فوضى جمع التبرعات في مساجد بلجيكا

حنان الفاتحي

خلال صلاة عيد الاضحى، معظم أئمة المساجد؛ وقبيل صلاة العيد؛ يبلغ بهم الجشع أشده حتى ينصبون أنفسهم موزعي “صكوك الغفران” فيستغلون أريحية المصلين وصبرهم بإخضاعهم لأجواء التسول  وابتزازهم تحت طائلة “مغفرة الذنوب” ودعم الدخل المساجد و مدارس اللغة العربية  … إنهم يسترزقون فقط مما “يجود به المحسنون” … الخ من التعابير المضمخة بعبير الآيات القرآنية ، للاحتيال على قلوب المصلين واستدرار كرمهم ، مما يعكر نقاء الإيمان وفضاء الصلاة.

ونكتفي؛ فيما يلي؛ بإيراد وقائع بهذا الخصوص؛ تتردد في معظم المساجد وتتضاعف في الاعياد كما حدث صباح اليوم بمدينة فيلفورد:

وقائع تؤسس للظاهرة

1ـ عقب الانتظار لصلاة عيد الاضحى ، يستمر انتظار إقامة الصلاة لأزيد من ثلث الساعة ليعقبها سماع تكبير المصلين نحوا من عشر دقائق .. ثم يشرع صوت ميمون أقيشوع يقرع آذان الحضور ” السادة المحسنين … السيدات المحسنات… ! ستطوف عليكم الأكياس بعد قليل سواء بالنسبة للرجال أو النساء .. ولمن تعذر عليه الآن نشير عليهم بوجود صناديق هنا داخل المسجد معدة لهذا الغرض .. فسارعوا إلى نيل مغفرة الله”.

2ـ آسْيادْنا …راهْ الله الموجودْ .. انتهينا من بناء المدرسة .. و لكن فينيسون تا تطلب المزيد من الاموال.. داكْ شّي دْيالْ الدعم راكو عارْفينو ضْعيفْ .. أوماكافيشْ .. إلا خْطاوْ المحسنين راهْ ماكاينْشْ .. الله يجازيكمْ بخير … قبل الصلاة .. غاديينْ يطوفو عليكيمْ .. باشْ ما سخّاكومْ الله .. والله لا يضيع أجر المحسنين ..”

3ـ بينما الأكياس تطوف بين الصفوف والقطع والأوراق النقدية تتراقص داخلها ، إذا بوشوشة تدب بين المصلين :

الأول : ” … دابا واللّي ماقدارشْ يقبطْ لوضو…. آشْ غايْديرْ ..؟ “

الثاني : ” … ينْسحبْ … وصْلاتو مقْبولا بالنّية … ودْنوبو … على رقْبة الإمام لّي سبّاقْ لفْلوسْ على الصلاة ..”

الثالث : ” … دابا .. قالّي عقْلي إلى زعْما هزّيتْ واحدْ لخنْشا أوبْديت نجمعْ من عنْدْ المحسنين أودرْتهم فْجيبي … واشْ غاتْكونْ هادْ لفْلوس حْلالْ ولاّ حْرام ..؟ !..”

الرابع من الخلف : ” … جابلي الله بحالْ إلى حْلالْ … وإلى بغيتي تتأكّد …قْصادْ الإمام أوسوْلو …ماشي عيبْ .. !”

من المعلوم أن هذه السلطات البلجيكية تتوفر على جيش عرمرم ، أفراده منبثون في كل المساجد من كل مدينة ؛ أنيطت بهم مهمة معاينة ومراقبة فضاء الصلوات داخل المساجد ،،، وتحرير تقارير بشأنها ، ولا يخطر ببال عاقل أن هذه الظاهرة ( جمع التبرعات في المساجد ) خارج تغطيتها .. وبالتالي فغض الطرف عنها يعني أن مجلس المسلمين ببلجيكا أو المجلس العلمي متورط؛ بصورة أو أخرى ؛ في هذه “البدعة” أو بالأحرى “استمالة قلوب المصلين” والتحايل على أريحيتهم ، فضلا عن إزعاج المصلين وإرباك توقيت الصلاة ليمتد الى ساعات ونيف .

كما أن التحجج “ببناء مسجد او مدرسة ” مجرد ادعاء ، ذلك أن وزارة العدل البلجيكية خصصت لهم دعم سنوي لكل المساجد المعترف بها عدا الهبات التي يتلقاها مباشرة من المحسنين وذوي الأريحية داخل المقصورة أو خارج أوقات الصلاة.

من غير المعقول ان تستمر عمليات جمع التبرعات من المساجد واماكن تجمعات المواطنين، خاصة في مثل هذه الأيام من الاعياد و شهر رمضان ، دون ان يتم وضع ضوابط لها خاصة بعد ان تم  اكتشاف العديد من الحالات التي يتستر بها بعض ضعاف النفوس تحت مظلة العمل الخيري، وتحت اسماء لجان وهمية ويجمعون الاموال لحسابهم الخاص كما جرى بمسجد الرحمة بمدينة أنفيرس و التي لا يعرف ليومنا هذا مصير 250 ألف اورو.
هذه العملية يجب ضبطها وتنظيمها من الجهات المسؤولة وان تسرب بعض المشبوهين ، لجمع التبرعات في المساجد لا يمنع من الاعتراف بان جهات اخرى تقوم بعملية جمع التبرعات بكل نظافة وخلق وتذهب الاموال الى الجهة التي يتم الجمع لها، سواء لاقامة المساجد او لدعم الجمعيات الخيرية او لجان الزكاة.
لا يجوز تحت اي ظرف من الظروف ان يقوم اي شخص او اية جهة بوضع صندوق مفتوح او كرتونة، او حتى سجادة لجمع التبرعات عليها حتى ولو كانت لجهة معتمدة؛ لان النفس امارة بالسوء الا ما رحم ربي.
لدرء الشبهات، ولجعل المواطن اكثر قناعة بان ما تبرع به يذهب الى الجهة المعنية، سواء اقامة المسجد او مساعدة الفقراء، او جمعيات بعينها، او حتى الاهل في المناطق المحتلة، فان الامر يتوجب تصميم صناديق معتمدة من وزارة العدل البلجيكي.
فالاموال التي تجمع بالمساجد لا يعرف اين تصرف او اي جهة تستغلها و خصوصا و ان رئيس جمعية المسجد و مساعدوه يتقاضون راتبا شهريا من هذه الاموال ( العاملين عليها ) ، و حتى و إن بنيت مدارس او مساجد فهي تكتب بإسم الجمعية رغم انها بنيت من تبرعات الجالية المسلمة ، و هذا ما يحدث لمدارس اللغة العربية التي يجمعون لها الاموال من المحسنين من الجالية و بعد بنائها تصبح مدرسة خاصة يجب ان تؤدي 400€ لتعليم طفلك اللغة العربية .
وعلى الجالية  تقع مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الجهات الرسمية، فهي مدعوة للتأكد من الجهة التي تدفع لها اي تبر، وان تحصل على وصولات رسمية، وان تتوقف عن دعم المستوزقين بإسم الدين الذين يعملون على حفر الابار هنا و هناك او الاشراف على طهارة الاطفال بالمغرب او غيرها من طرق النصب و الاحتيال بإسم الدين من اشخاص احترفوا ذلك، والذين يتفننون في اسلوب جذب الانتباه اليهم، والعصابات التي احترفت التسول.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: