المغرب يرصد 13 مليار دولار لباكورة مشاريع ميثاق الاستثمار
سرعت الرباط خطوات تفعيل ركائز النموذج التنموي الجديد الذي يقوده العاهل المغربي الملك محمد السادس بإطلاقها باكورة مشاريعها ضمن “ميثاق الاستثمار”، إذ تعول عليها الحكومة لتحفيز الاقتصاد عبر إشراك القطاع الخاص في خططها الإستراتيجية.
أقرت الحكومة المغربية حزمة مشاريع جديدة في إطار قانون الاستثمار الجديد الهادف إلى زيادة حصة التمويلات الخاصة من إجمالي الاستثمارات في البلاد إلى الثلثين بحلول 2035 مقابل الثلث حاليا.
وتعطي المشاريع التي أعلن عنها الأربعاء الماضي والبالغة قيمتها الإجمالية نحو 131 مليار درهم (13 مليار دولار) إشارة قوية للمستثمرين مفادها أن الرباط ملتزمة بإزالة كل العراقيل المحتملة أمام ازدهار مناخ الأعمال وفق رؤية يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وتنكب السلطات منذ أشهر على توجيه بوصلتها بشكل مركز نحو القطاع الخاص ليقود قاطرة الأنشطة التجارية والاستثمارية مستقبلا وخاصة في مجال الصناعة، بما يساعد على إعطاء النمو زخما إضافيا وفي الوقت ذاته مواجهة معضلة البطالة.
وتسعى الرباط من خلال ميثاق الاستثمار الذي تم الإعلان عنه في فبراير العام الماضي لإعطاء القطاع الخاص مشاركة أكبر في المشاريع المقررة لتبلغ حوالي 350 مليار درهم (33 مليار دولار) في السنوات الثلاث عشرة المقبلة.
ويشمل الرقم المُعلن استثمارات للقطاع الخاص جرت المصادقة عليها وأخرى سينفذها المكتب الشريف للفوسفات، إضافة إلى مشاريع استثمارية ذات طابع إستراتيجي لا تزال المفاوضات جارية بشأنها، وهو ما سيُمكن في المجمل من توفير 67 ألف فرصة عمل جديدة.
وقال رئيس الحكومة عزيز أخنوش في تصريح نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية عقب أولى اجتماعات اللجنة الوطنية للاستثمارات إن حكومته “تُولي أهمية كبيرة لتشجيع الاستثمار باعتباره محورا للنهوض الاقتصادي”.
كما أكد أن الدولة “حريصة على تكريس جاذبية الاقتصاد للاستثمارات الوطنية والأجنبية”. وأن “الاجتماع يأتي في سياق خاص يتسم بمواصلة تنزيل سياسة الدولة في مجال تنمية وتطوير الاستثمار”.
وينص قانون الاستثمار الجديد على تقديم حوافز مالية وضريبية للاستثمارات، حسب موقعها والقطاع، الذي توجه إليه وفرص العمل التي توفرها، كما يمكن أن تصل مساهمة الدولة فيها إلى حوالي 30 في المئة.
ومن المقرر أن تنفذ شركات القطاع الخاص 18 مشروعا استثماريا بقيمة 11.9 مليار درهم (1.16 مليار دولار)، تبلغ مساهمة الدولة فيها خمسة في المئة، أو ما قيمته 62.6 مليون دولار.
وقالت اللجنة التي يرأسها أخنوش في بيان إن “الاستثمارات الجديدة تشمل قطاعات الصناعة وتحلية مياه البحر والطاقة المتجددة، إضافة إلى السياحة والصحة والنسيج والصناعات الغذائية وتربية الأحياء المائية”.
وهيمنت رؤوس الأموال المحلية على 70 في المئة من هذه الاستثمارات، عبر مشاريع يُنتظر أن توفر 17.5 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
المشاريع المزمع تنفيذها
- 18 استثمارا سينفذها القطاع الخاص بقيمة 1.16مليار دولار
- 6 استثمارات إستراتيجية بقيمة إجمالية تبلغ 5.3مليار دولار
- 3 استثمارات ستنفذها شركة الفوسفات بقيمة 6.3مليار دولار
وبحسب اللجنة سيتم إنجاز قرابة 80 في المئة من هذه المشاريع خارج محور مدينتي الجديدة – طنجة الذي يستقطب في العادة معظم الاستثمارات نظرا لقربه من الموانئ والمدن الكبرى.
وإلى جانب استثمارات القطاع الخاص، تضمنت المشاريع المعتمدة ثلاثة مشاريع ستنفذها شركة الفوسفات المملوكة للدولة، وذلك بقيمة 6.3 مليار دولار، أي ما يمثل تقريبا نصف برنامجها الاستثماري، الذي أعلنته في ديسمبر الماضي بقيمة 12.3 مليار دولار.
ويهدف البرنامج الاستثماري لأكبر شركة بالبلاد، والذي يمتد على مدى خمس سنوات، إلى زيادة الإنتاج بالاعتماد على الطاقة النظيفة، وتزويد كافة منشآتها الصناعية بها، وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2040، فضلا عن توفير 25 ألف فرصة عمل.
وسيوجه أول هذه الاستثمارات نحو تطوير المناجم والطاقة وتحلية مياه البحر، وسيتم حشد التمويلات من طرف المجموعة لدى شركائها الدوليين اعتمادا على السمعة التي تتمتع بها في السوق.
وتدير الشركة نحو 70 في المئة من الاحتياطات العالمية للفوسفات، وكانت قد حققت العام الماضي أرباحاً قياسية بلغت نحو 2.7 مليار دولار للمرة الأولى منذ إنشائها قبل أكثر من قرن.
ومن ضمن القرارات التي تم اتخاذها أيضا، منحت اللجنة الطابع الإستراتيجي لستة مشاريع استثمارية إضافية بقيمة 5.3 مليار دولار، ومن المتوقع أن تمكن من توفير أكثر من 13.2 ألف فرصة عمل مباشرة و33.1 ألف فرصة عمل غير مباشرة.
وبمُوجب قانون الاستثمار، يُمنح الطابع الإستراتيجي للمشاريع الاستثمارية التي يبلغ حجمها مليارَيْ درهم أو أكثر، على أن تسهم في ضمان الأمن المائي أو في أمن الطاقة أو الغذاء أو الصحة للبلاد.
كما يجب أن يكون لها أثر ملموس من حيث توفير فرص العمل بحيث يُمكن أن تستفيد من امتيازات ضريبية ومالية خاصة عندما تكون موضوع مفاوضات مع الدولة.
ويتعلق الأمر بمشاريع استثمارية لم يجرِ توقيع اتفاقيات نهائية بخُصوصها لأنها لا تزال في طور المفاوضات.
ولم تكشف الحكومة أي تفاصيل حول طبيعتها، لكنها اكتفت بالإشارة إلى أن 4 مشاريع تقام في مجالات مرتبطة بالسيارات الكهربائية، لاسيما البطاريات.
ومن بين المشاريع المزمعة، سيشارك ثلاثة مستثمرين أجانب من دول الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا في تنفيذها، إضافة إلى مشروع استثماري برؤوس أموال مغربية، ومشروعين آخرين يقامان بالمشاركة بين مستثمرين مغاربة وأجانب.
وسبق أن كشف وزير الصناعة والتجارة رياض مزور العام الماضي عن بدء المفاوضات مع شركات مصنّعة لبطاريات السيارات الكهربائية لإنشاء مصنع في البلاد يعطي دفعة قوية للقطاع الذي بلغت صادراته في العام الماضي نحو 10.8 مليار دولار.
وتظهر الأرقام الرسمية أن المغرب صدّر العام الماضي نحو 480 ألف سيارة جرى إنتاجها في مصانع رينو وستيلانتيس، من ضمنها سيارات كهربائية، وذلك من أصل 700 ألف مركبة، والتي يتوقع أن تصل إلى مليون سيارة خلال السنوات القليلة المقبلة.