بنكيران يراهن على المنتسبين لحل الأزمة المالية لحزب العدالة والتنمية
يراهن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران على منتسبي الحزب لمواجهة الأزمة المالية التي يعيشها بسبب تراجع أعدادهم.
وكشف بنكيران الأحد، عن تراجع أعداد المنخرطين من 40 ألفا إلى ما بين 13 و20 ألف منخرط.
وشدد بنكيران خلال اجتماع اللجنة الوطنية للتنظيم والمالية على أن قضية الانتساب إلى الحزب ليست بـ”الشيء الهين”، راهنا البقاء داخل حزبه بأداء الواجب المالي، ومهددا بالشطب من العضوية كل من لا يلتزم بالدفع.
وكانت هزيمة الحزب في الانتخابات التشريعية في سبتمبر 2021 تسببت في ارتباك واضح على المستوى التنظيمي والخطاب السياسي والمالي، إذ أنتجت عجزا ماليا كبيرا بالميزانية العامة للحزب دفع بنكيران إلى دعوة الأعضاء إلى التبرع من أجل إنقاذ مالية الحزب، وإرجاع ما بذمته إلى خزينة الدولة.
وأوضح بنكيران أن الحزب مطالب بالعمل على ضبط لوائح العضوية والالتزامات، مضيفا أنه سيتم القطع مع مسألة تسوية الوضعية المالية قبل الانتخابات.
وأكد أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري هشام عميري لـ”العرب” أن تراجع عدد أعضاء حزب العدالة والتنمية لا يمكن ربطه بالجانب المالي فقط، وإنما يرتبط بالسلوك السياسي لدى النخبة الحزبية بشكل عام وليس حزب العدالة والتنمية، إذ أن ظاهرة الترحال السياسي من حزب إلى آخر ما زالت مستمرة، وهو ما جعل الحزب يفقد مجموعة من أعضائه، أما ربط بنكيران الانتماء إلى الحزب بما هو مالي فإننا سنكون أمام تقييد حرية الانتماء، والذي يتنافى مع المبادئ الدستورية وبالتالي سيساهم في تراجع ما تبقى من مكانة حزب العدالة والتنمية.
وركز حزب العدالة والتنمية على موضوع الأموال في بحثه عن طريق لتجاوز تداعيات هزيمته الانتخابية واستعادة توازنه الداخلي لأجل العودة إلى الواجهة، حيث أكد الأمين العام أن خصوم الحزب لديهم الأموال، مضيفا أن حزب الأحرار يتوفر على ميزانية ضخمة ولديه أغنياء إضافة إلى الدعم المالي للدولة خلال الانتخابات.
ولإنقاذ ماء وجه الحزب، دعا بنكيران أعضاء العدالة والتنمية إلى المساهمة في خزينة الحزب بما يستطيعون حتى يتمكن من إدارة الانتخابات المقبلة بالشكل الذي يستحقه، كاشفا أنه قرر التبرع بـ5 آلاف درهم شهريا لفائدة الحزب بالرغم من أن قانون الحزب يلزمه كرئيس سابق للحكومة بأداء 3 آلاف درهم فقط.
ولفت بنكيران إلى أن ما بين 10 و30 في المئة فقط من الأعضاء يؤدون التزاماتهم المالية، رغم توصله بالدعم السنوي من طرف الدولة.
لكن المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة دستورية) كشف في تقريره السنوي بخصوص فحص حسابات الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية والمترشحين، أن جميع الأحزاب المستفيدة من مساهمة الدولة والبالغ عددها 28 حزبا، قامت بإيداع حسابات حملاتها الانتخابية لدى المجلس خلال الأجل المحدد وهو أربعة أشهر من تاريخ صرف المساهمة المذكورة، وأن 14 حزبا منها أودعت حساباتها خارج الأجل منها العدالة والتنمية.
وربط بنكيران تموقع الحزب بماليته، مشيرا إلى أن “المال قوام الأعمال”، وأن من أسباب نجاح الحزب خلال انتخابات 2015 و2016 هو تغطية كافة المكاتب على المستوى الوطني التي كلفت ما يفوق 5 ملايين درهم (500 ألف دولار).
وفي السياق ذاته أكد بنكيران خلال اجتماع اللجنة الوطنية للتنظيم والمالية، أن العمل السياسي بات أهم من العمل الدعوي لأن المغاربة في نهاية المطاف مسلمون، كما أعاد الكلام نفسه عندما قال لأعضاء حزبه إن الفترة التي تحمل فيها المسؤولية لعشر سنوات ساهمت في استقرار البلاد وهو أفضل بكثير من دول عربية سواء على المستوى الحقوقي أو السياسي أو الاقتصادي، مؤكدا أنه يذكر أعضاء حزبه بهذا “لكي لا يشعروا بالاستصغار”.
وزاد “لا نترك الساحة فارغة ونذهب إلى بيوتنا لأننا لم نفز في انتخابات 2021، فاليوم مسؤوليتنا أكبر”.
وعلق رشيد لزرق رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات أن ما يسعى له بنكيران بالعودة إلى الساحة السياسية كما كان عليه قبل عشر سنوات، صعب جدا ويحتاج قبل الحديث عن الأزمة المالية للحزب إلى الوعي بخطورة المرحلة والتفكير في مصلحة الوطن قبل الحزب والمكاسب الانتخابية السياسية.
واعتبر لزرق في تصريح لـه أن الجمع بين الدعوي والسياسي لا يستقيم، كون الأول يقوم على أساس هداية الأشخاص عن طريق كسبهم، في حين تكون غاية السياسي هي المغالبة، والجمع بين الكسب والمغالبة يولد اللّبس.
وشدد على أن الحزب مدعو إلى إحداث تغيير مقارنة مع المرحلة السابقة التي تميزت بلعبه على الخلط بين الدعوي والسياسي، ما ولّد لديه طموحا غير عادي نحو الهيمنة من خلال خطاب شعبوي، معتبرا أن ادّعاء التمايز لا يعدو كونه تكتيكا سياسيا فرضته المرحلة.