قلق أممي من جمود العملية السياسية والمناوشات خلف الجدار الأمني بالصحراء المغربية
ماموني
نفى أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أن تكون للأمم المتحدة يد في عرقلة الوصول إلى حل، وأورد أن المنطقة الموجودة خلف الجدار الأمني المغربي تعرف حاليا صراعا منخفض الحدة يثير قلق المنظمة.
وعلى هامش مشاركته في قمة باريس المالية تحت شعار “إنشاء عقد جديد بين الشمال والجنوب”، ذكّر غوتيريش بجدية المقترح المغربي للحكم الذاتي وبكل محاولات الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على السلم في المنطقة، خصوصا بعد أحداث الكركرات. وفرض المغرب على إثر تلك الأحداث سيطرته على المعبر في وقت تمادت العناصر الانفصالية في الاعتداء على المنطقة.
وإجابة على سؤال طُرح عليه بخصوص مستقبل النزاع في ظل مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي تحظى بدعم دولي متزايد، شدد الأمين العام في لقاء مع طلبة العلوم السياسية على هامش القمة العالمية، على أن النقاش الذي أثير حول الصحراء في البداية كان بين المغرب وموريتانيا لا غير.
وأوضح غوتيريش أن “قضية الصحراء بدأت حين غادرت إسبانيا المنطقة، وعقدت اتفاقا من أجل تقسيم أراضيها بين المغرب وموريتانيا، بدون أي تحديد ذاتي، بعد ذلك موريتانيا عرفت بأن هناك مشاكل فخرجت من تلك الأراضي والمغرب مدد تواجده إلى المنطقة بأكملها”.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي المغربي الخبير في العلاقات الدولية، أن ما يستنتج من كلام غوتيريش أن الأمم المتحدة تحاول إيجاد أرضية صلبة للتفاوض من أجل إنجاح مسلسل التسوية السياسي بخصوص ملف الصحراء، إلا أن قيادة الجبهة والنظام الجزائري كطرف مباشر للنزاع يحاولان جاهدين عرقلة كل المحاولات وأهداف مجلس الأمن للوصول إلى حل نهائي وواقعي للملف، وأن الأمم المتحدة مطالبة بالمزيد من الصرامة السياسية والضغط الدبلوماسي على معرقلي المجهودات الأممية للانخراط الكامل بكل مسؤولية في تقديم كل الضمانات السياسية لإنجاح مفاوضات المبعوث الأممي.
وفي إطار البحث عن حل عادل، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن مبعوثه الشخصي ستافان دي ميستورا، يحاول الوصول إلى اتفاق بين المغرب وجبهة بوليساريو من أجل الوصول إلى حل، مضيفا أن “المغرب يقدم حلا في إطار سيادته، وهو الحكم الذاتي”.
ويتحرك غوتيريش ضمن حدود قرارات مجلس الأمن، منها قرار 2654 الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمها المغرب في 2007، كأساس يتسم بالجدية والمصداقية، كفيل بإنهاء النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، كما نصت على ذلك قرارات مجلس الأمن، ودعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الهادفة إلى إحياء المسلسل السياسي، في أفق إيجاد حل واقعي وعملي ودائم، قائم على التوافق.
وتزامنت تصريحات غوتيريش مع زيارة للمستشار الفيدرالي السويسري وزير الشؤون الخارجية الفيدرالي إغناسيو كاسيس للمغرب، تطرق فيها مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى مخطط الحكم الذاتي، معتبرا أن الوقت قد حان لتسوية هذه القضية وإيجاد حل لها، على اعتبار أن هذه الأزمة قد طال أمدها، وأنه يتعين إيجاد اتفاق مع ممثل الأمم المتحدة يتيح المضي قدما بالمسلسل لتحقيق الغاية منه، مع التحلي بالمرونة من قبل كافة الأطراف.
وتأتي تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، بعد أسابيع قليلة على انتخاب الجزائر عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، وهو ما رحبت به بوليساريو، وشددت الجبهة الانفصالية على أن “الجزائر هي الصوت المدافع عن القضايا العادلة في العالم وفي مقدمتها القضية الصحراوية”. من جهته، أدرج وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف الدفاع عن مواقف بوليساريو داخل الجهاز التنفيذي للأمم المتحدة، كأولوية لولاية بلاده في المجلس.
◙ غوتيريش يتحرك ضمن حدود قرارات مجلس الأمن ومنها القرار 2654 الداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي التي قدمها المغرب في 2007 كأساس يتسم بالجدية والمصداقية
واعتبر غوتيريش أن الوضعية بعد واقعة الكركرات تعقدت، وقوات المينورسو أصبحت تجد صعوبات أكثر وأكثر لإدارة المنطقة لأن هناك عراقيل، موردا أن غاية مجهوداته ألا يُعمم الصراع على المنطقة، خالصا إلى أن الوضعية تظل مجمدة على أمل أن يكون من الممكن إيجاد حل في أسرع وقت.
ولفت معتضد في تصريح لـه إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة مقتنع بشكل كبير بالالتزام الإيجابي للرباط من أجل إنهاء هذا النزاع المفتعل، وملم بشكل كبير بتدبير القيادة في الرباط للمنطقة والجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات المغربية من أجل الدفع بعملية السلام والسلم في المنطقة في إطار المقاربة الأممية، معتبرا أن ملف الصحراء لا يعتبر ثانويا في أجندات الأمم المتحدة، بل يدخل في إطار الأولويات الإستراتيجية لمجلس الأمن في خانة الاستقرار الأمني في المنطقة، والمنطق الدبلوماسي للأمم المتحدة تجاه هذا النزاع يصنف من الأكثر جدية وبراغماتية.
وأكد غوتيريش أنه كانت هناك عدة مبادرات للتعامل مع الملف، موضحا أنه “عندما كنت على رأس مفوضية اللاجئين نظمنا رحلات عبر الربط الجوي لمن يرغبون في رؤية عائلاتهم بين المخيمات ومن هم داخل أراضي الصحراء، لكن الوضعية ظلت جامدة”.
وحسب المسؤول الأممي، فموقفا المغرب وبوليساريو “استمرا في التباعد تماما، وفي الوقت نفسه أنشأ المغرب جدارا بالمنطقة ترك جزءا منها في الشرق بدون حضور لسلطاته، وهناك تتحرك جبهة بوليساريو، ولدينا قوات لحفظ السلام هي المينورسو التي من بين أهدافها تفادي وقوع صدام”.