زيارة رئيس الكنيست تعزز التوقعات بقرب اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء
تدرك إسرائيل أن تمتين العلاقات الثنائية مع الرباط يبدأ عبر خطوة الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على صحرائه، لذلك تكثف من زيارات مسؤوليها إلى المغرب بهدف تفعيل المباحثات في هذا الشأن والنسج على منوال الولايات المتحدة بتوقيع اعتراف رسمي بمغربية الصحراء.
دعا رئيس البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” أمير أوحانا خلال زيارة رسمية إلى الرباط الخميس، حكومة بلاده إلى الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه المتنازع عليها مع جبهة بوليساريو، معلنا أن هناك “محادثات جدية” بين الحكومتين بهذا الخصوص.
وقال أوحانا في مؤتمر صحفي عقب مباحثات مع نظيره المغربي رشيد الطالبي العلمي في مجلس النواب “قلت وأقول بكل وضوح، بصفتي رئيسا للكنيست، على إسرائيل أن تسير باتجاه الاعتراف بمغربية الصحراء، تماما كما فعلت ذلك الولايات المتحدة بتوقيعها اتفاقات أبراهام”.
وأضاف رئيس الكنيست “هناك حاليا محادثات جدية بين حكومتينا حول هذا الموضوع، وأظن أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيعلن قراره في المستقبل القريب”.
وأشاد رئيس البرلمان الإسرائيلي من جهة أخرى بالتدابير القيادية للعاهل المغربي الملك محمد السادس، مشددا على أنها “سديدة ومحتضنة لرؤية السلام”.
رئيس البرلمان الإسرائيلي يشيد بالتدابير القيادية للعاهل المغربي الملك محمد السادس ويؤكد على أنها محتضنة لرؤية السلام
وتابع أوحانا “الملك محمد السادس الذي يسير على خطى جدّه الملك محمد الخامس ووالده الملك الحسن الثاني يعمل بشكل مكثف للحفاظ على التراث العبري في المغرب”.
ويعتبر المغرب الصحراء جزءا من أراضيه لكن جبهة بوليساريو المدعومة من الجزائر تطالب بدولة مستقلة هناك. وفي عام 2020 اعترف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على صحرائه مقابل ترقية جزئية للعلاقات مع إسرائيل.
ويدور هذا النزاع المفتعل منذ قرابة خمسين عاما. ويقترح المغرب الذي استعاد سيادته على حوالي 80 في المئة من الصحراء، منحها حكما ذاتيا تحت سيادته حلا وحيدا لإنهائه، في حين تطالب بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة.
وتدعو الأمم المتحدة أطراف النزاع إلى التفاوض “بدون شروط مسبقة” بهدف التوصل إلى “حل سياسي عادل ودائم ومقبول” لإنهاء النزاع المفتعل.
ودعا أوحانا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تأييد موقف المغرب رسميا إزاء هذا النزاع، قائلا إن “هناك الكثير مما لا يزال واجبا القيام به لتقوية روابط البلدين”.
وخص بالذكر “فتح سفارتين” في الرباط وتل أبيب، حيث يرتبط البلدان حاليا من خلال مكتبي اتصال.
وتأتي زيارة أوحانا إلى الرباط إثر مباحثات بين وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي في الرباط.
وخلال هذا المباحثات “استعرض الجانبان سلسلة من القضايا الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”، وفق ما أفادت وكالة الأنباء المغربية.
وذكر تقرير لرويترز الأربعاء أن إسرائيل تدرس دعم المغرب في قضية الصحراء وأن الأمر يخضع للنقاش داخل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وتجمد صراع المغرب مع جبهة بوليساريو في عام 1991 باتفاق لوقف إطلاق النار مدعوم من الأمم المتحدة والذي تضمن خطة لإجراء استفتاء لحل وضع الإقليم.
لكن لم يجر الاتفاق على قواعد الاستفتاء مطلقا وتوقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن الإشارة إلى الاستفتاء كخيار في قراراته، وبدلاً من ذلك دعا الطرفين إلى التوصل إلى حل وسط والعمل على “حل مقبول للطرفين”.
وقال مصدر دبلوماسي لرويترز إن اعتراف إسرائيل بحكم المغرب للصحراء قد يؤدي إلى ترقية كاملة لمستوى العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ويعني هذا تحول البعثتين الدبلوماسيتين من مكتبي اتصال حاليا إلى سفارتين مع احتمال توقيع اتفاقية تجارة حرة مستقبلا.
إقرأ أيضا
وكسبُ التأييد لموقفها تجاه الصحراء هو الهدف النهائي للدبلوماسية التي اكتسبت جرأة في خطتها للحكم الذاتي للمنطقة بعد اعتراف ترامب وما تلا ذلك من دعم من قوى غربية، مثل إسبانيا التي كانت تحتل المنطقة سابقا.
وسبق أن فتحت 28 دولة أخرى قنصليات في الداخلة أو في مدينة العيون في ما يعتبره المغرب دعما ملموسا لسيادته على الصحراء. ومن بين هذه الدول الإمارات والبحرين الموقعتان على اتفاقات أبراهام. وتؤيد دول خليجية أخرى تماما مطالب المغرب بالسيادة.
وتريد إسرائيل المرور إلى مرحلة متقدمة من التعاون وتمتين العلاقات الثنائية لأبعد حدود، وأن هذا الطريق يمر بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه.
وتم الأسبوع الماضي في الرباط التوقيع على ثلاث اتفاقيات تعاون في مجال النقل بين المغرب وإسرائيل، بحضور وزير النقل واللوجستيك محمد عبدالجليل، ووزيرة النقل والسلامة الطرقية الإسرائيلية ميري ريغيف، حيث أوضح المسؤول المغربي أن زيارة الوزيرة الإسرائيلية إلى المغرب تشكل فرصة لتعزيز علاقات التعاون بين البلدين.
وأكد تقرير صادر عن معهد اتفاقات أبراهام للسلام في فبراير الماضي أن “الاعتراف الإسرائيلي بخطة الحكم الذاتي للمغرب باعتباره المسار الواقعي والعملي الوحيد لحل قضية الصحراء، أو الاعتراف الأمثل بسيادة المغرب على الأقاليم الجنوبية، من شأنه أن يظهر الالتزام المطلوب لتوطيد العلاقات الثنائية بين الطرفين”.
وقال المعهد في تقريره إن سنة 2022 شهدت زيارات تاريخية ومتعددة من قبل أعضاء الحكومة الإسرائيلية إلى المغرب، لعل أبرزها زيارة وزير الداخلية، ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي ووزير العدل ووزير التعاون الإقليمي، فضلا عن زيارة وزير الدفاع في نوفمبر 2021.