من جدة إلى جيبوتي فشل دفع الله الكوز في الدبلوماسية ، دفع الله لا يزال أسيرًا لعلاقات النظام البائد. الرجل المشغول بالضغط على مذيعات القنوات لتصوير الدعم السريع بصورة المتمرد، لم يتمكن من تغيير تصوّر العالم له، سواء في جدة أو جيبوتي.
لا تزال الحرب في جيبوتي، تمامًا كما في جدة، حرب بين جنرالين، بدون متمرد فيها. بل، تشير الإشارات الواردة من جيبوتي إلى أنها أكثر حدة من جدة. فإذا صح الخبر الذي نقلته قناة الحدث عن ظهور عزت الماهري في القمة الأفريقية، يعني أن جيبوتي اختارت استضافة الطرفين ووجهت لطمة قوية لوزارة الخارجية. وإذا نظرنا إلى اللجنة التي كلفها الاتحاد الأفريقي بإيجاد حل للأزمة في السودان، نجد أن اثنين من أعضائها أقرب لحميدتي وليسوا حلفاءً لدفع الله. وهما الرئيس الكيني ويليام روتو ورئيس جنوب أفريقيا سلفاكير ميارديت، بينما الثالث هو الرئيس الجيبوتي. ومن خلال النظر إلى الرؤساء الثلاثة، نجد أن روتو هو الأكثر تأثيرًا في هذه اللجنة.
دفع الله لم تسعفه خبرته الدبلوماسية في ادراك أن أفريقيا اليوم ليست كما كانت قبل عام 2019. فأقوى دولها الآن لا ودّ بينها وبين الخرطوم، وإذا اضطرت اثيوبيا للاختيار بين الدعم السريع والجيش،فسوف تختار الدعم السريع. وأوغندا وكينيا لن تواليا البرهان على حميدتي، وجنوب أفريقيا لن تخرج من العباءة الأمريكية. أما جوبا، فالجميع يعلم إلى أين تتجه قواربها. وهذه هي الدول الأكثر تأثيرًا في الملفات التي تصل إلى طاولة الاتحاد الأفريقي، وجميعها ليست محايدة بما فيه الكفاية في هذه الأزمة.
فشل الرجل الذي أدخل البلاد في ورطة العداء مع الأمم المتحدة التي أصرت على قرارها بالإبقاء على رئيس بعثتها فولكر بريتس واختارت نيروبي مقرًا لعمله. هذا يعتبر اختراقًا دبلوماسيًا هامًا، ليس على المستوى الأفريقي وحسب، بل أيضًا على المستوى العربي.
قدم الماهري بمثابة مبعوث من حميدتي على نفس العواصم التي زارها دفع الله مبعوث الفلول، ولكنه تفوق عليه فيما حققه، حيث وجد الأبواب مفتوحة أمامه وتمكن من المشاركة في قمة جيبوتي. ليس لمبعوث البرهان اهداف سوى تنفيذ أجندة الفلول، والتي إن لم تجلب للبلاد موارد الهلاك، فلن تسمح لها أن تسير خطوة إلى الأمام.
نطالب قياده الجيش قراءة المستجدات من حولهم. فالعالم لا يرغب في حرب في السودان، والعالم لا يرغب في سلطة جماعة الإخوان في السودان. والعالم لا يرغب في لغة العنتريات، ولا يرغب في سماع عبارة “أوكامبو تحت جزمتي” تتردد صداها مرة أخرى في أثير إذاعة أم درمان. فعلى الجيش الذي يخوض المعركة الآن تغيير ما رسخته وزارتا الخارجية والإعلام، لأن مواصلة الجيش معركته من أجل الفلول يضعف موقفه خارجيًا ويؤثر عليه داخليًا.
دفع الله لا يرغب في استمرار منبر جدة، لأن المسؤولين فيه استجابوا لطلب الدعم السريع بإبعاده، وأيضًا بإبعاد مساعده السفير عمر صديق عن المفاوضات الجارية. ، باعتبارها مفاوضات بين الجيش والدعم السريع، وليست مفاوضات بين المليشيا والحكومة السودانية. ونعم، دفع الله ومن ورائه الفلول يرغبون في مبادرة أخرى لا تقصيهم عن المشهد، إلا إذا منحتهم المزيد من السلطة في السودان.
تركيا، التي لم تمكن دفع الله من لقاء أردوغان، رغم ذهابه إليها بعباءة مبعوث البرهان، وطلب منها أن تتدخل كوسيطة. ولكنها لم تكن بالحماس الكافي لأنها تعلم ان دورها في السودان لن يرضي السعودية والولايات المتحدة والإمارات. وتبذل تركيا جهودًا جبارة لإرضاء هذه الدول الثلاث، ولا يمكنها المخاطرة بذلك.
وعندما يأس من أنقرة بدأ يدفع باتجاه مبادرة قطرية متناسيا أن الدوحة لديها ذات اسباب أنقرة التي تمنعها أن تكون خلفًا للسعودية في ملف السودان ..
جماعه النظام السابق الان مرفوضين من كل دول العالم ولا مكان لهم بعد اليوم.