فضيحة تنصت الرئيس الجزائري على هواتف جنرالات الجيش
يواجه الرئيس الجزائري حاليا ، فضيحة تنصت تستهدف كبار جنرالات الجيش ، بمن فيهم رئيس الأركان سعيد شنقريحة نفسه. وذلك بأمر من الرئاسة الجزائرية ، حتى لو بدا أن هذه القضية قد تم التستر عليها ، فإن أتباع الجنرالين السابقين المتورطين في العقد الأسود ، خالد نزار ومحمد مدين ، المعروف بإسم توفيق ، صعدوا من لهجتهم وطالبوا بتحديد هوية ومعاقبة المسؤولين عن هذه الأعمال التجسسية الخطيرة.
المؤامرة جزء لا يتجزأ من النظام الجزائري. وقد إعتمدت كأحد أسس النظام من قبل هواري بومدين ، وهي التي تحدد منذ عام 1962 العلاقات بين القادة على رأس السلطة العسكرية-السياسية في البلاد. عبد المجيد تبون لا يثق بجيشه. وبرزت الخلافات بين جنرالات الجيش الوطني الشعبي والرئيس الجزائري في سياق حرب المواقع الضروس ، بعد عام ونصف من إنتهاء ولاية الساكن الحالي لقصر المرادية.
فقد تعرض هذا الأخير لهجوم حاد من جانب جنرالات العقد الأسود في التسعينيات ، وهو هجوم يمكن أن يقطع زواج المصلحة السياسية بين عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة.
فيوم السبت 20 ماي ، أكد اليوتوبرز ، سعيد بن سديرة ، وهو أحد الأبواق الإعلامية لجماعة الجنرال المتقاعد خالد نزار ، والجنرال محمد مدين ، ورئيس المخابرات الخارجية جبار مهنا ، أنه من الواضح الآن أن شوقي بوخزاني المدير العام لشركة موبيليس (شرعة عمومية للإتصالات)، التابعة لإتصالات الجزائر ، يتجسس على هواتف العديد من جنرالات الجيش الجزائري ، بمن فيهم رئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة. لمصلحة من يتجسس؟
وجهت أصابع الإتهام مباشرة من قبل أتباع نزار-توفيق-مهنا إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي ضبط متلبسا بسبب أمره ، وذلك من مكالمة هاتفية لذراعه الأيمن ومستشاره بوعلام ، بالإفراج الفوري عن مدير شركة موبيليس ، الذي تم القبض عليه واستجوابه في قضية التنصت هذه من قبل عناصر من المديرية المركزية لأمن الجيش. وقد وضع تحت المراقبة القضائية من قبل المحكمة العسكرية في البليدة ، قبل أن تلغي الرئاسة الجزائرية جميع هذه الملاحقات وتبقي شوقي بوخزاني في منصبه. كما حاول المحيط الرئاسي الإيهام بأن إعتقال بوخزاني مرتبط بشراء موبيليس لنادي شبيبة القبايل لكرة القدم ، لإنقاذه من الإفلاس.
تفجرت فضيحة التنصت على الهواتف في 21 مارس الماضي ، عندما إختطفت عناصر من الأمن العسكري مدير شركة موبيليس في محطة سيارات مقر الشركة التي يديرها. تم تعيين شوقي بوخزاني، النقيب السابق في جهاز الدرك، وسط اندهاش الجميع، مديرا لهذه الشركة للاتصالات في 3 أكتوبر 2021 وهو لا يتوفر إلا دبلوم بسيط في « الإتصالات وأمن الشبكات المعلوماتية » حصل عليه من مدرسة البوليتكنيك العسكرية في الجزائر. وهي الشهادة التي سمحت له بأن يصبح « مطور ويب » داخل قوات الدرك في عام 2011، قبل إعارته إلى موبيليس في عام 2019. هذه الترقية السريعة من عسكري إلى إدارة الشركة العملاقة للهواتف المحمولة في الجزائر هي بحد ذاتها مشكوك فيها وتطرح العديد من التساؤلات.
إن البوق الإعلامي لجماعة نزار-مدين- مهنا ذهب إلى أبعد من ذلك في هجومه العنيف على الرئيس تبون بالتأكيد على أنه وراء مثل هذه الأعمال التجسسية ضد القيادة العليا للجيش وأنه، بالتالي، لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يترشح لفترة رئاسية ثانية، لا سيما أنه لم يقدم أي شيء للجزائر منذ انتخابه في 2019، باستثناء الوعود الكاذبة وعدم استطاعته زيارة ولايات البلاد. والحقيقة أن تبون يتجنب الزيارات الميدانية في الولايات ويبدو قبل كل شيء أنه يتفادى الظهور العام في المدن الجزائرية مخافة أن يسمع أحد شعارات الحراك الرئيسية التي تصفه بأنه مغتصب للسلطة. مع العلم أن الجزائر تتوفر على 210 آلاف شرطي و180 ألف دركي. رقم قياسي عالمي إذا قسنا هذا العدد الهائل من قوات الشرطة بعدد السكان.
إن الخرجة الإعلامية العنيفة لجماعة الجنرالات المتورطين في العشرية السوداء في الجزائر توحي بأن هناك طلاق بين تبون وجنرالات الجيش الذين لم ينسوا أبدا أن عدوهم اللدود في الماضي، هو الذي تعقبهم أو أرسلهم إلى السجن أو أجبرهم على الخروج من البلاد، الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، هو أيضا الأب الروحي لتبون، الذي عينه رئيسا للبلاد.
تبون، يتيم النظام القديم، يجد نفسه اليوم في ورطة. من ناحية، فهو يواجه الرجل القوي شنقريحة، الذي لم تكن تربطهما علاقة ثقة والذي اكتشف فجأة أن رئيسه « يتجسس عليه ». ومن ناحية أخرى، لم يغفر الثنائي نزار-توفيق لتبون حتى الآن ولاءه لجماعة بوتفليقة وقايد صالح.
وفضلا عن ذلك، فإن كبار ضباط الجيش، سواء كانوا من جماعة شنقريحة أو من جماعة نزار-توفيق، سمحوا عن عمد بنقل صورة سيئة عن تبون من خلال حصره في أدوار ثانوية وفي ثرثراته التافهة، بهدف تشويه سمعته وقطع الطريق عليه حتى لا يترشح لفترة رئاسية ثانية.
من خلال رغبته في القيام بحملة من خلال زياراته خارج الجزائر، يتوقع تبون الكثير من زيارته لفرنسا لتثبيت صورة رئيس له مكانة رجل دولة. هذه الزيارة، التي تم تأجيلها، قد لا تلغى بالمرة بسبب الانتكاسات التي حدثت في زيارته المفاجئة الأخيرة إلى البرتغال. كان القصد من هذه الزيارة أن يكون اختبارا مصغرا لزيارته إلى باريس. لكن رغم السرية التامة التي أحاطت بالزيارة إلى البرتغال، بهدف منع جزائريي الشتات من الالتقاء في لشبونة والترحيب به بتبون بمظاهرات معادية للنظام العسكري، فإن شعارات الحراك الشعبي رفعت ضده وتم رمي موكبه الرسمي بالبيض.
اتهامات التجسس التي استهدفت جنرالات الجيش وضعت تبون في موقف حرج للغاية. يسحق النظام كل من يجرؤ على اتخاذ أي إجراء ضد الجيش وتفوقه. يمكن للجنرال فقط مهاجمة الجنرالات الآخرين. أما تبون، باعتباره واجهة مدنية لا قيمة لها، سيلتحق بلا شك بسجن الحراش في نهاية فترة ولايته. ما لم يكن للجنرالات مخطط للتخلص منه… على غرار ما فعلوا مع بوضياف.