المغرب يفرض نفسه بديلا آمنا لإمدادات الغاز من أفريقيا إلى أوروبا

انضمت أربع دول افريقية رسميا لمشروع خط أنبوب الغاز الذي يربط نيجيريا بالمغرب ليرتفع عدد الدول المنخرطة في هذا المشروع الواعد إلى عشر وهو ما يعزز إلى حدّ كبير جهود المضي بثبات نحو الانجاز الذي يتطلب تمويلات ضخمة ويحتاج إلى توسيع الشراكات الإفريقية وهو ما يوسع في الوقت ذاته روابط دول المنطقة بالمملكة التي عدلت بوصلتها خلال السنوات الماضية نحو العمق الإفريقي كقاطرة للتنمية وأيضا كلاعب محوري في دعم وتعزيز الاستقرار.

ووقّعت كوت ديفوار وليبيريا وغينيا والبنين الجمعة في مقر المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) بلاغوس مذكرة تفاهم مع المغرب ونيجيريا وهي تتمة للمذكرات الموقعة في العام الماضي مع مجموعة ‘إيكواس’ وموريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا بيساو وسيراليون وغانا. وحضر عن الجانب المغربي أمينة بنخضرا المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن.

ويمر عبر دول نيجيريا وبنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وانتهاء بالمغرب. وأعلنت نيجيريا والمغرب عزمهما بناء خط الأنابيب في عام 2016 وأجريا دراسات جدوى بشأن المشروع الذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تصدير الغاز إلى أوروبا.

وقال ميلي كياري الرئيس التنفيذي لشركة “إن.إن.بي.سي” النيجيرية للنفط “التكلفة المقدرة تبلغ حوالي 25 مليار دولار لدينا رؤية بالفعل عن مصدر هذا التمويل. ليس لدينا أي مخاوف”. وأدلى كياري بهذه التصريحات في أول لجنة توجيهية بعد توقيع مذكرة تفاهم للمضي قدما في المشروع. وقالت الشركة النيجرية إنه من المتوقع اتخاذ قرار نهائي بشأن الاستثمار في المشروع في عام 2023.

وذكر كياري أن طول خط أنابيب الغاز سيبلغ 5600 كيلومتر وسيضخ ما يصل إلى أربعة مليارات قدم مكعبة قياسية يوميا عند اكتماله، وستأتي الإمدادات من نيجيريا والسنغال وموريتانيا.

وسيمثل المشروع الذي يتم الترويج له على أنه سيؤدي إلى تكامل اقتصادي في غرب أفريقيا إضافة إلى الشبكة الحالية لخطوط أنابيب الغاز التي توصل الإمدادات إلى أوروبا.

وارتفع عدد الدول الأفريقية المنخرطة في هذا المشروع الضخم إلى 10 بعد أن وقعت الكوت ديفوار وليبيريا وغينيا والبنين اليوم الجمعة على مذكرات تفاهم مع المغرب ونيجيريا.

وأفاد بيان صادر عن مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية بأن “مذكرات التفاهم الجديدة التي تم توقيعها تؤكد التزام مختلف الأطراف بهذا المشروع الإستراتيجي الذي سيعزز تسييل موارد الغاز الطبيعي للبلدان الأفريقية وسيوفر طريق تصدير بديل جديد إلى أوروبا”.

وينتظر أن يحقق هذا المشروع نقلة جذرية في تسريع حصول الدول على الطاقة وتحسين ظروف معيشة السكان ودعم تكامل اقتصادات المنطقة وتخفيف حدة التصحر من خلال توفير إمدادات غاز مستدامة وموثوقة، وفق البيان.

وسيمر الأنبوب بكل من بينين وتوغو وغانا وساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.

وتمّ الاتفاق على إحداث مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا خلال زيارة الدولة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى نيجيريا في ديسمبر 2016.

وأعلن المغرب وصندوق (أوبك) للتنمية الدولية في أبريل/نيسان 2022 توقيع اتفاق تمويل جزء من الشطر الثاني من الدراسات القبلية المفصلة لمشروع خط أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب.

وتحدث الملك محمد السادس عن الفوائد الاقتصادية للمشروع خاصة في الدفع بالتنمية للأجيال المقبلة في غرب أفريقيا، فيما تحولت المنطقة إلى محطّ أنظار العالم في خضم أزمة طاقة تمر بها أوروبا بسبب وقف الإمدادات الروسية.

وقال بيان لوزارة المالية المغربية آنذاك، إن “وزيرة الاقتصادة والمالية نادية فتاح قامت من خلال تبادل مراسلات مع عبدالحميد الخليفة المدير العام لصندوق (أوبك) للتنمية الدولية والمديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن أمنية بنخضرة بالتوقيع على وثيقة قانونية تتعلق بتمويل قيمته 14.3 مليون دولار”.

ويحظى هذا المشروع الواعد باهتمام دولي وأوروبي باعتباره يمثّل حلا نهائيا لأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنه يثير مخاوف الجزائر التي تعد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا والسابع عالميا.

وأجرت السلطات الجزائرية المنزعجة من النفوذ المتزايد للرباط مناقشات في 2002 لمشروع خط أنابيب مماثل عبر منطقة الساحل، لكنها فشلت في حشد التمويل له.

ووقّع وزراء الطاقة الجزائري والنيجيري في صائفة 2022 مذكّرة تفاهم لتنفيذ مشروع منافس ضخم لضخ الغاز عبر الصحراء يزيد طوله عن أربعة آلاف كيلومتر لإيصال الغاز النيجيري إلى أوروبا عبر النيجر والجزائر. ولم يحدد أي جدول زمني لإنجازه. لكن أبوجا انطلقت في الفترة نفسها في حشد الدعم الأوروبي لمشروع أنبوب الغاز مع المغرب، حيث دعا الرئيس محمد بوهاري بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي إلى الاستثمار في أنبوب الغاز بين بلاده والمملكة.

ويرى مراقبون أن مشروع أنبوب الغاز بين الجزائر ونيجيريا لم يكن مدروسا، مشيرين إلى أنه يأتي في سياق مساع جزائرية تهدف إلى التشويش على الاتفاق بين أبوجا والرباط، بينما يعتبر الاتحاد الأوروبي المغرب شريكا موثوقا ويقيم معه شراكات في العديد من القطاعات.

وأكد جيف دي بورتر الخبير في الطاقة في مؤسسة “نورث أفريكا ريسك كونسالتنغ” في تصريح سابق أن “خط الأنابيب الجزائري سيكون معرضا للخطر بشكل هائل، ليس فقط بسبب هجمات الجهاديين لكن أيضا من المجتمعات المحلية في حال شعرت أنه يتم استغلالها في مشروع لا يأتيها منه أي فائدة”، متسائلا “من سيمول مشروعا كهذا”.

ونجح المغرب في تقديم نفسه بديلا آمنا لإمدادات الغاز التي تنتقل من أفريقيا إلى أوروبا وصارت الرباط تتعامل مع أفريقيا كعمق تنموي لها وخاصة غرب أفريقيا، بينما حظي هذا المسار بدعم أوروبي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: