انتقادات لمعرض الكتاب في المغرب… ووزارة الثقافة: زاره أكثر من 62 ألفا
أمام إعلان وزارة الشباب والثقافة والتواصل، عبر تدوينة نشرتها على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، عن عدد الزوار الذين ارتادوا المعرض الدولي للنشر والكتاب في نسخته الـ28 في الرباط، وعن تتبعها بتدوينات أخرى لمختلف فعاليات هذا الحدث الثقافي الذي يدخل عامه الثاني بنجاح، تنتصب تدوينات أخرى لكتاب ومثقفين مغاربة، لم يترددوا في توجيه سهام النقد وإعداد مقصلة تتربص برقبة بعض التفاصيل التي اعتبروها «نقائص» و»خياما تزيد حرارة الشمس» أمام «برودة الكتاب» وهم يجلسون على كراسيهم منتظرين من يوقعون له مؤلفاتهم.
تدوينة نشرها محمد عدوني، وخاض خلالها في مسالة أسعار الكتب، مؤكدا أن «أثمنة الكتب في المعرض الدولي هي نفسها تقريبا خارجه، وهذه ربما إحدى نقائصه.» وبالنسبة لصاحب التدوينة، «ففي مدينة كالرباط، حيث مكتبة الألفية الثالثة ودار الأمان وخدمة الكتاب، وغيرها من المكتبات. وفي وجود مجموعة من الكتبيين مثل مكتبة الذخائر، فأنت لست مضطرا لانتظار المعرض لاقتناء الكتب. فما نقتنيه من خارجه يفوق ما نصحبه معنا منه». واستطرد بالقول «لكن المعرض ليس فقط مناسبة لاقتناء الكتب، ولهذا كنت دائما منذ بداية التسعينيات أواظب على زيارته حتى عندما كانت جيوبنا شبه فارغة، يكفي أن نملك ثمن تذكرة القطار ذهابا وإيابا إلى ومن البيضاء، حتى المسافة بين محطة القطار (البيضاء الميناء) وفضاء المعرض الدولي طالما كنا نقطعها مشيا على الأقدام. ولا أذكر أنى تخلفت عن دورة إلا نادرا. «
تدوينة أخرى للأستاذ الجامعي والكاتب المسرحي، سعيد الناجي، كانت لاذعة في انتقاد المشهد بشكل عام، استهلها بالإشارة إلى أن معرض الكاتب ينعقد «مثلما انعقد قبل ثلاثين سنة، وكأن المعرفة وإنتاجها وتبادلها لم يتغير فيه شيء، وكما أن الجيل الحالي هو نفسه قبل 30 عاما، ينعقد المعرض تحت خيام كبيرة تضاعف حرارة الشمس، تصطف «حوانيت» الكتب متلاصقة.. يمشي الزوار فيرتفع الغبار وينزل الحر، عندها تقدم المكيفات استقالتها». وتساءل الناجي، «هل حدث تغيير في هذا المشهد السريالي في المعرض الحالي؟»، ليجيب بالقول «المهم، أغلب الكتّاب يحسون بالبرد، يجلسون على كراسي غير مريحة ينتظرون لمن يوقعون له، على الثالثة ظهرا، بعض كتاب الميديا والشاشات لهم جمهور كبير، مثلهم كتاب جامعات الرباط حيث يستقدمون طلابهم، ولكن أغلب الكتاب يعيشون لحظات عسيرة، مثلما يعيشها أصحاب الندوات».
وبالنسبة لصاحب التدوينة فحتى المنظمين في بعض الندوات «يستقدمون بعض موظفي الوزارة للعب دور الجمهور»، ويصف الأمر كونه «تراجيديا حقيقية إذا مشيت خطوات في خيمة الندوات ستتركب لديك مقاطع من ندوات عدة، فكل يغني على ليلاه.. التقعير الروائي والمقاومة المغربية وفلسفة الجابري وهلم جرا، ورغم ذلك معرض الكتاب مهم للغاية، ولكني أحب التقاط تفاصيل مأساوية حياتنا، ومنها مشية المثقفين والكتاب في ردهات المعرض وقهقهاتهم المصطنعة في الأغلب وهذا يحتاج تدوينة أخرى».
من جهته، توقف الكاتب والإعلامي إدريس الكنبوري، عند البرنامج الثقافي للمعرض مشيرا إلى أنه اطلع عليه ليخلص إلى أنه وجد «برنامجا مثيرا للقرف كما علق أحد الأصدقاء. الأسماء نفسها الوجوه نفسها الطاحونة نفسها التي تطحن الفراغ. هذا ليس برنامجا ثقافيا؛ هذا برنامج عائلي.» وبعد أن تساءل، «هل هذه هي الثقافة المغربية؟»، أجاب «طبعا لا»، ليبرز أن «تغليب العلاقات الشخصية والزبونية والشللية قتلت الثقافة في المغرب وحولتها إلى مونولوج داخلي على هامش المجتمع؛ ولذلك يقفز هذا الهامش على الاحتفالات والمناسبات ليجعل من نفسه مركزا.» وقال الكنبوري، «المثقف لا تصنعه المؤسسات؛ المثقف الحقيقي يخرج من عمق المجتمع؛ ومثقف المؤسسة والمهرجان ينتهي بنهاية المؤسسة والمهرجان.»
أما أمينة إيغوداين: فقد نشرت حصيلة زيارة معرض الكتاب التي قامت بها، واختصرت مسافات الكلمات لتؤكد أنها «أعجبت جدا بمستوى التنظيم، رغم قلة الزوار بالنظر لفترة الاختبارات وانشغال الطلبة والمدرسين».
وخاتمة الانتقادات نخصصها لمقال كتبه الشاعر المغربي، صلاح بوسريف، في يومية «المساء»، مؤكدا أن هناك «هفوات وأخطاء، وأشياء تقع في البرمجة وفي التنظيم غير معقولة، وفي ما تسميه الوزارة باللجان العلمية، ومن يتدخلون من خارجها، باسم جمعيات أو نقابات أو أحزاب أو مؤسسات لا علاقة لها بالثقافة، ولا بالنشر والكتاب، لصالح طرف دون غيره، أو لتكريس أسماء دون غيرها». ويضيف بوسريف في فقرة أخرى من مقاله، «كأن المعرض لا مستقبل فيه، ولا فرصة لمن هم في طريق الكتابة والنشر من أن يكونوا حاضرين، ويلتقون بغيرهم من المثقفين والكتاب والناشرين»، ويستطرد قائلا، «لكن وجود المعرض، بكل مشكلاته التي علينا أن ننتقدها، ونكتب في شأنها، ونصل بها إلى من يعنيهم الأمر من المسؤولين، هو ضرورة من ضرورات تكريس الثقافة، ونشرها وتعميمها من خلال الكتب والمؤلفات، ومن خلال القراء وتداول الكتب، والاحتفاء بها وبأصحابها». من جهتها، وزارة الثقافة لا تدخر جهدا لتعريف الرأي العام بمختلف تفاصيل هذا الحدث الثقافي الكبير الذي يشهده المغرب، والذي كان في زمن سابق تحتضنه الدار البيضاء، واليوم هو ضيف عزيز على العاصمة الرباط.
أحدث تدوينة للوزارة، أكدت فيها تجاوز عدد الزوار 62 ألف زائر، وذلك خلال الأيام الأربعة الأولى من فعالياته المتواصلة إلى غاية 11 حزيران/ يونيو الحالي.
وأفادت الوزارة في التدوينة ذاتها، أن نسبة الزيادة عن الفترة نفسها من العام الماضي، بلغت 8 في المئة، بعد أن بلغ عدد الزوار 12 ألفا و12 زائرا.
وكانت الوزارة في تدوينات سابقة، قد كشفت عن عدد الزوار عند كل يوم يمر من عمر المعرض، الذي يشهد إقبالا كثيفا على أروقته وفعالياته الثقافية والفكرية والحقوقية، وحتى ذات العلاقة بالمجتمع المدني وجمعياته ومنظماته. وهكذا بلغ عدد الزوار في الأيام الثلاثة الأولى ما مجموعه 50 ألفا و78 زائرا، وكانت الزيادة بنسبة 10 في المئة عن الفترة ذاتها من السنة الماضية، أما خلال اليومين الأولين، فقد تجاوز عدد الزوار 30 ألف زائر بزيادة تقارب 25 في المئة عن الفترة نفسها من العام المنصرم. ولم تغفل وزارة الثقافة الاهتمام بالنقل، حيث وفرت «تسهيلات في النقل للطلبة، الناشرين والمحاضرين الراغبين في زيارة المعرض الدولي للنشر والكتاب»، كما وفرت «حافلات للتنقل المجاني بأربع نقاط» داخل العاصمة الرباط. ومن التدوينات اللافتة التي حرصت وزارة الشباب والثقافة والتواصل على نشرها على صفحتها في الفيسبوك، تلك التي تتابع عن كثب فعاليات كل يوم من أيام معرض الكتاب، ومنها تلك التي توقفت فيها عند «التراث المغربي الحاضر بقوة داخل أروقة المعرض الدولي للنشر والكتاب»، مؤكدة أنها تعمل «على تثمين والتعريف بالتراث الوطني المغربي المادي وغير المادي بأروقة المعرض في دورته 28». وزادت موضحة، أن فضاء الطفل يحتوي على ورشات تعرف بالتراث المغربي، كما أن رواق الوزارة يمنح الزوار الفرصة للتجول داخل مواقع أثرية تاريخية عبر تقنية 3D وهي التقنية نفسها التي يمكن أن يستعملها الحضور عند زيارتهم رواق مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط.»
المعرض الذي ينظم تحت رعاية العاهل المغربي محمد السادس، افتتح يوم الفاتح من يونيو الحالي، ويعرف مشاركة 737 عارضا يمثلون 51 بلدا يقدمون عرضا يتجاوز 120 ألف عنوان، كما يشارك في فعالياته أزيد من 600 كاتب ومفكر وشاعر مغربي وعربي وأجنبي.