جنسية لكل يهودي من أصول مغربية أينما كان.. ما الرد العربي؟
ما زال الوقت مبكراً لكي تحتل دوراً أمام السفارة المغربية في إسرائيل، ولكن أصبح مسموحاً أن نحلم بالعودة للمغرب؛ إذ يكفي موضة الجوازات البولندية والهنغارية والفرنسية والبرتغالية ـ يحق للإسرائيليين ذوي الأصل المغربي أن يكون لهم بلد لجوء. مجموعة من حاملي البشارة من المغرب قدموا طلباً للبرلمان هناك حتى يسن قانون لإعطاء الجنسية المغربية لكل يهودي من أصول مغربية، ولأبنائهم وأحفادهم، حتى وإن كان الأب ميتاً أو تنازل عن جنسيته المغربية. “الجالية اليهودية المغربية، كأحد مكونات الشعب المغربي، تكن محبة عميقة وعلاقة وثيقة للعرش الملكي الفخم، داخل المغرب وخارجه في كل أرجاء العالم، وهكذا أيضاً أبناؤهم وأحفادهم الذين خدموا الملك ومصالح الدولة والأمة مئات السنين”، كُتب في الطلب، الذي وقع عليه حسين بن مسعود “مواطن مغربي”، والذي يسرد تاريخ العلاقة الوطيدة بين يهود المغرب وملكهم ووطنهم.
كُتب في الطلب أن عدداً من مواطني المغرب اليهود اضطروا لترك بلادهم والتنازل عن جنسيتهم لأسباب لا تتعلق بهم، وبهذا حدث تمييز بينهم وبين يهود المغرب الذين ظلوا في الدولة ويحملون جنسية مغربية. “رغم المعاناة والمصاعب التي مرت بأبناء هذه الجالية، ظلوا متمسكين بمحبتهم للملك وللشعب المغربي، وممارسة عادات المجتمع المغربي”. ولوضع حد لهذه المعاناة، على المغرب أن يعطيهم جنسية حتى يستطيعوا الحصول على كامل حقوقهم القانونية والثقافية والدينية والاقتصادية.
قُدم الطلب بواسطة نافذة خاصة أسسها المغرب “النافذة الوطنية للتعاون والمواطنة” ومن خلال هذه النافذة يمكن لكل مواطن أو مجموعة أو تنظيم تقديم طلبات للحكومة، أو اقتراحات تشريع في البرلمان في كل موضوع وجزء من سياسة الحوار المباشر بين الدولة والمواطن، بتشريع الملك محمد السادس. ولكن حتى يوافق البرلمان على مناقشة الطلب، على مقدمه أن يجمع توقيع 20 ألف مواطن يؤيدون هذا الطلب. لشديد الأسف، وقع على هذا الطلب 8 مواطنين مغربيين فقط حتى الآن.
على الرغم من ذلك، أثار الطلب عاصفة كبيرة ليس فقط في المغرب فحسب، بل في دول عربية أخرى، والتي خشيت من السيناريو التي تعطي فيه دولة عربية جنسية ليهودها في المنفى. مع ذلك، وبعد الاطلاع على عشرات الردود في موقع “هاسبريس” المغربي، يظهر أن المبادرة تحظى بتأييد كبير. كتب كثيرون أنهم اعتقدوا أن الجنسية المغربية أبدية، وأنه لا يمكن سحبها سواء كان المواطن يعيش في المغرب أو في دولة أخرى. وأشار آخرون إلى أن يهود المغرب جزء لا يتجزأ من الشعب، وأنههم سيستقبلونهم بالترحاب. “بشرط أن يحترموا شروط الدولة ويتذكروا أن الأمر يتعلق بدولة مسلمة”، وكتب أحدهم: “أهلاً وسهلاً. عليهم مغادرة فلسطين التي احتلوها والعودة إلى وطنهم الأم، المغرب، نحن بحاجة إلى عبقريتهم”.
انتشرت القصة عندما زار رئيس الكنيست أمير أوحنا المغرب، بلده التي جاء منها، وهناك أعلن أن إسرائيل من قد تعترف بسيارة المغرب على الصحراء الغربية. بادرة حسن النية هذه ليست جديدة؛ لقد كان هنالك اقتراحات مشابهة، اعترضتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، لأن الولايات المتحدة ودول عديدة أوروبية لا تعترف بسيادة المغرب على هذه المنطقة. لكن ذلك لم يحدث حتى بعد أن اعترف الرئيس دونالد ترامب بسيادة المغرب هناك، وعلى الرغم من ذلك القرار الدراماتيكي الذي أثار خلافاً شديداً بين الولايات المتحدة والجزائر ودول في أوروبا. لكن إسرائيل لم تعترف حتى الآن بالسيادة المغربية رغم توقيع اتفاق سلام مع المغرب.
احتلت دولة المغرب الصحراء الغربية في 1975 مع انسحاب إسبانيا من هذا الإقليم، وفي 1979 ضمته إليها، وفيما بعد عرض المغرب نظام حكم ذاتي على قيادة “جبهة البوليساريو” وهي المنظمة العسكرية السياسية التي حاربت من أجل تحرير الصحراء الغربية من فرنسا والمعترف بها من الأمم المتحدة بأنها الممثل الرسمي لسكان الصحراء الغربية. بيد أن هذا الاقتراح رفض، وتواصل النضال من أجل الاستقلال. حتى بعد تعيين بايدن رئيساً للولايات المتحدة ورغم تصريحاته أنه سيجري إعادة تقييم لسياسة ترامب في قضايا أخرى ومن بينها القرار بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، فإنه تجنب حتى الآن إلغاء القرار، والمتحدثون باسمه ليسوا متحمسين للرد على أسئلة في هذه القضية.
انتقاد القرار يشير إلى خلل سياسي: الولايات المتحدة تعترف بسيادة دولة على منطقة احتلتها. يشير المنتقدون أن الولايات المتحدة شنت حرباً ضد العراق في 1991 عقب غزو صدام حسين للكويت. في تصريح وزراء خارجية دول في منظمة الـ G7 في 2021 بشأن غزو روسيا لأوكرانيا، قالوا: “أي استخدام للقوة بشأن تغيير حدود، محظور تماماً حسب القانون الدولي”. حسب منطق قرار ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، على الولايات المتحدة أن تعترف أيضاً بالاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم أو أراض أخرى احتلها الروس بعد غزوهم لأوكرانيا، وبالطبع أيضاً بضم شرق القدس وهضبة الجولان لإسرائيل، وأيضاً بضم الضفة إذا قررت إسرائيل تنفيذ هذه الخطوة. ومن هنا فمن الطبيعي أن تنضم إسرائيل للاعتراف بالسيادة المغربية، خاصة إذا استطاع جزء من مواطنيها أن يحظوا لاحقاً بجواز سفر مغربي.