الفرقاء الليبيون يتفقون حول صياغة قوانين تنظيم الانتخابات برعاية مغربية
بعد أسبوعين من المفاوضات العسيرة اتفق الليبيون على إعداد خارطة طريق جديدة بإعلان “اتفاق بوزنيقة” لصياغة قوانين لتنظيم الانتخابات، في خطوة من شأنها أن تساهم في تجاوز الانقسام السياسي القائم بين حكومتي الشرق والغرب.
توصّل ممثلون عن حكومتي ليبيا في الشرق وفي طرابلس إلى توافق حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة برعاية مغربية، بعد جولة من الاجتماعات في ضاحية بوزنيقة بالمملكة المغربية، في انتظار التوقيع النهائي على الاتفاق خلال الأيام القليلة القادمة.
وقال ممثلون عن لجنة 6+6 الليبية المجتمعة بمنتجع بوزنيقة بضواحي الرباط في وقت متأخر من الثلاثاء إنهم تمكنوا من تجاوز عدد من نقاط الخلاف بشأن قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا، وأضافوا أنهم سيجتمعون مرة أخرى في المغرب قريبا للتوقيع رسميا على هذا الاتفاق.
ولم يتم التوقيع على أي اتفاق بهذا الصدد الثلاثاء بعد مغادرة رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري إثر خلافات تصاعدت بشأن الجدل حول بعض المواد القانونية.
وقال رئيس وفد مجلس النواب في اللجنة المشتركة لإعداد قوانين الانتخابات جلال الشويهدي في مؤتمر صحفي من بوزنيقة ليل الثلاثاء – الأربعاء إن “ممثلي اللجنة من المجلسين توافقوا على قانون لانتخابات الرئاسة والبرلمان”. وتابع الشويهدي “لم نتعرض لأي ضغوطات من المملكة المغربية ومُنحنا كل التسهيلات والظروف المواتية لعقد الاجتماعات (..) كل النقاشات جرت دون تعرض لأي ضغط خارجي”.
بدوره أكد رئيس وفد المجلس الأعلى للدولة في اللجنة عمر بوليفة أن الاجتماعات على مدار عشرة أيام ناقشت التفاصيل المتعلقة بمشروعات القوانين الانتخابية والاتفاق بشأن النقاط الخلافية، ولم يتبق إلا اعتمادهما من طرف مجلس النواب. واستمرت اللجنة الليبية المشتركة (6 من مجلس النواب و6 من مجلس الدولة) المكلفة بإعداد مشروعات القوانين الانتخابية في عقد اجتماعاتها في الفترة الممتدة بين 22 مايو الماضي إلى 6 يونيو الجاري.
وأكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في المؤتمر الصحفي أنه سيتم في الأيام القادمة التوقيع بشكل رسمي على القوانين الانتخابية من طرف المشري وصالح. وأضاف بوريطة “ما تم تحقيقه ببوزنيقة مهم، على اعتبار أنه للمرة الأولى تتوفر لليبيا قوانين انتخابية، وغيابها سابقاً كان يشكل أهم العراقيل لإجراء الانتخابات”.
وتم التوصل إلى “حلول توافقية” حول المواد الخلافية المتعلقة بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين لرئاسة الدولة، ومنهم المشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق ليبيا الذي يحمل الجنسية الأميركية، في انتظار مدى قبولها أو رفضها من قبل الأطراف السياسية والعسكرية داخل ليبيا.
وينص التعديل رقم 13 الذي أقرّه مجلس النواب في فبراير الماضي على تشكيل لجنة من 12 عضوًا للتوافق بأغلبية الثلثين لإعداد قوانين الاستفتاء والانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وفي حال عدم التوافق على النقاط الخلافية تضع اللجنة آلية لاتخاذ قرار بشأنها يكون نهائيًا وملزمًا، وتحال إلى مجلس النواب لإقرار القوانين وإصدارها كما توافق عليها دون تعديل.
وتعمل لجنة 6+6 على وضع بديل لاثنين من القوانين، الأول لانتخاب رئيس الدولة وأقره مجلس النواب في 17 أغسطس 2021، والثاني لانتخاب مجلس النواب المقبل الذي أقر في 5 أكتوبر من العام نفسه. وهما القانونان المثيران للجدل اللذان تسببا في خلاف سياسي كبير في ليبيا وأفشلا إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر 2021، وفق خطة دولية لإنهاء النزاع في ليبيا.
وقال فتح الله السريري عضو لجنة 6+6 إن القوانين الانتخابية المتفق عليها في المغرب جيدة وستحال إلى مجلس النواب لاعتمادها، ومن ثم إلى مفوضية الانتخابات لبدء العملية الانتخابية. وأوضح السريري أن “القوانين المتوافق بشأنها جيدة، ووفق المعايير الدولية والأنظمة الدستورية السائدة في العالم”. ولفت إلى أن “التوقيع على مخرجات لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين تم السبت الماضي بعد التوافق على حسم النقاط الخلافية بالإجماع”.
من جهته قال عبدالسلام شلبي عضو اللجنة إن “النقاط الخلافية تتمثل في ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية”. وأضاف “حاولنا في ضبط نصوص الانتخابات أن نقر بأن كل من يحمل الجنسية الأجنبية عليه أن يقدم بما يفيد تنازله عنها، أو سيحل محله الذي يليه في الترتيب”، متابعا “حاولنا أن نضع حلولا وسطية تتيح للجميع الدخول للانتخابات، بشرط ألا يكون من يصل رئيسا لليبيا يحمل جنسية أخرى”.
◙ تم التوصل إلى اتفاق حول المواد الخلافية المتعلقة بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين لرئاسة الدولة
وأوضح “اتفقنا على أنه عند المرور إلى الدور الثاني يجب على كل من يحمل الجنسية الأجنبية أن يتخلى عنها في آجال 30 يوما من إصدار القائمات النهائية للجولة الثانية، وستحال المخرجات على مجلس النواب لإصدار القوانين الانتخابية، وبالتالي إرسالها إلى المفوضية للعمل بها لإنجاز العملية الانتخابية”.
وبخصوص ما إن كانت مخرجات اللجنة تتطلب توقيعا من طرف رئيسي مجلسي النواب والأعلى الدولة، قال شلبي إن “أعمال اللجنة وفق النص الدستوري ملزمة ولا تحتاج إلى توقيع، وعلى مجلس النواب أن يصدر القوانين دون الحاجة إلى تفاهمات أخرى بين الرئيسين”.
ووفق اتفاق المجلسين كلفت اللجنة بإعداد قوانين انتخابية “توافقية” تجري عبرها انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يكلفها برلمان جديد منتخب. وشهد اللقاء حضور عدد من سفراء الدول العربية والأفريقية في مقدمتهم سفراء دولة الإمارات وكوت ديفوار والبحرين والسعودية ومصر تجسيدا لأهمية التطورات على الساحتين العربية والأفريقية.
وسبق أن استضاف المغرب جولات الحوار الليبي الذي انتهى بالاتفاق على المناصب السيادية في يناير 2021، وكذلك رعى لقاء وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة حول قانون الانتخابات في سبتمبر 2021. كما احتضنت الصخيرات بضواحي العاصمة الرباط في العام 2015 اتفاقا سياسيا برعاية الأمم المتحدة بين أطراف الصراع في ليبيا لإنهاء الحرب الأهلية.