما.. القضاء الإسباني يتجه لتبرئة مهاجر مغربي بسبب تحقيق صحفي

تدرس المحكمة العليا الإسبانية، هذا الأسبوع، مراجعة قضية مهاجر مغربي يبلغ من العمر 73 سنة وينحدر من مدينة الناظور، كان قد قضى 15 سنة سجنا بتهم الاغتصاب، قبل أن يتم اكتشاف المتهم الحقيقي في القضية.

وكان المهاجر المغربي المدعو أحمد طموحي، قد هاجر من المغرب إلى إسبانيا للاشتغال في البناء، وذلك سنة 1991، حيث كان يبلغ من العمر حينها 40 سنة، قبل أن يتم اعتقاله بعد 6 أشهر فقط من حلوله بإسبانيا.

وأدين المهاجر المغربي بمنطقة كاتالونيا، بالسجن 20 سنة نافذة، بعدما وجهت له المحكمة تهما تتعلق بارتكاب سلسلة من عمليات الاغتصاب ببرشلونة وطاراغونا.

ورغم مطالبة الادعاء العام بالإفراج عنه لعدم وجود أدلة كافية، إلا أنه قضى مدة 15 سنة خلف القضبان، قبل أن يظهر المتهم الحقيقي في القضية، وهو مواطن إسباني شبيه في ملامحه بالمهاجر المغربي.

ووفق لمصادر إعلامية إسبانية، فقد كانت إحدى الضحايا المفترضات، وهي قاصر آنذاك، قد اعترفت فيما بعد أنها كانت مخطئة في تحديد هوية الجاني، وذلك بسبب التشابه الكبير بين المواطن المغربي والمواطن الإسباني الذي تم اعتقاله لاحقا في 1995.

كما أشارت المصادر الإسبانية إلى عدم وجود السائل المنوي الخاص بالمهاجر المغربي في مكان الحادث، ليتم الاحتكام للخبرة الطبية.

وكان الحرس المدني الإسباني قد اعتقل، أنطونيو غارسيا كاربونيل، في عام 1995، لارتباطه بسلسة اغتصابات متكررة، إلا أن الشيء الوحيد الذي كان يجمعه بالمهاجر المغربي “طموحي” هو مظهره الجسدي والاختلافات اللغوية الصغيرة (كان غجريا).

عينات السائل المنوي التي تم جمعها في ستة اعتداءات جنسية في ذلك العام كانت تخصه بالفعل، ليتم الحكم عليه بالسجن 228 عامًا.

الظلم والعدالة المتأخرة

يرفض أحمد طموحي، الاستسلام لقضيته، في الوقت الذي توفي أمامه متهم مغربي آخر في القضية، وهو عبد الرزاق منيب، حيث توفي في السجن في سنة 2000 إثر أزمة قلبية، تاركا وراءه زوجته وخمس أطفال، دون أن يحصل على العدالة.

ورغم كون أحمد محروم من وثائق الإقامة، حيث أنه بعد مرور 17 سنة على الإفراج عنه، لم يتمكن من العودة إلى المغرب لرؤية زوجته التي لم يراها منذ 30 سنة.

إلا أن أحمد تقدم بطلب للمحكمة العليا للمرة الثانية الاستماع إليه، في 19 يناير الماضي، حيث أذنت غرفة الجنايات باستئنافه للمراجعة ووافقت على تحليل قضيته.

ووفقا للمصادر الاسبانية، فإن الأدلة على الخلط بين أحمد والمغتصب المعروف في كاتالونيا في التسعينيات، قوية، وسيجتمعان يوم الأربعاء المقبل للتداول.

إقرار متأخر

حصل أحمد طموحي، على اعتراف من إحدى الضحايا التي أقرت بوجود خطأ في تحديد هوية المغتصب، وذلك لوجود شبه كبير بين المهاجر المغربي والمواطن الاسباني.

وقالت الضحية في تصريحها لجريدة “إل باييس”، إن الشرطة سارعت بالرجل المقيد الأيدي أمام الضحايا قبل الطابور واعتقدت أنه هو، رغم أنها أدركت خطأها بعد سنوات: “كان مؤلمًا جدًا التفكير في أنني أشرت إلى شخص لم يكن كذلك. وآمل حقًا أن تحقق العدالة شيئًا”، تضيف الضحية.

وسائل الإعلام الإسبانية أشارت إلى تجاهل الحكم الذي كانت مقرره القاضية آنذاك مارغريتا روبلز (وزيرة الدفاع الحالية)، تقريرًا من الشرطة العلمية لبرشلونة، والذي حلل آثار السائل المنوي الموجود في سراويل الضحية.

كما خضع حينها المدعى عليه لجميع الفحوصات البيولوجية الممكنة، وجاءت النتيجة آنذاك أن البقايا العضوية ليست له.

وقررت المحكمة عدم ضرورة تعليق المحاكمة بناء على طلب الدفاع، ليعلن الخبراء أنها لم تأخذ في الاعتبار تحليل السائل المنوي وكان الاعتراف بالفتاة كافياً للإدانة.

تحقيق صحفي

شكلت قضية المغربي أحمد طموحي حديث الصحف الاسبانية وأسالت مداد العديد من الجرائد لفترات طويلة، كما سلط الضوء عليها العديد من الكتاب والصحفيين، أبرزهم  الصحفي الإسباني “براوليو غارسيا جيان” الذي ألف كتاب “Poetic Justice Seix Barral 2010″، حيث عنون كتابه “15 سنة سجنا بسبب “وجه”.. نطالب بالعدالة”، وحصل على الشاهد الخبير للإدلاء بشهادته.

وتساءل غارسيا جيان في كتابه بالقول: “حسنًا، إذا كانت فصيلة الدم غير متطابقة، فهل يمكننا أن نقول إن الحيوانات المنوية تبررها أيضًا؟، نعم نعم. كلا من الحيوانات المنوية والدم”، ليقترح دفاع أحمد طموحي على المحكمة العليا توجيه استدعاء للصحفي للإدلاء بشهاداته.

اترك رد

تعليق 1
  1. دواح نورالدين يقول

    أود أن أخبركم بأن الفضل بعد الله يعود إلى جمعية النهضة ورئيسها السيد دواح نورالدين الذي تحمل عبأ هذه القضية منذ 1994، منذ ذلك الحين قمنا بإنزال العديد من التظاهرات إلى شوارع برشولنة للتنديد بالتجاوزات القضائية الخطيرة التي شابت هذا الملف، بالإضافة إلى فضح هذا الملف وإظهاره للعلن عبر جميع القنوات الإعلامية الإسبانية المرئية والمسموعة وكذلك المكتوبة، زيادة على الزيارات المنتظمة التي كنت أقوم بها شخصيا للسجن للتواصل مباشرة مع الطوحي أحمد وعبد الرزاق منيب كل يوم جمعة.
    وللمعلومة أود أن أخبركم بأن قبل تأليف هذا الكتاب الذي أعاد هذه القضية إلى الواجهة، أنا من زود هذا الصحفي الشهم بجميع المعلومات والملفات حول هذه القضية، بعد أن قام بزيارتي بألميريا التي أقطن بها حاليا.

%d مدونون معجبون بهذه: