الشيء الوحيد الذي تنتجه الجالية المغربية ببروكسيل بأعداد هائلة هو المرشحين السياسيين و المنتخبين الذين يتوالدون و ينشطرون ويتكاثرون كالأرانب يوماً بعد يوم.. ويمكن تحديد فترة ما قبل الانتخابات بأنها هي فترة التكاثر والتفريخ، حيث بلغ عدد المرشحين بالمئات، ولكنهم تبخّروا ودخلوا بعضهم في دورة سُبات بعد انتهاء العملية الانتخابية ، تَرشح منتخبين جدد و كذا من نعرفهم من سنين في بروكسيل و هم لا يملكون برنامج سياسي ولا أيديولوجية واضحة.. وإنما الهدف من كل ذلك هو المشاركة في الانتخابات وتحقيق الهدف في الوصول إلى مجلس النواب أو البلديات وبعد ذلك يحلها حلاّل.
ربما ستفاجئنا بعض الدول ممن لم تدخلها الديمقراطية من أبوابها الواسعة مثلما ننعم بها الآن، بالطلب إلينا لكي نصدّر إليها بعضاً من هذه البضاعة (المنتخبين من أصول مغربية ) التي باتت كاسدةً لدينا لكثرتها، ولعدم الإقبال عليها من الجالية المغربية ببلجيكا ، في واقعنا المُفعم بالضبابية غابت معالم المنهج السياسي الراكز والايدلوجيات المفعمة بالعمل الجماعي الجاد للدفاع عن حقوق المهاجرين المغاربة .
كنا نأمل ان نرى بعض الوجوه التي نراها ترقص في بلدية مولنبيك و كوكلبيرغ و فوري تسعى جاهدة لتطبيق شعاراتها التي رفعتها قبل استلامها السلطة في وعود تكاد تكون احلام وردية لجالية تحلم فقط بالامان ولقمة عيش كريمة، وبعد استلامهم السلطة تحولت شعاراتهم للصراع من اجل الاستحواذ على السلطة والتمدد على حساب الشريك السياسي والابتعاد عن لغة الحوار التي ممكن ان تكون الطريق الاقصر للتوافق، متناسين أصولهم و من أين أتوا ، ليصبحوا اوروبيين أكثر من دوي الاصول الاوروبية.
لذا عندما نتحدث عن الانتخابات الحقة، في أدق تحليل لها، لا تعنى سوى السيطرة الكاملة لمنتخبين على صناعة القرار وإجراءات تنفيذه، هذه السيطرة التي لا تتحقق في صورتها العملية إلا باستعمال وسائل مختلفة ومن خلال أساليب متنوعة، فردية وجماعية، من الجالية و بالجالية و للجالية..
ولكن متى نحقق ما وعدنا به مغاربة بروكسيل عندما يتوفر منتخبين لديهم الارادة للعمل من اجل الوطن والمواطن لا من اجل الحزب والمتحزب .
ونتيجة عدم خدمة مصالح الجالية و الدفاع عن حقوقها بالشكل السليم تؤدي بالتأكيد الى ضعف المنتخبين الذين فشلوا في انجاح التجربة الديمقراطية ، كما أن هناك عدة عوامل أدت إلى ضعف وغياب المنتخبين عن أداء دورهم فى المشهد السياسي ، بالوقت الذي كانت الجالية تعوّل على مرشحيها لغرض خلق فرص اكبر للتنافس في خدمة المواطنين وأصلاح منهج الدولة من خلال أرساء مبدأ العدالة الاجتماعية والحرية وحفظ الكرامات .
أسباب ضعف المنتخبين هو عدم وجود أعضاء وكوادر جديدة تنضم لها على الرغم مما شهدته الانتخابات السابقة ، حيث حصد بعض الممرشخين نتائج سلبية أكدت عن عدم تجاوبه مع متطلبات مغاربة بلجيكا و تجاهلهم في المناسبات و خدمة الحزب بدلا من المواطن .
كما أن بعض السياسيين من اصول مغربية اصبحوا يتنكرون لبلدهم و لمواطنيهم الذين اوصلوهم لهذه المراتب ، عندما تقترب الانتخابات نراهم في جميع المناسبات خيرية و فنية و حتى في الاسواق ، منهم من يرقص و منهم من يغني لكسب المزيد من الاصوات و لتحقيق نتائج تخول لهم مكانا بالبرلمان او بالبلديات ، و سرعان ما تتغير الامور و المنتخب ينجح في خطته و يغير رقم هاتفه و تصبح المواعيد سارية المفعول لملاقاته، بدون أي فائدة ، فقط وعود تتبخر مباشرة بعد مغادرتك لمكتبه.
وعلى الرغم من وجود منتخبين منذ عشرات السنين إلا أنهم لم ينعكس أدائهم على الجالية المغربية، انتخاب مرشحين من اصول مغربية تجارب حديثة على جاليتنا لم ننجح في التعاطي معها بما يثريها من الافكار والرؤى وتنعكس على اداء مميز يرفع من شأن الوطن والمواطن، بل تحولت الى جزء من صراع سلطوي داخل اطار حزبي بما يسمى ” جنود الحزب ” مما اضعف هذا الصراع التجربة الحزبية وأثر سلباً على سمعة واداء المنتخبين الذين بدؤوا يفقدون جمهورهم ومؤيديهم ، وبالتالي اصيبوا بالضعف والوهن .
الجالية المغربية ببروكسيل بحاجة الى افكار جديدة ودماء شابة ترفد مسيرة الاحزاب وما دون ذلك لاوجود لشخص ايدلوجي فاعل وحيقيقي على الساحة .