الجالية والعلاقة بالوطن الأم.. هل تلاشت علاقة مغاربة العالم بوطنهم ؟

قال أساتذة جامعيون إن مغاربة العالم متشبثون ببلدهم الأصلي بشكل وثيق؛ وهو ما يفسر انخراطهم في هجرة العودة بعد قضاء سنوات طويلة في بلاد المهجر. وتستمر الرغبة في العودة حتى بعد الوفاة إذا لم يتيسر للمهاجر العودة وهو على قيد الحياة، حيث إن كثيرين يوصون بدفنهم في المغرب.

عبد الكريم مرزوق، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة الأخوين بإفران، قال إن قرار عودة المهاجر إلى أرض الوطن تحكمه مجموعة من العوامل، تتفاوت بين الاقتصادي والاجتماعي والنفسي؛ بعد أن يكون هذا المهاجر قد قضى مدة طويلة في بلاد المهجر.

وأبرز مرزوق أن المهاجر يحمل دائما هاجسا نفسيا واجتماعيا، في الربع الأخير من حياته، يتمثل في التساؤل عما سينتهي إليه حاله إذا بقي في بلد الإقامة، لا سيما أن اندماج المهاجرين لا يكون في الغالب اندماجا تاما؛ وهو ما يجعله يحضّر، في النصف الثاني من حياته لعملية العودة، من خلال إنشاء مشروع استثماري وبناء بيت في المغرب.

وأوضح المتحدث ذاته، في ندوة نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج حول موضوع “الحمولة القيمية لهجرة العودة”، أن هذا الأمر لا ينطبق على أبناء المهاجرين الذين ولدوا في بلدان الإقامة، إذ إنهم أكثر اندماجا في مجتمعات البلدان التي ولدوا فيها، “ويرون في المغرب بلدا لقضاء العطلة فقط لا غير”.

الا ان  الوضع الكارثي لمقابر المملكة بالمقارنة مع مقابر المسلمين في دول الاستقبال جعل العديد من مغاربة العالم يغيرون هذه الفكرة و فضلوا الدفن في بلدان الاقامة لتجنب الأوساخ وحالة الإهمال في المقابر.

ودعا الأستاذ الجامعي المتخصص في العلوم الاجتماعية الدولة إلى التفكير بشكل صحيح في استثمارات المغاربة المقيمين بالخارج العائدين إلى أرض الوطن؛ “لأنهم يتخبطون في جملة من المشاكل، أو يستثمرون في مشاريع غير ناجحة نظرا لغياب التأطير”.

نور الدين بندريوش، الباحث الحائز على المرتبة الثالثة في الجائزة الدولية لأفضل أطروحة دكتوراه في العلوم الاجتماعية التي نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج بشراكة مع جامعة الأخوين، توقف عند علاقة هجرة العودة بالقيم، مبرزا أنها تقوم على مستويات، أولها المستوى الاجتماعي؛ ذلك أن المهاجر حين يعود يؤثر على محيطه الاجتماعي من حيث التغير الإيجابي الذي طرأ عليه.

وسجل بندريوش أن هجرة العودة لها تأثير إيجابي لكونها تساهم في إنتاج موجة أخرى من المهاجرين، الذين ينخرطون في الهجرة الدولية طمعا في تحقيق التغير الاجتماعي الذي طرأ على حياة من سبقوهم من المهاجرين.

ولفت الباحث ذاته إلى أن هجرة العودة تشكل أيضا مصدرا للتنمية المحلية؛ ذلك أن المشاريع الاستثمارية التي ينجزها المهاجر العائد تشكل عاملا اقتصاديا مساعدا لمحيطه، وتكرّس مبدأ التضامن، فضلا عن الاستثمار في المشاريع الخيرية كتعبير عن المواطنة.

الارتباط الوثيق لمغاربة العالم ببلدهم الأصلي تعكسه أيضا نتائج بحث ينكب على إنجازه عبد الرحيم العطري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، حيث إن من بين المطالب الرئيسية للمهاجر هي أن يُدفن في وطنه.

وفسّر العطري ذلك بأن المهاجر “حتى في طقوسه الجنائزية لديه قلق مركزي أن يدفن في وطنه، وأن تكون الطقوس الجنائزية وفقا للعقيدة الإسلامية، أي أن الدين يلقي بظلاله بدرجة كبيرة على قرار العودة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: