باريس تحذر الأميركيين: الإسلام السياسي أبرز خطر يتهدد فرنسا وأوروبا
اعتبر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أن “الإرهاب الإسلامي السنّي” هو أبرز تهديد لبلاده وأوروبا، داعيا خلال زيارة إلى الولايات المتحدة لتعزيز التعاون الأمني مع واشنطن خصوصا قبل استضافة باريس أولمبياد 2024 الصيفي.
يأتي هذا في وقت لا تخفي فيه فرنسا انزعاجها من أنشطة الإسلاميين المحسوبين على الإخوان المسلمين فوق أراضيها. فيما بدت تصريحات وزير الداخلية الفرنسي تحذيرا للأميركيين من هذا الخطر المستقبلي الذي يتغاضى عنه الأميركيون ويسمحون لجمعياته وأنشطته بحرية الحركة.
وقال دارمانان الجمعة في نيويورك “أتينا لنذكّرهم أنه بالنسبة إلى الأوروبيين وفرنسا، الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السنّي، والتعاون لمكافحة الإرهاب بين أجهزة الاستخبارات هو ضروري للغاية”.
◙ فرنسا من بين الدول الأوروبية التي يوجد فيها عدد ضخم من الجالية المسلمة، إذ بلغ عددها هناك نحو 5.7 مليون حتى منتصف 2016،
وتابع “بينما قد تكون للأميركيين رؤية وطنية أكثر للأزمات (مثل) التفوق العرقي الأبيض وعمليات إطلاق النار الجماعية المتكررة والتآمر، لا يجب أن ينسوا ما يبدو لنا في أوروبا بمثابة التهديد الأول: الإرهاب السنّي”.
واختتم دارمانان زيارة استمرت يومين وشملت واشنطن ونيويورك ومقر الأمم المتحدة، هدفت إلى تعزيز التعاون بين الشرطة والقضاء في فرنسا والولايات المتحدة وهو ما نصّ عليه اتفاق وقّعه البلدان عام 2016، ويطال مجالات مكافحة “الإرهاب” والجرائم الكبرى.
والتقى دارمانان مسؤولين أميركيين وزار مقر تدريب لعناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي آي”.
وبحث في نيويورك مع مفوّضة شرطة المدينة كيشانت سيويل سبل حفظ الأمن والنظام خلال الأحداث الكبرى، ومنها ما تستعدّ فرنسا لاستضافته مثل دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس (26 يوليو – 11 أغسطس 2024)، وكأس العالم للركبي (سبتمبر وأكتوبر 2023)، وزيارة البابا فرنسيس إلى مدينة مرسيليا بجنوب البلاد في 23 سبتمبر.
وأشار دارمانان إلى “معاودة الخطر” المرتبط بـ”الإرهاب الإسلامي” الذي يستهدف فرنسا وجيرانها الأوروبيين، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
ويؤكد كلام دارمانان مجددا خطر المجموعات الإسلامية المنتمية للإسلام السنّي، والتي تنضوي تحت لواء الإخوان المسلمين. وتتجنب هذه الجماعات المواجهة مع الدولة الفرنسية بتحركها الصامت وتخفيها وراء الجمعيات الخيرية والمساجد واتحادات شبابية وجامعية لنشر شبكاتها.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أطلق تحركا لمواجهة ما سمّاه “الانعزالية الإسلامية” في الأحياء الفرنسية الفقيرة التي قال إنها تهدف إلى إنشاء “مجتمع مضاد” تسوده الشريعة الإسلامية.
ولاحقا أقرت فرنسا قانونا أطلقت عليه اسم “قانون تعزيز احترام قيم الجمهورية”، ينص على فرض رقابة على المساجد والجمعيات المسؤولة عن إدارتها، ومراقبة تمويل المنظمات التابعة للإسلاميين. كما يفرض قيودا على حرية تقديم الأسر التعليم لأطفالها في المنازل، ويحظر ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم ما قبل الجامعي.
وفرنسا من بين الدول الأوروبية التي يوجد فيها عدد ضخم من الجالية المسلمة، إذ بلغ عددها هناك نحو 5.7 مليون حتى منتصف 2016، وهو ما يشكل 8.8 في المئة من مجموع السكان.
ويمنح القانون الجديد أجهزة الأمن الفرنسية المزيد من الأدوات لتعقب الإسلاميين المشتبه بهم ومراقبتهم عبر الإنترنت. كما يهدف إلى مكافحة الأفكار المتطرفة على جميع المستويات؛ فهو يشدد شروط التعليم في المنازل، ويفرض قواعد صارمة على الجمعيات التي تسعى للحصول على إعانات من الدولة، ويمنح السلطات صلاحيات واسعة تخول لها إغلاق أماكن العبادة التي يُنظر إليها على أنها تتغاضى عن الأفكار البغيضة أو العنيفة.
وتحدث عن نوعين من التهديدات، داخلية تتمثل بـ”أشخاص غير منضوين في شبكات، يتطرفون، ينتقلون إلى التنفيذ في غضون ساعات، في غضون أيام… شخص يحمل سكينا، يدخل مخبزا ويقتل الناس”، وخارجية مثل “أشخاص ينظّمون أنفسهم في الخارج ويأتون إلى فرنسا لتنفيذ اعتداءات” كالتي شهدتها باريس في نوفمبر 2015.
وأعرب عن أسفه “لرحيل الأميركيين من أفغانستان” وانسحاب فرنسا من منطقة الساحل الأفريقية، متحدثا عن “إعادة تشكيل خلايا داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) في المشرق، ما يجعل من هذه التهديدات الخارجية في ضوء الأحداث التي ستنظمها فرنسا، محطات لمخاطر كبيرة من اعتداءات إرهابية”.
الا أنه أبدى “ارتياحا” للمباحثات التي أجراها مع المسؤولين الأميركيين، متحدثا عن تبادل “معلومات سرية”.
◙ وزير الداخلية الفرنسي يحذر من الخطر الذي يمثله “الإرهاب الإسلامي” بالنسبة إلى الأوروبيين ولفرنسا
وتطرق الجانبان إلى مكافحة تهريب المخدرات خصوصا الفينتانيل الذي تعزى إليه وفاة عشرات الآلاف في الولايات المتحدة سنويا. وقال دارمانان إن الأميركيين “واثقون من أن هذا (المخدّر) سيصل إلى أوروبا”، وقدّموا “عناصر دقيقة بشأن” شبكات التهريب.
إلى ذلك، تطرّق الوزير الفرنسي في نيويورك إلى وضع كاليدونيا الجديدة أمام اللجنة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار التابعة للأمم المتحدة.
وذكّر دارمانان بأن باريس تسعى “للتفاوض” مع الاستقلاليين والرافضين للاستقلال بشأن مستقبل هذا الأرخبيل الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
وصوّت سكان كاليدونيا الجديدة التي من المقرر أن يزورها دارمانان في الأيام المقبلة، ضد الاستقلال ثلاث مرات. إلا أن الاستقلاليين احتجوا على نتائج الاستفتاء الأخير الذي أجري عام 2021.
وأشار دارمانان إلى بحثٍ في “كيف يمكننا أن نطلق حق تقرير المصير هذا خلال جيل أو جيلين”، مضيفا “أردت أن أضمن للأمم المتحدة أننا نناقش” ذلك.