إسبانيا تشرع في محاكمة صحراوي من مخيمات تندوف في قضية إرهاب
شرع القضاء الإسباني الثلاثاء في محاكمة صحراوي من مخيمات تندوف بتهمة انتمائه لتنظيم داعش الإرهابي، والتعبير عن كراهيته لإسبانيا ونشر دعاية جهادية على الشبكات الاجتماعية.
وأوردت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن المحكمة الوطنية الإسبانية بدأت في محاكمة شخص يلقّب بـ”إسماعيل”، قد نشر قبل إلقاء القبض عليه في 28 مارس الماضي، مقاطع مصوّرة على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعو فيها إلى الجهاد، فضلا عن مبايعته للتنظيم الإرهابي.
وطالبت النيابة العامة بسجنه لمدة أربع سنوات وستة أشهر، بعدما كان يقدم نفسه كعضو في منظمة “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الإرهابية، إلى جانب اعتزازه بتواصله مع رئيسها السابق عدنان أبووليد الصحراوي، الذي قتل على يد الجيش الفرنسي في أغسطس2021.
وخلال جلسات الاستماع أمام النيابة العامة الإسبانية، اعترف بمحاولته الانضمام إلى صفوف التنظيم الإرهابي.
ومنذ أغسطس 2019، يقوم “إسماعيل” بتسيير مجموعتين على شبكات التواصل الاجتماعي، ينشر فيهما نصوصًا وصورًا ذات صبغة متطرفة، مخصصة لـ185 شخصًا يعيشون في دول مختلفة مثل إسبانيا والجزائر وألمانيا وتركيا وسوريا والأردن، كما أجرى محادثات عبّر فيها عن تمسكه الأيديولوجي بداعش، وكذلك كراهيته لإسبانيا التي أشار إليها بـ”أرض الكفر”، حسبما أفاد المدعي العام.
وتم الكشف عن الاتصال الذي أجراه مع ياسين البار (أحد المتطرفين، الذي لم تكشف عن هويته النيابة العامة الإسبانية بشكل كامل)، واعتقل في نفس اليوم مع المتهم في سويسرا، البلد الذي عاد إليه بعد القتال في سوريا بأوامر من تنظيم الدولة الإسلامية، والذي عرض عليه مساعدته (دون تحديد نوع المساعدة) في حال قرر الانتقال إلى إسبانيا.
وحتى لحظة اعتقاله، ظل على اتصال بمستخدمي فيسبوك الجهاديين الذين ادعوا أنهم يقيمون في منطقة نزاع، وتبادل معهم تسجيلات صوتية ومرئية لقادة تنظيم الدولة الإسلامية، وكان ارتباطه العلني بداعش مع دعوات للجهاد المسلح ثابتًا أيضًا في محادثات على تطبيق واتساب.
ويؤكد خبراء في الإستراتيجيات الأمنية اختراق عدد من المحتجزين بتندوف من طرف الفكر المتطرف الذي يخدم تمدد الجماعات الإرهابية، ما يمثل خطرا محدقا لا فقط على المنطقة ولكن على دول أوروبية مثل إسبانيا.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدّراسات الإستراتيجية والأمنية أن “الإعلان عن محاكمة عنصر ينحدر من تندوف ينتمي إلى صفوف داعش، يؤكد انخراط عناصر جبهة بوليساريو في الأجندة الإرهابية”.
وأشار في تصريح لـه، إلى أن “تنظيم داعش أصبح يتمدد بشكل خطير في دول منطقة الساحل الأفريقي، خصوصا بوركينا فاسو والنيجر ومالي، وأصبح يسيطر على مساحات جغرافية واسعة”.
وسبق للشرقاوي حبوب، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن أكد أن “مخيمات المحتجزين بتندوف باتت تمثل خطرا محدقا، حيث تعمل على تفريخ عناصر تلتحق مباشرة بالتنظيمات الإرهابية، وهو ما يؤكد ارتباط الانفصال بالإرهاب”.
وأوضح في تصريح إعلامي أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” و”تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي” و”ولاية الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، التي كان يتزعمها عدنان أبوالوليد الصحراوي، الذي يعتبر أحد العناصر البارزة التابعة لجبهة بوليساريو الانفصالية، تنشط بالساحل.
خبراء في الإستراتيجيات الأمنية يؤكدون اختراق عدد من المحتجزين بتندوف من طرف الفكر المتطرف الذي يخدم تمدد الجماعات الإرهابية
بدوره شدّد النائب الفرنسي بالبرلمان الأوروبي نيكولا باي على أن “مخيمات تندوف الواقعة تحت سيطرة بوليساريو التي ترعاها الجزائر، هي منطقة لتجنيد الشباب في الشبكات الإجرامية والجهادية التي تتركز أنشطتها في منطقة الساحل والصحراء، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأوضاع وعدم استقرار هذه المنطقة الإستراتيجية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي”.
ونظرًا لانتمائه إلى منطقة تندوف، أكد المدعى عليه في مناسبتين أنه حاول الانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى، قائلا “لقد هاجرت إلى حدود مالي بحثًا عن الإخوان منذ سنتين ثم عدت إلى أوروبا مرة أخرى، لقد دخلت الجزائر، أشكر الله أنه أخرجني من هناك”.
ونظرا للخطورة التي بات يشكلها الفكر المتطرف، حذر المدير العام للسياسة الخارجية والأمنية بوزارة الخارجية الإسبانية والتعاون الأوروبي فيديل سينداغورتا من التهديد الإرهابي الحقيقي لجبهة بوليساريو في منطقة الساحل وعلى الجوار الأوروبي.
وأكد خلال أشغال منتدى نظمه معهد “إلكانو” حول الإرهاب العالمي، أنه صدم حين علم أن زعيم الجماعة الإرهابية (الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى)، عدنان أبوالوليد الصحراوي، ينحدر من مخيمات تندوف”، مشيرا إلى أن “هذه المنطقة أضحت أرضا خصبة للجهاد”.
وبشأن مستقبل إقامته في إسبانيا، أكد الصحراوي المدعو إسماعيل “لا أرى نفسي مستمرًا في العيش في هذا البلد، وأفكر في وجهة أخرى قد تكون ألمانيا، أو المعسكر في كايهي في مالي، أو في السنغال أو تركيا، ربما في سوريا، في العراق، في اليمن، في الشيشان، في روسيا، لكن ليس هنا مع الإسبان فهذا مستحيل”.