في آخر جلساته معرض الرباط يناقش واقع المرأة والذكاء الاصطناعي

أضاءت الدورة الثامنة والعشرون للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط على قضايا ثقافية وأدبية وفكرية مختلفة، إذ قدمت برنامجا ثقافيا ثريا اهتم بمختلف نواحي المشهد الثقافي المغربي والعربي والأفريقي، مقدما نوافذ على أبرز الثقافات الغربية على رأسها ثقافة مقاطعة كيبيك ضيف شرف هذه الدورة.

مثل البرنامج الثقافي للدورة الثامنة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط فرصة لنقاش أبرز قضايا الثقافة المحلية والدولية.

وخصص المعرض آخر جلساته قبل اختتامه مساء الأحد الحادي عشر من يونيو الجاري، لنقاش واقع حقوق المرأة من خلال قراءة في تجرية الراحلة فاطمة المرنيسي، علاوة على فتح باب النقاش حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الثقافة.

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي أكثر من مجرد معلومات بل رحلة حضارتنا نحو فهم الروح الإنسانية وخلق أصدائها في الآلة

قالت البروفيسورة أمل الفلاح السغروشني الخبيرة في تكنولوجيا المعلومات، إن الاستخدام الجيد للذكاء الاصطناعي يتيح فرصا مهمة لمختلف الفاعلين في المنظومة التربوية لاسيما في مجال تحسين تعلّمات ومكتسبات المتعلمين.

وأكدت الخبيرة وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في مداخلة لها خلال المحاضرة الختامية لمشاركة المجلس في المعرض الدولي للنشر والكتاب حول موضوع “الذكاء الاصطناعي في خدمة التربية والبحث العلمي”، أن الذكاء الاصطناعي يتيح فرصا جديدة للتحسين المستمر وللتربية والتكوين المهني وكذلك تطوير البحث العلمي.

ورأت الرئيسة التنفيذية للمركز الدولي للذكاء الاصطناعي بالمغرب أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يعد أمرا ضروريا لتحديث قطاع التعليم من حيث أنه يجعل من الممكن الاستفادة من الإمكانيات التعليمية الجديدة، وإعادة التفكير في دور التعليم في المجتمع من أجل رؤية شاملة بمشاركة جميع الجهات الفاعلة المعنية.

وسجلت الباحثة أن بإمكان الذكاء الاصطناعي المساهمة في تحسين التعليم من خلال إنشاء مساحات مختلفة من التعاون داخل النظام البيئي التعليمي لتوفير تعليم عالي الجودة.

 

احتفاء بقامة نسائية
احتفاء بقامة نسائية

 

وأضافت أن الذكاء الاصطناعي يتيح أيضا توفير تعليم مخصص من خلال أنظمة تعليم تكيفية وتطبيقات معلوماتية تسمح بإنتاج محتوى تربوي، وإعداد دورات دراسية، وتوفيرها عن بعد، ومواكبة كل متعلم على حدة عبر توفير دعم تربوي دائم ومساعدة مهمة على مستوى التمارين والامتحانات ومساعدة السلطات العمومية المسؤولة عن القضايا التربوية في عملية اتخاذ القرار وكشف المتعلمين الذين يواجهون صعوبات في التعلم.

وفي مجال البحث العلمي، يوفر الذكاء الاصطناعي إمكانات كبيرة من حيث تحليل البيانات المتعلقة بالمنشورات والتجارب العلمية وإمكانية نمذجة أفضل لإشكاليات البحث والتوفر على إمكانيات المحاكاة من أجل اختبار فرضيات البحث المختلفة.

واعتبرت الفلاح السغروشني أن الذكاء الاصطناعي هو أكثر من مجرد معلومات بل “رحلة حضارتنا نحو فهم الروح الإنسانية وخلق أصدائها في الآلة لمساعدة ودعم الإنسان بشكل أفضل”، مشيرة إلى ضرورة حماية الذكاء الاصطناعي من الإنسان وحماية الإنسان من الذكاء الاصطناعي.

إذا كان المغرب من بين البلدان الأوائل في أفريقيا التي شاركت في الجهود الدولية لتحديد المعايير والأخلاقيات لاستخدام الذكاء الاصطناعي، فإن تنظيم هذا المجال يظل ضروريا للاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي.

وتضمن برنامج مشاركة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في المعرض الدولي للنشر والكتاب سلسلة من الموائد المستديرة التي تتناول قضايا تتعلق بتحديات منظومة التعليم والتكوين والبحث العلمي في المغرب.

بالإضافة إلى ذلك، نظم المجلس يوما خاصا لفائدة الأطفال المنحدرين من مختلف مناطق المملكة، للقيام بزيارة جماعية إلى المعرض.

وناقشت الباحثات مريم الشرطي ونسيمة موجود وزهور بوزيدي وليلى بوعسرية وحياة الزيراري الجمعة بالرباط، وضعية المرأة ونضالها المتواصل لنيل كافة حقوقها، وذلك ضمن الندوة الثانية حول “مسار فاطمة المرنيسي”، المنعقدة في إطار فعاليات الدورة الـ28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب.

المرأة المغربية

موضوع “أين وصل البحث الأكاديمي حول المرأة المغربية؟” يندرج ضمن الفكر النسوي لفاطمة المرنيسي ويأتي تكريما لها

من ناحية أخرى فقد ذكر بلاغ لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن النقاش بشأن موضوع “أين وصل البحث الأكاديمي حول المرأة المغربية؟” يندرج ضمن الفكر النسوي للمرنيسي، ويأتي تكريما لهذه الباحثة الكبيرة في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، والتي اشتغلت على أعمالها الأكاديمية باحثات بارزات في شكل من النضال والالتزام.

وفي هذا الصدد، أبرزت مسيّرة اللقاء الذي انتظم على هامش المعرض شادية العرب أن المرنيسي قدمت إسهامات عظيمة من خلال أعمالها، وشكلت بفكرها أعمال البحث حول المرأة ومن خلالها.

وأضافت أن المرنيسي “لطالما ناهضت الفكر السائد الذي كان يحرص في الغالب على تصوير النساء على أنهن ضحايا في معظم الأحيان. إذ عملت بفكر نسوي ملتزم وقائم على المساواة، كما تحلت بالجرأة لتناول قضايا شائكة تهم الدين والسياسة وجوانب أخرى. وكانت شجاعة ومتفانية وجريئة، وبادرت إلى إطلاق قراءة نسوية للمعرفة الأكاديمية النسوية، وجيل من الباحثين في المغرب، والعالم العربي، وفي شتى بقاع العالم”.

ومن هنا جاءت دعوة هؤلاء الباحثات اللواتي يمثلن استمرارية لأبحاث المرنيسي، من خلال قراءات جديدة، وظهور مواضيع جديدة، وذلك مع الانخراط في النهوض بالأعمال حول المرأة المغربية ونشرها.

من جهتها، قالت الباحثة الأنثروبولوجية وأستاذة التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني حياة الزيراري إن بحث المرنيسي انضم إلى المقاربات النسوية التي ظهرت منذ سبعينات القرن الفائت، والتي أثرت النظرية النقدية من خلال تسليط الضوء على الهياكل الاجتماعية والثقافية لأوجه عدم المساواة بين الجنسين.

 

المعرض خصص آخر جلساته لنقاش واقع حقوق المرأة من خلال قراءة في تجرية الراحلة فاطمة المرنيسي
المعرض خصص آخر جلساته لنقاش واقع حقوق المرأة من خلال قراءة في تجرية الراحلة فاطمة المرنيسي

 

من جانبها أبرزت الباحثة والأستاذة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس زهور بوزيدي من خلال إجراء بحوث حول الزراعة وتدبير الموارد الطبيعية والوسط القروي بشكل عام، أن هذه العوالم يتم ربطها دائما بالذكورة، وعادة ما تقتصر أنشطة النساء على العمل المنزلي.

بدورها اهتمت الباحثة في علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ليلى بوعسرية بالتغيرات التي تطرأ على روابط النوع الاجتماعي في وضعيات هشاشة، والتي تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، موضحة أنه غالبا ما ينظر إلى عمل النساء على أنه عامل تغيير في هذه التحولات.

وأبرزت أن “ما يثير الاهتمام في هذه المسارات الهشة هو أن هؤلاء النساء يتأرجحن بين القطاعين المهيكل وغير المهيكل، في مهن لا تحظى بتقدير كبير، ليس في المناطق القروية فحسب، وإنما في المناطق الحضرية أيضا”.

أما الباحثة بمركز سياسات الهجرة والمجتمع بلندن مريم الشرطي فقد اختارت هذا الموضوع نظرا إلى شح البحوث حول هذه الجالية التي حلت بالمملكة المتحدة في ستينات القرن الماضي، لافتة إلى خاصيتين مميزيتن لهذا النوع من الهجرة المنحدرة أساسا من شمال المغرب، لكنها تبقى غير مهيكلة، مع هجرة مبكرة للنساء (العازبات، الأرامل…) اللائي يهاجرن وحيدات قبل أن يحضرن عائلاتهن.

وفي السياق ذاته ركزت نسيمة موجود وهي أستاذة محاضرة في الأنثروبولوجيا بجامعة غرونوبل، في أعمالها على النوع الاجتماعي، والإنتاج حول الخطابات التي تهم الشغل والتنقل والجنسانية في سياق المغرب وفرنسا، مشيرة إلى أن المرنيسي كانت رائدة في مجموعة من الموضوعات والتحليلات، التي تمثل معارف الجيل الذي درسته وأثر في مسارها.

وخلصت إلى القول إن “هذا ما دفعني إلى الاعتماد على عمل المرنيسي في مسيرتي الدراسية بالمغرب، لقد أثار هذا المسار مسألة العلاقة بين الأقلية والأغلبية، ولاسيما بين الناطقين باللغتين الأمازيغية والعربية في سياق استقلال الدولة المغربية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: