المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط يرسخ التنوع الثقافي

تعرف الدورة الثامنة والعشرون من المعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط تقديم الآلاف من العناوين والمئات من الناشرين من مختلف أنحاء العالم، ولكن ما يميزها بشكل خاص هو تركيزها على ترسيخ التنوع الثقافي من خلال البرنامج الموازي من الأنشطة والندوات والجوائز المبتكرة وغيرها.

تتواصل بالعاصمة المغربية الفعاليات الثقافية المرتبطة بالمعرض الدولي للكتاب والنشر في نسخته الثامنة والعشرين، بتنظيم العديد من الندوات الفكرية والمحاضرات، والقراءات الشعرية، وتقديم الإصدارات الجديدة، وتوقيع مجموعة من المؤلفات.

ويشمل برنامج التظاهرة الثقافية الذي يستمر على مدى 10 أيام سلسلة من الأنشطة التي تنظمها الدول والجهات المشاركة للتعريف بمظاهر نهضتها الفكرية والأدبية والعلمية، وتقديم معطيات عن إنتاجاتها في مختلف صنوف الفكر الإنساني عامة. وتركز هذه الدورة بشكل أساسي على مسألة التنوع الثقافي، وهو ما يتجسد من خلال الاهتمام بالثقافة الأمازيغية وبالكتابات بلغات أخرى كالفرنسية.

وفي تعليقه على مشاركة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في فعاليات الدورة الحالية من المعرض، اعتبر رئيس مصلحة التواصل الخارجي بالمعهد محمد مخلص أن حضور الكتاب الأمازيغي بالمعرض الدولي للنشر والكتاب يؤكد الأهمية التي يحظى بها في تكريس التنوع الثقافي، معربا عن أمله في أن يتوسع هذا العرض أكثر في السنوات القادمة. وأوضح مخلص أن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أبرز هذه الأهمية خلال مشاركته في هذه الدورة من المعرض حيث اختار له شعار “النهوض بالكتاب الأمازيغي من رافعات التنوع الثقافي”.

وبعد أن ذكّر بأهمية الكتاب الأمازيغي باعتباره أداة لتدوين ثقافة أمازيغية شفاهية بالأساس وإغناء التنوع الثقافي في المغرب، أشار مخلص إلى أن الكتاب الأمازيغي يعاني من مشاكل في النشر والتوزيع. وأضاف أن المعهد يقدم مساعدة سنوية للإنتاج والإبداع باللغة الأمازيغية في حدود 30 أو 40 كتابا في السنة حسب الطلبات، معتبرا أن المعرض يشكل مناسبة لعرض مجموعة من إصدارات المعهد التي وصلت إلى ما يناهز 500 إصدار منذ إحداثه.

 

المغرب ينضم إلى عدد كبير من البلدان التي تحتضن جائزة غونكور للقراء وتخلق دينامية ثقافية وتشجع على القراءة
◙ المغرب ينضم إلى عدد كبير من البلدان التي تحتضن جائزة غونكور للقراء وتخلق دينامية ثقافية وتشجع على القراءة

 

وسجل أنه يتعين إرساء إستراتيجية تروم على الخصوص برمجة بعض الروايات والمسرحيات والدواوين الشعرية على مستوى الجامعات في أسلاك “الإجازة، والماجستير باللغة الأمازيغية” كما هو الشأن في تدريس روايات من قبيل “صندوق العجائب” لأحمد الصفريوي و”حرودة” للطاهر بن جلون. ودعا إلى تشجيع اقتناء الكتب الأمازيغية من خزانات البلديات والجماعات، لكونها “كتبا فتية” ويتعين النهوض بها وإعادة الاعتبار لها.

من جهته قال عضو مؤسس رابطة الكتاب بالأمازيغيين “تيرا” صالح أكرام إن الرابطة تشارك هذه السنة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بإصدارات السنوات الأربع الأخيرة، وذلك من خلال 200 مؤلف باللغة الأمازيغية.  واعتبر أكرام في تصريح مماثل أن الكتب الأمازيغية في هذا المعرض تظل على رؤوس الأصابع مقارنة بأنواع أخرى من الإصدارات، مشددا على أنه ينبغي للكتاب الأمازيغي أن يسجل حضوا متميزا بالنظر إلى الإشعاع المحلي والدولي لهذا الموعد الثقافي السنوي.

وذكر أن مشاركة هذه السنة تقتصر على رابطة الكتاب الأمازيغيين “تيرا” والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومجلة “أدليس” (الكتاب)، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى قلة الإبداع باللغة الأمازيغية. ومن جهة أخرى وفي إطار انفتاح المعرض على الأدب المكتوب بلغات أخرى أعلنت لجنة تحكيم “جائزة غونكور – اختيار المغرب” في نسختها الأولى فوز الكاتب الهايتي ماكنزي أورسيل بهذه الجائزة عن كتابه “مجموع إنساني” (Une somme humaine).

ويعد هذا الكتاب، الصادر عن دار النشر Rivages سنة 2022، الجزء الثاني من عمل ثلاثي بدأ في هايتي وسيُختتم في الولايات المتحدة ضمن الجزء الثالث. وينطق هذا المؤلف بصوت شابة فرنسية تروي حكايتها مع طفولة مسروقة ومراهقة ممزقة وحياة ومصير محطمين.

وفي كلمة له بهذه المناسبة، أعرب أورسيل عن سعادته الكبيرة بالظفر بهذه الجائزة، معبرا عن شكره لأعضاء لجنة التحكيم من الطلبة على قراءة عمله “Une somme humaine” والتعرف على مختلف الأصوات التي ينقلها، وكذلك لأكاديمية غونكور على انفتاحها على العالم. وتابع في كلمته التي وجهها عبر تقنية التناظر المرئي “هذا الكتاب، الذي استغرقت مني كتابته ثلاث سنوات، يجمع الكثير من القصص”، موضحا أن “أي نص يحتاج إلى أصوات عميقة ومتعددة ومعقدة، بالإضافة إلى شاعرية حقيقية”.

ومن جهته، قال سفير فرنسا بالمغرب كريستوف لوكورتيي إن “جائزة غونكور اختيار المغرب مكنت 70 طالبا يمثلون سبع كليات للآداب بالمملكة، من الغوص في قراءة أربع روايات مدرجة في القائمة النهائية المؤهلة لنيل الجائزة”، موضحا أن “هذه التجربة كانت فرصة لهم لصقل الحس النقدي لديهم ومناقشة مختلف الأعمال”.

ونوه السفير بانضمام المغرب إلى عدد كبير من البلدان التي أضحت تحتضن جائزة غونكور للقراء، موضحا أن هذه الجائزة تطلق دينامية ثقافية حقيقية حول موضوع القراءة. كما أشاد لوكورتيي بمواكبة الأساتذة بالكليات المغربية السبع الشريكة وأمناء المكتبات الوسائطية التابعة للمعهد الفرنسي بالمغرب، وبإشراف عرابة النسخة الأولى الكاتبة لمياء برادة بركة، وكذلك بعمل مجموع شركاء هذه التظاهرة الثقافية.

ومن جهتها قالت نائبة الرئيس وعضو أكاديمية غونكور فرانسواز شاندرناغور إنها سعيدة للغاية بإطلاق جائزة غونكور اختيار المغرب، التي تمثل الاختيار الأجنبي الـ37 لجائزة غونكور، مضيفة أن المغرب هو البلد 42 الذي ينضم إلى هذه المغامرة. وأضافت أن “اختيار غونكور (Le Choix Goncourt) يمثل اليوم حركة عالمية وليست مجرد حركة فرانكفونية”، معربة عن أملها في تسجيل مشاركة أكبر من جانب الطلبة المغاربة العام المقبل.

◙ حضور الكتاب الأمازيغي بمعرض الرباط يؤكد الأهمية التي يحظى بها في تكريس التنوع الثقافي في البلاد

وبدورها أكدت المديرة الإقليمية للوكالة الجامعية للفرانكفونية دانيال بايي أن تنظيم هذه الجائزة تحقق بفضل إرادة ورغبة الطلبة الشباب الذين برهنوا عن حس المواطنة والانخراط.

وأشارت بايي في كلمتها إلى أن عشرة مشاركين لكل مجموعة في جميع أنحاء البلاد كانوا جزءا من هذه العملية، مضيفة أن “هذه الدينامية الإنسانية والأدبية تمثل أحد مفاتيح الإدماج في إطاره التعددي، ولاسيما الإدماج المواطني والاجتماعي”.

يشار إلى أن لجنة تحكيم النسخة الأولى من “جائزة غونكور – اختيار المغرب” ضمت 70 طالبا وأساتذتهم، يمثلون سبع جامعات مغربية. ويتعلق الأمر بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، وجامعة ابن زهر بأكادير، وجامعة محمد الخامس بالرباط، وجامعة القاضي عياض بمراكش، وجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، وجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس.

وعكفت اللجنة على قراءة ومناقشة الأعمال لتحديد الفائز ضمن اللائحة النهائية المختارة لأكاديمية غونكور التي ضمت المؤلفات التالية: “ساحر الكرملين” (Le Mage du  Kremlin)  لجوليانو دا إمبولي، و”الأخوات تقريبا” (Les presque soeurs) لكلوي كورمان، و”مجموع إنساني” (Une somme humaine) لماكنزي أورسيل، و”العيش في سرعة” (Vivre vite) لبريجيت جيرو.

ويذكر أن الدورة الثامنة والعشرون من المعرض الدولي للنشر والكتاب تتواصل إلى غاية الحادي عشر من يونيو الجاري. وتعرف الدورة التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بشراكة مع ولاية ومجلس جهة الرباط – سلا – القنيطرة، مشاركة 737 عارضا، و661 كاتبا ومفكرا وشاعرا مغربيا وأجنبيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: