بوتين وتبون يوقعان وثيقة الشراكة العميقة بين روسيا والجزائر
وقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والجزائري عبدالمجيد تبون اليوم الخميس إعلان “الشراكة العميقة” بين البلدين، وفيما وصف بوتين محادثاته مع تبون بـ”المثمرة” طالب الأخير بالتعجيل في دخول بلاده في منظمة “بريكس”.
وبحسب ما أوردته وكالة نوفوستي اليوم الخميس شدد بوتين على أن العلاقات مع الجزائر “تحمل أهمية خاصة بالنسبة لروسيا، وذات طبيعة استراتيجية”، وقال إن اعتماد إعلان التعاون سيكون بداية لمرحلة جديدة أكثر تطورا في العلاقات الثنائية بين البلدين.
خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الجزائري قال بوتين إن “المحادثات مع رئيس الجمهورية الجزائرية، كانت مثمرة للغاية. يتضح ذلك من خلال حزمة صلبة من الوثائق المشتركة بين الدولتين والوثائق الحكومية الدولية والمشتركة بين الإدارات، التي تهدف إلى زيادة تعزيز العلاقات بين بلدينا في مجموعة متنوعة من المجالات”.
وهذه الوثيقة أعدت منذ فترة تحت عنوان “التعاون الاستراتيجي المعمّق”، وتُعتبر تطويرا لاتفاق الشراكة الذي كان وقعه بوتين والرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة عام 2001، وتُعدّ بحسب المسؤولين في البلدين “مرجعاً محدداً يؤطّر العلاقات الجزائرية الروسية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وتتويجاً لعلاقات نوعية بين البلدين”، وتستهدف إخراج العلاقات الجزائرية الروسية من مربع التعاون العسكري الذي هيمن عليها منذ الستينيات، إلى المجالات الاقتصادية والتجارية وقطاعات حيوية أخرى.
وأشارت نوفوستي إلى أن بوتين وتبون وقعا أيضا اتفاقية للتعاون في مجال استخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية.
وترتبط الجزائر وموسكو بعلاقات تاريخية، سواء على المستوى الاقتصادي مع تبادلات تجارية بأكثر من 3 مليارات دولار، أو على المستوى السياسي والاستراتيجي، وخصوصا أن روسيا أكبر مورد للسلاح لأكبر بلد أفريقي من حيث المساحة.
كما تنسق الجزائر مع روسيا في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز وفي اجتماعات تحالف الدول المصدرة للنفط “أوبك+”.
واعتبر بوتين أن التنسيق بين البلدين “يساهم في استقرار” الأسعار العالمية.
ودعا بوتين الرئيس الجزائري إلى القمة الروسية الأفريقية، حيث تستعد موسكو لعقد قمتها الثانية مع الدول الأفريقية، المقررة في نهاية يوليو في سانت بطرسبرغ، بما في ذلك العمل في مشروعات البنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة.
ومنذ بدء النزاع في أوكرانيا، تعزز روسيا علاقاتها في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وتسعى روسيا إلى تقديم نفسها كشريك مميز للعديد من الدول في أفريقيا، أحيانا على حساب فرنسا القوة الاستعمارية السابقة.
ومن جانبه، أكد الرئيس الجزائري أن ضغوط الدول الأجنبية لن تؤثر على علاقة الصداقة بين الجزائر لروسيا.
وأضاف تبون أن “الجزائر حصلت على العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن (التي تبدأ في يناير 2024) بفضل أصدقائنا وعلى رأسهم روسيا”، موضحا سعي بلاده للتعجيل بالانضمام إلى منظمة “بريكس” الاقتصادية -التي تشكل روسيا أحد أهم أعضائها- من أجل الخروج من سيطرة الدولار واليورو، معتبرا أن هذه الخطوة تقدم فائدة كبيرة للاقتصاد الجزائري.
وبدأ الرئيس الجزائري الثلاثاء، زيارة إلى روسيا تدوم ثلاثة أيام، بدعوة من نظيره الروسي بوتين، ذلك في توقيت دولي صعب بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، ما قد يتسبب في حرج سياسي كبير بالنسبة للجزائر.
وتؤكد زيارة تبون حسم الجزائر لخيارها الاستراتيجي في الانخراط الكامل ضمن قطب الشرق، والذي تمثله روسيا والصين، والابتعاد عن المحور الغربي، والذي كان يمثله الثقل الفرنسي السياسي والاقتصادي في الجزائر، وتجاوز الأخيرة للمواقف الغربية القلقة بشأن علاقتها المتزايدة مع روسيا.
كما يبرز اختيار الجزائر لتوقيت مناسب لمفاوضة موسكو، ومحاولة مبادلتها المصالح الاستراتيجية والحيوية، خارج العنوان الكلاسيكي للتعاون العسكري، والبحث عن عناوين جديدة يمكن أن ترتكز عليها العلاقات بين البلدين.
فالجزائر تستهدف الحصول على دعم أكبر من موسكو بشأن تخفيف الشروط وتيسير انضمامها إلى مجموعة “بريكس” (تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا)، وتعاون أكبر في مجال الطاقة وتكنولوجيا التنقيب عن الغاز، واستهداف الخبرة الروسية في مجال الأمن السيبراني، وفي مجال زراعة الحبوب، والاستفادة من سوق السياحة وجلب السياح الروس إلى الجزائر.