الحكومة المغربية تحذف “شراء أيام السجن” من قانون العقوبات البديلة

ماموني

صادق مجلس الحكومة في المغرب على مشروع قانون العقوبات البديلة في صيغته الجديدة، بعدما أزيلت مواد الغرامات اليومية (شراء أيام السجن)، المثيرة للجدل، ما يؤشر على تجاوز الصعوبات التي وجدها وزير العدل عبداللطيف وهبي في طريق إقراره حزمة من القوانين الجديدة.

وأوضح الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس أن “مشروع القانون يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفتح المجال للمستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع، وذلك قصد المساهمة في الحد من مشكلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف”.

 

عمر الشرقاوي: أفضل شيء أقرته الحكومة إلغاء بيع العقوبة وشرائها
عمر الشرقاوي: أفضل شيء أقرته الحكومة إلغاء بيع العقوبة وشرائها

 

وأضاف بايتاس خلال ندوة صحفية عقب الاجتماع أن هذا “المشروع يتضمن مقتضيات موضوعية تندرج ضمن المبادئ العامة الواردة في مجموعة القانون الجنائي وأخرى شكلية تتعلق بتنفيذ العقوبات وفق قواعد الإجراءات الجنائية، وذلك من خلال إقرار مجموعة من العقوبات البديلة بعد الاطلاع على العديد من التجارب ومراعاة خصوصية المجتمع المغربي لكي تكون ناجعة وقابلة للتنفيذ وتحقق الغاية المنتظرة منها، مع استثناء الجرائم التي لا يحكم فيها بالعقوبات البديلة نظرا لخطورتها، وأخذا بعين الاعتبار حالات العود التي لا يتحقق فيها الردع المطلوب”.

وسحبت الحكومة مشروع القانون من اجتماعها في الخامس من مايو الماضي، مثيرة تكهنات حول الدوافع التقنية والتشريعية والسياسية، وأعلنت رئاسة الحكومة تشكيل لجنة تقنية لتعميق النقاش حول المشروع.

وبعد تشكيل اللجنة التقنية الوزارية من طرف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ناقشت على مدى شهر عملية تعديل مشروع قانون العقوبات البديلة، حيث توصلت إلى الحذف الكامل لواحد من أكثر البدائل الأربعة إثارة للجدل: الغرامات اليومية، أو ما يشار إليه بعبارة “شراء أيام السجن”.

وقال عمر الشرقاوي، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، إن “أفضل شيء أقرته الحكومة إلغاء بيع العقوبة وشرائها، الذي جاء به وزير العدل عبداللطيف وهبي ضمن مشروع قانون العقوبات البديلة الذي صادق عليه مجلس الحكومة، وخيرا فعلت الحكومة بهذا الإلغاء، لأنه كان سيحول السجون للفقراء والحرية للأغنياء، كما كان سيحول الجريمة إلى منتوج يباع ويشترى”.

وأضاف  “من الجيد التشريع لعقوبات بديلة، فهذا أمر تأخذ به أعداد من الأنظمة القانونية المتطورة، وهي خيارات من ضمن أخرى للتخفيف من اكتظاظ السجون ونفقات الدولة عليها”.

وأكد الشرقاوي أنه “ضد الاتجار بالعقوبة وهي حق للضحية والمجتمع ولا يجوز أن يتصرف فيها القانون بأي مبرر كان، لأن ذلك يعد إفلاتا مقنعا من العقاب مقابل المال، لكني في المقابل من أشد المدافعين عن عقوبة المراقبة الإلكترونية أو عقوبة الخدمة الاجتماعية التي يترتب عليهما إطلاق السجين مقابل خدمات للمجتمع والتزامات لفائدة الصالح العام في المساجد والمستشفيات والإدارات العمومية والمؤسسات الاجتماعية، أما أن نعرض في المزاد العلني العقوبة للبيع ولمن يدفع أكثر فهذا لا يتماشى مع نظامنا القانوني وبيئتنا الاجتماعية”.

وسابق وزير العدل عبداللطيف وهبي الزمن لإدراج مشروع العقوبات البديلة بالطريقة التي يراها، حيث صرح في وقت سابق داخل مجلس النواب بأن المحكوم بعقوبة سالبة للحرية يمكن أن يسعى إلى التقليص من أعداد السجناء وتوفير تكاليف معيشتهم داخل أسوار السجن، دون إبداء التعليل الأخلاقي للعقوبة في الآثار المترتبة عليها وما تساهم به في منع الجريمة واستعادة التوافق الاجتماعي للمجرم.

 

مصطفى بايتاس: مشروع القانون يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة
مصطفى بايتاس: مشروع القانون يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة

 

وتضمن قانون العقوبات البديلة قبل تعديله، الغرامة اليومية في شكل عقوبة يمكن للمحكمة أن تحكم بها بدلا من العقوبة السالبة للحرية، وهي مبلغ مالي تحدده المحكمة عن كل يوم من المدة السجنية المحكوم بها، والتي لا يتجاوز منطوقها في المقرر القضائي سنتين سجنا.

وتتوزع الغرامة اليومية، بحسب النص، ما بين 100 و2000 درهم، (10 دولارات، و200 دولار) عن كل يوم من العقوبة السجنية المحكوم بها، تقدرها المحكمة حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه، وخطورة الجريمة المرتكبة بالضرر المترتب عليها.

وأحاط جدل كبير بهذه المقتضيات، بسبب ما قد يكتنفها من تمييز في الاستفادة بين القادرين على الدفع وبين العاجزين عنه. ومنذ أن كشف عن مضمون هذا المشروع، ظل موضوع الغرامات اليومية يغطي على باقي البدائل المقترحة في النقاشات المحتدمة.

وأشار الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أن مشروع هذا القانون ميز بين ثلاثة أنواع من العقوبات البديلة تهم العمل لآجال المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.

ويشترط في المشروع الذي صادق عليه المجلس الحكومي الخميس، ألا تتجاوز العقوبة المنطوق بها خمس سنوات سجنا نافذا، بعد أن كان في الصيغة القديمة ثلاث سنوات سجنا.

واعتبر المشروع الجديد أن العمل المحكوم به لأجل المنفعة العامة تتراوح مدته بين 40 و1000 ساعة، بينما كان في الصيغة القديمة يتراوح ما بين 40 و600 ساعة

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: