حرص إسباني على تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي

ماموني

تكثّف الحكومة الإسبانية من جهودها الرامية إلى تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، في مسعى لتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين وقبل انتهاء البروتوكول الحالي في 17 يوليو المقبل.

وحث وزير الفلاحة والصيد البحري والغذاء الإسباني لويس بلاناس المفوضية الأوروبية على مواصلة العمل مع المغرب حتى تتم الموافقة على اتفاقية الصيد البحري الجديدة “في أقرب وقت ممكن”.

يأتي ذلك مع اقتراب انتهاء بروتوكول اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في 17 يوليو المقبل، حيث ستكون أكثر من 120 سفينة أوروبية ملزمة بمغادرة السواحل المغربية، وحماية لمصالح بلده.

وقال المسؤول الحكومي الإسباني إن حكومة بلاده “تضمن” دعم أصحاب السفن والصيادين المتضررين من قبل حكومة إسبانيا في مواجهة الوضع الذي سينشأ اعتبارًا من 18 يوليو  في حالة عدم التجديد.

 

هشام معتضد: إسبانيا ماضية في بناء تعاون مغربي - أوروبي
هشام معتضد: إسبانيا ماضية في بناء تعاون مغربي – أوروبي

 

وفي حديثه للصحافيين بعد المشاركة في افتتاح المؤتمر العالمي الرابع والأربعين للنبيذ في قادش سجل الوزير الإسباني أنه “لم يتبق سوى ستة أسابيع قبل إبرام البروتوكول مع المغرب”، مؤكدا أنه ورغم علمه بالتقدم والاتصالات “بين المفوضية والحكومة المغربية” إلا أنه يرجح أن ينتهي الاتفاق الحالي دون التفاوض على آخر جديد.

من جانبه، أكد وزير الزراعة محمد الصديقي أن “الرباط ستتفاوض بقاعدة أخرى بناءً على المؤهلات المتوفرة”، مشددا على أن “كل الاجتماعات التقنية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تقام بصفة دائمة، وحين يتم الاتفاق سيفتح الملف للنقاش وسنعرف ما يجب أن نفعل، فنحن مستعدون لأيّ احتمال”.

وسمح البروتوكول الموقع بين الطرفين عام 2019 لأكثر من 128 قارباً دولياً ضمنها 93 سفينة إسبانية بالإبحار واستغلال المياه المغربية (42 سفينة للأندلس، و37 لجزر الكناري، و17 لغاليسيا)، بما فيها تلك المياه الموجودة في الصحراء المغربية، مقابل تعويض مالي يناهز 208 ملايين أورو (2.3 مليار درهم) لمدة أربع سنوات؛ كما تلزم الاتحاد بالمساهمة في تمويل الصيد البحري وتنميته محلياً.

وتضغط حكومة الأندلس المستقلة والتي تشعر بالقلق إزاء انتهاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي في يوليو المقبل، حيث أكدت كارمن كريسبو المستشارة الإسبانية المكلفة بالزراعة والثروة الحيوانية والتنمية المستدامة أن عدم تجديد الاتفاقية سيؤثر على الطواقم ومالكي السفن وكذلك الشركات المساعدة في القطاع، لأن عودة الأسطول الأندلسي من المياه الأطلسية للمملكة ستوقف ما يقرب من 500 من أفراد الطاقم.

وطالبت كريسبو من وزير الزراعة والثروة السمكية والغذاء الإسباني لويس بلاناس “بالقيام بأقصى قدر ممكن من القيادة مع بروكسل” لإقناع المفوضية الأوروبية “بفتح مفاوضات فورية مع المغرب، بهدف الوصول إلى حل نهائي، وفي أسرع وقت ممكن، لاتفاقية الصيد الهامة”، التي وصفتها بأنها “أساسية في اقتصاد قطاع الصيد الأندلسي”.

وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن “حرص مدريد على تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي مرتبط بمصالح صياديها بالمياه الإقليمية للمغرب، وتعرف أن هذا التجديد مرتبط بالمواقف السياسية التي تنتظرها الرباط من شركائها الأوروبيين تجاه قضية الصحراء المغربية، خاصة وأن المملكة رهنت الانخراط بالربح مع شركائها بموقف واضح ومسؤول تجاه قضية الصحراء المغربية”.

وقال في تصريح لـه إن “انتظارات الرباط السياسية من طرف الاتحاد الأوروبي لتجديد اتفاقية الصيد البحري، تنسجم مع التوجهات الجديدة التي تبناها المغرب من أجل تعزيز شراكاته الاقتصادية وتنوعها على أسس متينة تتماشى وقناعاته غير قابلة للمساومة”.

وأضاف الخبير المغربي أن “إسبانيا ماضية في إقناع الأوروبيين، من أجل تعاون مغربي – أوروبي بنّاء في إطار الاحترام المتبادل لرؤية البلدان والتوجهات السيادية التي يجب أن تؤطر شراكاته الثنائية ومتعددة الأطراف على المستوى الدولي.”

الاتصالات التقنية لازلت مفتوحة بين المفوضية الأوروبية والمغرب، حيث اتفق الطرفان على انتظار حكم الاستئناف الصادر عن محكمة العدل

وكانت محكمة العدل الأوروبية قد قررت في 29 سبتمبر 2021 إلغاء سريان الاتفاقية المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب لتعديل التفضيلات الجمركية التي يمنحها الاتحاد الأوروبي على المنتجات ذات الأصل المغربي واتفاقية الشراكة في مجال الصيد المستدام، بعد الشكوى التي قدمتها جبهة بوليساريو، وقامت دول الاتحاد الأوروبي باستئناف الحكم.

وسبق أن أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في المغرب أن الشراكة في مجال الصيد البحري المستدام بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية متواصلة منذ 30 سنة، ومن الجانب المغربي والبلدان الأوروبية المعنية بهذا الاتفاق، مثل إسبانيا، فإنها اعتبرت القرار مبنيا على ادعاءات غير صحيحة، حيث أن الاتفاقية تمت بموافقة سكان منطقة الصحراء والعديد من الهيئات الصحراوية، على عكس ما تدعيه جبهة بوليساريو.

ولازلت الاتصالات التقنية مفتوحة بين المفوضية الأوروبية والمغرب، حيث اتفق الطرفان على انتظار حكم الاستئناف الصادر عن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي بشأن إدراج سواحل الأقاليم الجنوبية للمملكة ضمن الاتفاقية، والذي سيصدر في ديسمبر المقبل حسب ما صرح به الوزير لويس بلاناس لقناة “كادينا سير”.

وأشار بيتر ستانو الناطق الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي، في تصريحات صحافية، إلى أنه “في انتظار قرار محكمة العدل الأوروبية يمكن أن يستمر تنفيذ البروتوكول الحالي حتى نهاية مدته في 17 يوليو 2023″، كاشفاً أن “المفوضية تقوم بتنفيذ الاتفاقية بالتعاون الوثيق مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والدولة الشريكة”.

وأكد المسؤول الأوروبي أن هناك أفكارا بشأن بلورة شراكة جديدة تسير إلى الأمام، لكن دون الكشف عن معطيات أخرى حول الموضوع الذي يهم بالأساس إسبانيا، لأن أغلب السفن التي تصطاد وفق الاتفاقية إسبانية.

وفي تقريره للعام 2022، جدد الاتحاد الأوروبي تأكيده على الاستفادة الكاملة لسكان الأقاليم الجنوبية للمملكة من الاتفاقيات المبرمة بين الرباط وبروكسيل، ووقعها الإيجابي على التنمية السوسيو – اقتصادية لهذه المناطق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: