دافع وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس عن العلاقات المغربية – الإسبانية، مقرا بأن للمغرب أولوية كبرى في سياسة إسبانيا الخارجية.
وحاول ألباريس تحييد ورقة العلاقات مع المغرب عن التنافس الانتخابي في إسبانيا عبر الرد على منافسه رئيس الحزب الشعبي ألبرتو نونيز فييخو الذي ادعى عدم علمه باتفاق إسبانيا مع المغرب.
وكان فييخو قد سئل بداية الأسبوع الجاري في إحدى الإذاعات الخاصة عمّا إذا كان ينوي مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع المغرب في حالة توليه رئاسة الحكومة الإسبانية، فرد بأنه لا يعلم ما تم الاتفاق عليه بين الرباط ومدريد خلال الاجتماع رفيع المستوى في 1 و2 فبراير الماضي.
ويبدو أنه أراد أن يبقي على الغموض حول موقفه من الدعم الحالي من مدريد لمغربية الصحراء، مواصلا مطالبته الدائمة بمعرفة الاتفاقيات المبرمة مع المغرب والتي دفعت بإسبانيا إلى دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء قبل الإقدام على أي خطوة.
ووجه ألباريس مساء الثلاثاء، انتقادات لاذعة لزعيم الحزب الشعبي، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات التشريعية، إذ اتهمه بأنه يعتاد ممارسة الكذب بشأن العلاقات المغربية – الإسبانية، وأنه سياسي لا يصلح لأن يكون رئيسا لحكومة إسبانيا لعدم درايته بأن للمغرب الأولوية دائما في سياسة مدريد الخارجية.
وأضاف وزير الخارجية الإسباني أن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بين المغرب وإسبانيا توجد على الموقع الرسمي للحكومة الإسبانية، مُشيرا إلى أن فييخو إما يحاول ممارسة التضليل ونشر الأخبار الكاذبة بتصريحه، أو أنه بالفعل يجهل هذه الاتفاقيات وهو ما يجعله “جاهلا” بالعلاقات المغربية – الإسبانية.
ودخلت علاقات الرباط ومدريد مرحلة جديدة وغير مسبوقة عقب المباحثات التي جمعت العاهل المغربي الملك محمد السادس في الثامن من أبريل 2022 برئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز والتي رسمت تفاصيل “خارطة طريق”، كما أنهت القطيعة الدبلوماسية بين البلدين التي حدثت على خلفية استقبال إسبانيا في 24 أبريل 2021 لزعيم جبهة بوليساريو إبراهيم غالي.
وعقب إعلان رئيس الوزراء الإسباني إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في 23 يوليو المقبل، عاد الجدل في وسائل الإعلام الإسبانية والبرلمان بشأن مستقبل العلاقات بين المغرب وإسبانيا وموقف مدريد الجديد من قضية الصحراء.
وتتزايد التكهنات بشأن إمكانية حصول الحزب الشعبي على عدد كبير من الأصوات، بعد تصدره الانتخابات الجهوية والبلدية التي جرت نهاية مايو الماضي بفارق 2.5 نقطة عن الحزب الاشتراكي العمالي، حيث حقق أول فوز له في الانتخابات المحلية منذ عام 2015.
وبموازاة خطط الحزب الشعبي الانتخابية، بنى حزب فوكس حملته الانتخابية البلدية والجهوية على معاداة المغرب متهما إياه بالرغبة في “انتهاك السيادة الإسبانية”، واستمر الحزب في خطابه الرافض لبقاء المهاجرين غير النظاميين على الأراضي الإسبانية، ليضاعف بذلك مقاعده مرتين.
وأعلن سانشيز عن تقديم موعد الانتخابات العامة التي كانت مقررة في 10 ديسمبر 2023 إلى 23 يوليو المقبل، بعد الهزيمة الكبيرة التي تلقاها حزبه في الانتخابات البلدية والجهوية، حيث خسر رئاسة العديد من الأقاليم التي تتمتع بالحكم الذاتي، منها 6 مناطق من ضمن 9 كان يحكمها وهو ما يُقوي حظوظ حزب الشعب بالفوز، في حين يتوجب على الحزب الاشتراكي العمالي تغيير إستراتيجيته بعد فشل حملته للانتخابات البلدية والجهوية.
وأكد رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية نبيل الأندلوسي أنه من الصعب الحديث عن تحييد الموقف من العلاقات المغربية – الإسبانية عن الصراع الانتخابي المقبل اعتبارا لأهمية هذا الموضوع، ليس فقط بالنسبة إلى النخبة السياسية والاقتصادية الإسبانية، وإنما حتى بالنسبة إلى الرأي العام الشعبي وأساسا الناخبين.
وأوضح الأندلوسي في تصريح لـه أن موقف وزير الشؤون الخارجية الإسباني ورده المنطقي والمفحم على رئيس الحزب الشعبي لا يمكن عزله عن السياق الانتخابي في إسبانيا، ونقاش العلاقات المغربية – الإسبانية وتحديدا الاتفاق المغربي – الإسباني في هذا السياق، ما يدل على أهمية هذه العلاقات الثنائية وعلى تأثيرها في الرأي العام الإسباني وعلى توجهات الناخبين الإسبان.
وتأمل الجزائر وجبهة بوليساريو في فوز الحزب الشعبي بقيادة فييخو في الانتخابات المقبلة، وإعادة عقارب العلاقات إلى ما قبل الاتفاق المغربي – الإسباني، بعدما أعلن سانشيز عن تغيير مدريد لموقفها من قضية الصحراء لصالح المغرب، ودعم مقترح الحكم الذاتي لحل النزاع باعتباره حلا واقعيا وذا مصداقية.
وعلى مستوى آخر، دافع السفير الأسبق لإسبانيا بالمغرب والمدير السابق للمركز الوطني الإسباني للمعلومات خورخي ديسكايار عن علاقة قوية ووثيقة ومتينة بين بلده والمغرب، ليخلص إلى القول إن “ما هو جيد لإسبانيا هو جيد بالنسبة إلى المغرب، والعكس صحيح”، مؤكدا أن “مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لحل نزاع الصحراء هو الحل الواقعي”.
ولوضع النقاط على الحروف وتوضيح طبيعة ما تم الاتفاق عليه بين مدريد والرباط، تحدى وزير الخارجية الإسباني زعيم الحزب الشعبي بإجراء مناظرة مباشرة وجها لوجه بينه وبين رئيس الحكومة لمناقشة العلاقات المغربية – الإسبانية، والعلاقات الدولية، في تلميح من ألباريس إلى أن فييخو لا يستطيع مناقشة العلاقات الخارجية لإسبانيا لكونه لا يمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال.