مناورات الأسد الأفريقي تثبّت المغرب شريكا أوثق للولايات المتحدة

ماموني

انطلقت الاثنين في المغرب النسخة التاسعة عشرة من تمرين الأسد الأفريقي الذي يشمل، إلى جانب المغرب والولايات المتحدة، دولا أوروبية وأفريقية، ليتحول إلى مناورات ذات أهمية في المحيط الجغرافي، ويثبّت المغرب شريكا دفاعيا للولايات المتحدة في المنطقة.

وتعد هذه المناورات أكبر تمرين عسكري في أفريقيا بمشاركة نحو 6 آلاف جندي من 20 بلدا من القارة وخارجها و27 بلدا ملاحظا، في ظل عدة تحديات أمنية تواجه المنطقة، وستشمل للمرة الثالثة على التوالي منطقة المحبس في الصحراء المغربية وعلى خط التماس مع الحدود الجزائرية.

وأكد بلاغ القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن المناورات المقرر تنظيمها إلى غاية 16 يونيو الجاري في سبع مناطق بالمغرب، وهي أكادير وطانطان والمحبس وتزنيت والقنيطرة وبنجرير وتفنيت، تعد موعدا سنويا يساهم في توطيد التعاون العسكري المغربي – الأميركي، وتقوية التبادل بين القوات المسلحة لمختلف البلدان من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.

استمرار تمرين الأسد الأفريقي يظهر أن واشنطن تضع المغرب في خانة الحليف الإستراتيجي ضمن خارطة أمنها القومي

وتعتبر هذه المناورات، التي هي أيضا أكبر تمرين عسكري بين المغرب والولايات المتحدة، انعكاسا مهما لمجالات التعاون العسكري بين الرباط وواشنطن، خاصة منذ توقيع البلدين في أكتوبر 2020 على خارطة طريق تتعلق بمجال الدفاع العسكري، لاسيما تحسين درجة الاستعداد العسكري وتعزيز الكفاءات وتطوير قابلية التشغيل البيني للقوات، على امتداد السنوات العشر المقبلة، وكذلك مواجهة التحديات الطارئة في القارة الأفريقية، خصوصا في منطقة الساحل والصحراء.

وأكد رئيس أركان القيادة الأميركية في أفريقيا الفريق جويل تايلر أن تمرين الأسد الأفريقي يعد ركيزة أساسية من ركائز إستراتيجية تمرين أفريكوم، و”أحد أعظم التدريبات الأميركية في جميع أنحاء العالم”، مضيفا أن هذه المناورات تشكل فرصة لإجراء اختبار جاهزية ديناميكي وتعاوني في بيئة قاسية تجمع بين العديد من الوحدات الجغرافية والوظيفية، إضافة إلى نقاط العبور البحرية الإستراتيجية وممرات الشحن العالمية.

وأكد تايلر أن مناورات الأسد الأفريقي 2023 “ستركز أساسا على تمارين رماية حية متعددة الذخائر والأسلحة، وتمارين بحرية وجوية، علاوة على تمرين الإنزال القسري المشترك مع المظليين في تدريب ميداني، وأيضا تمارين للاستجابة الكيمياوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية”.

وتراهن قيادة الجيش الأميركي، من وراء تنظيم هذه التدريبات في أفريقيا، على تعزيز الجاهزية المشتركة أثناء الأزمات والعمليات لتكريس الأمن والاستقرار في المنطقة وتقوية أواصر التعاون لمواجهة التهديدات العابرة للحدود والمنظمات المتطرفة والعنيفة.

وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “مناورات الأسد الأفريقي لهذه السنة، والتي تشارك فيها دول أوروبية، تختلف عن سابقاتها؛ فهي تأتي في سياق جيوسياسي خاص، وتشكل منعطفا استثنائيا في مجال التعاون الأمني والعسكري بين الولايات المتحدة والمغرب”.

ii

ويقول متابعون إن استمرار هذا التمرين العسكري يظهر أن الولايات المتحدة تضع المغرب في خانة الحليف الإستراتيجي ضمن خارطة أمنها القومي.

ونظرا إلى الأهمية الإستراتيجية التي توليها واشنطن والرباط للتعاون العسكري الثنائي، والبعد الأمني لمحور التعاون الإقليمي على المستوى الأفريقي كذلك، أكد الطيار أن المناورات بمثابة تكريس فعلي للسيادة المغربية على الصحراء، وترسيخ للشراكة الإستراتيجية المتطورة والتعاون العسكري والأمني بين الولايات المتحدة والمغرب، الذي برهن على أنه القوة الإقليمية الوحيدة في شمال أفريقيا التي تحظى بمكانة خاصة في التوازنات الدولية.

وكان بيان صادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية في أبريل الماضي قد كشف أنه فضلا عن التكوين المتعلق بالكثير من المجالات العملياتية، من المقرر إجراء مناورات مسلحة متعددة ومشتركة، خصوصا للقوات البرية، والمحمولة جوا، والبحرية، والقوات الخاصة والجوية، وكذلك العمليات المدنية – العسكرية، وتلك المتعلقة بإزالة التلوث النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيمياوي.

واعتبر محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، في تصريح لـه أن “توسيع مجال إجراء التدريبات المشتركة وزيادة عدد البلدان المشاركة فيها وأهمية الأسلحة النوعية والمتطورة المستخدمة فيها، كلها عناصر تؤشّر على الأدوار المحورية التي بات المغرب يضطلع بها على مستوى الأمن الإقليمي والقاري، لاسيما من خلال الاختراقات الأمنية الهامة التي يحققها في رصد الأجندات الانفصالية والتهديدات الإرهابية في القارة الأفريقية وخاصة منطقة الساحل والصحراء”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: