نتائج مخيبة لآمال الدول الفقيرة في ختام قمة باريس
لم تحصل الدول الفقيرة التي شاركت في قمة باريس، أو تلك التي لم تشارك، على أي شيء، وانتظرت قرارات لمساعدتها على مواجهة أزماتها سواء ما تعلق بالغذاء أو المناخ. واكتفت القمة بخطوات صغيرة مثل تقديم مساعدة للسنغال أو تخفيض ديون زامبيا، فيما لم تحصل مصر ولا تونس على وعود واضحة بشأن المساعدات والتمويلات التي كانتا تنتظرانها من القمة.
وألقت القمة بمسألة التمويلات على عاتق صندوق النقد الذي يعتزم زيادة تمويله للدول الفقيرة بمقدار 100 مليار دولار، في الوقت الذي جاءت فيه بعض الدول للبحث عن تمويلات إضافية تساعدها على تحسين تفاوضها مع الصندوق من جهة وتنويع مصادر التمويل لتستجيب لحاجياتها.
ويقول متابعون للقمة إن التعهد بمبلغ 100 مليار دولار أقل بكثير من الاحتياجات الفعلية للدول الفقيرة، وإن الرقم يمثل رمزا لإخفاق الدول الغنية في تقديم التعهدات المالية لمكافحة تغير المناخ.
واختتمت القمة الجمعة مع تحقيق بعض المبادرات تجاه الدول الفقيرة، لكن من دون أن تحقق التقدم الكبير المرجو لإعادة توجيه النظام المالي العالمي في خدمة المناخ.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ختام القمة التي رفعت شعار “ميثاق مالي عالمي جديد” عن “إجماع تام” على “إصلاح عميق” للنظام المالي العالمي.
لكن اللقاءات انتهت بسلسلة من التعهدات المحددة التزمت بها مجموعة من الدول، من غير أن يصدر الإعلان المشترك الذي أملت به الرئاسة الفرنسية لفترة. واكتفت الأخيرة بنشر “ملخصها” للمناقشات.
وجمع ماكرون مجددا الجمعة حوالى أربعين رئيس دولة وحكومة بينهم الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس التونسي قيس سعيد، في لقاء كان من المفترض أن يترجم على أرض الواقع التوصيات المنبثقة عن مؤتمر الأطراف للمناخ الأخير (كوب27) المنعقد في نوفمبر الماضي بمصر، قبل موعد المؤتمر المقبل المرتقب في نهاية السنة الجارية في الإمارات.
ودعمت عدة بلدان (بربادوس، إسبانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، المملكة المتحدة)، بالاشتراك مع البنك الدولي، نظام تعليق تلقائي لسداد الديون في حال وقوع كارثة طبيعية.
وفي خطبة طويلة عاطفية أعرب الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا عن أسفه الجمعة بسبب الجمود الذي يعانيه المجتمع الدولي في مكافحة تغير المناخ والحد من التفاوت، فضلاً عن الحمائية التي تمارسها الدول الغربية.
وانتقد بشدة المؤسسات المالية الدولية قائلا “الثري يبقى ثريا والفقير يبقى فقيرا”.
وقالت منظمة السلام الأخضر (غرينبيس) “تمخض الجبل فولد فأرا”، مضيفة “تنتهي القمة من دون اعتراف صريح بمبدأ أن الملوث يدفع”، في إشارة إلى مطالبتها بأن تدفع الشركات العاملة في قطاع الطاقة الأحفورية “تكاليف الفوضى المناخية”.
كما تجمّع أكثر من 350 شخصا صباح الجمعة عند تمثال الجمهورية في باريس، وحضوا القادة السياسيين على التوقف عن الاستثمار في الوقود الأحفوري وعلى التحول إلى تمويل الطاقة الخضراء.
وقال الرئيس الفرنسي “نؤيد ضريبة دولية على الشحن البحري لأنه قطاع غير خاضع للضريبة”، وهو يود إحراز تقدم في هذه المسألة خلال اجتماع تعقده المنظمة البحرية الدولية قريبا.
وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى تحالف من 22 دولة من بينها الدنمارك واليونان وفيتنام ونيوزيلندا، إضافة إلى المفوضية الأوروبية، يدعم هذه المبادرة.
لكن ليس هناك توافق بشأن هذه المسألة الحساسة، وقال ماكرون في هذا الصدد إنه “إذا لم تتبعنا الصين والولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية الرئيسية التي لديها أيضًا شركات كبيرة، فإن الضريبة لن يكون لها أي تأثير”.
وحققت القمة تقدما في بعض المجالات الخميس، إذ وعدت دول غنية بتقديم 2.5 مليار دولار للسنغال لمساعدته على الحد من اعتماده على الطاقات الأحفورية، كما سيتم تخفيض ديون زامبيا.
غير أن هارجيت سينغ من شبكة العمل المناخي رأى أن طموحات القمة “تقوم أكثر مما ينبغي على الاستثمارات الخاصة وتعطي المصارف الإنمائية متعددة الأطراف دورا مبالغا فيه” معتبرا أن “هذا يعني تجاهل الدور المحوري الذي ينبغي أن تلعبه الماليات العامة”.
وعلّق المدير المشارك لمركز الأبحاث “إي 3 جي” نيك مابي “لقد رفعت قمة باريس الآمال في إجراء إصلاح جذري للنظام المالي العالمي”. وأضاف أن “التحدي الآن هو تنفيذ هذه الرؤية في العام المقبل، الأمر الذي سيتطلب دبلوماسية مكثفة وقرارات صعبة”.