البرتغال تخيب آمال بوليساريو بدعم سيادة المغرب على صحرائه
انضمت البرتغال إلى الدول الأوروبية الداعمة لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، في نجاح جديد يحسب للدبلوماسية المغربية، التي نجحت خلال السنوات الأخيرة في تحقيق اختراقات مهمة لصالحها في هذا النزاع المفتعل.
تجاهلت البرتغال محاولات التشويش التي عمدت إليها جبهة بوليساريو، وأصدرت موقفا رسميا لا يقبل التأويل بدعمها مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، بعد الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بين المغرب والبرتغال وترأسه رئيسا حكومتي البلدين، عزيز أخنوش وأنطونيو كوستا، الجمعة بالعاصمة لشبونة.
واعتبرت لشبونة أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي مقترحا واقعيا وجادا وموثوقا من أجل حل معتمد في إطار الأمم المتحدة لقضية الصحراء، مؤكدة دعمها للمسلسل الذي تقوده المنظمة الأممية للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من قبل الأطراف.
وجاء الإعلان البرتغالي عن دعمه لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، عبر بيان مشترك تلا الاجتماع رفيع المستوى بين حكومتي الرباط ولشبونة. ويكرس الإعلان المسار المهم والحيوي الذي يتخذه ملف الصحراء المغربية داخل الاتحاد الأوروبي، حيث يسير المغرب نحو استقطاب أكبر عدد من البلدان من أجل دعم مبادرته بشكل علني وصريح.
وكان ممثل الجبهة الانفصالية، توجه بالتزامن مع انعقاد اللقاء رفيع المستوى، برسالة لوكالة أنباء لشبونة “لوسا”، باسم جمعية مدنية تُدعى “الصداقة البرتغالية والصحراء الغربية”، حذر من خلالها حكومة لشبونة من الخوض في موضوع الصحراء مع الجانب الحكومي المغربي ضمن جدول أعمال اللقاء.
وعبّر ممثّل بوليساريو عن خيبة أمله في حال الخوض في ملف الصحراء المغربية خلال المحادثات التي جمعت رئيسي وزراء البرتغال والمغرب، وذلك في وقت قرّر البلدان رفع شراكتها إلى “مستوى الشراكة الإستراتيجية والتنسيق الدائم بشأن المسائل ذات النطاق الثنائي والإقليمي والوطني الدولي”. وأثارت القمة رفيعة المستوى التي عقدت بلشبونة تحت شعار “المغرب والبرتغال: معا لبناء اقتصادات مزدهرة ونمو مشترك”، مخاوف الجبهة الانفصالية وداعميها من دول الجوار بمن فيهم الجزائر.
وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن تأكيد دولة البرتغال على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة في المسلسل السياسي ودعمها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2654، يؤكد على توسع إجماع المنتظم الدولي على الرفض القاطع لأي محاولة تستهدف إقحام أي منظمة إقليمية في النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية المغربية، وهي رسالة أخرى موجهة لبوليساريو والنظام الجزائري الذي حاول بشتى الوسائل تشتيت جهود الأمم المتحدة لحل قضية الصحراء المغربية.
وشدد الطيار في تصريح له، على أن إعلان البرتغال عن دعمها للقرار الأممي 2654 الذي يشيد بمبادرة الحكم الذاتي ودور ومسؤولية الأطراف في السعي للتوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم قائم على التوافق، يشكل أيضا في مضمونه دعوة للجزائر إلى الجلوس للحوار في إطار الموائد المستديرة، بحكم أنها طرف رئيسي، ويدعوها بذلك إلى الامتثال للشرعية الدولية.
وتهدف الرباط ولشبونة، من خلال الاجتماع رفيع المستوى الذي حضره مسؤولون حكوميون من الجانبين، ولم يرُق لبوليساريو والدول الداعمة للطرح الانفصالي، إلى تعزيز “شراكة إستراتيجية بين البلدين، مستمدة من الروابط التاريخية التي تؤهل رفع علاقات الشراكة إلى مستويات إستراتيجية متينة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي”.
وعمل المغرب بجدية لاستقطاب الدعم الأوروبي لمبادرة الحكم الذاتي، وقد أعلنت وزارة الخارجية الألمانية في ديسمبر 2021 أن برلين تعتبر أن خطة الحكم الذاتي تشكل “مساهمة مهمة” من المغرب لحل الخلاف، وهو الموقف الذي أنهى قطيعة دبلوماسية بين البلدين، وعلى النهج نفسه سارت إسبانيا بعد أزمة دبلوماسية امتدت لعام.
واعتبر الطيار أن انضمام البرتغال إلى الدول الأوروبية الأخرى التي تجعل من المبادرة المغربية للحكم الذاتي القاعدة الجدية والموثوقة من أجل حل نهائي لقضية الصحراء، يدعو فرنسا إلى الخروج من موقفها الضبابي والتخلي عن مخططاتها الاستعمارية القديمة، ويدعوها إلى الالتحاق بالدول الأوروبية وباقي دول العالم التي وقفت على حقيقة النزاع المفتعل في الأقاليم الجنوبية وما تشكله السياسة الجزائرية من خطر على الأمن والسلم الدوليين، ويؤشر على نجاح الدبلوماسية المغربية في كسب دول وازنة في محيطها الإقليمي.
◙ انضمام البرتغال إلى الدول الأوروبية الداعمة لمبادرة المغرب للحكم الذاتي، يدعو فرنسا إلى الخروج من موقفها الضبابي
ورحبت حكومتا المغرب والبرتغال بالملف الثلاثي مع إسبانيا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030، حيث أكد الإعلان المشترك الختامي للاجتماع رفيع المستوى الرابع عشر بين المغرب والبرتغال، أن “هذا الترشيح المشترك سيكون محطة للالتقاء بين أفريقيا وأوروبا، وبين شمال وجنوب المتوسط وبين العالم الأفريقي والعربي والأورومتوسطي”.
ونظرا للأهمية التي أعطيت على أعلى مستويات الدولة المغربية لتنظيم كأس العالم بطريقة مشتركة مع دول نافذة في الاتحاد الدولي، اعتبر العاهل المغربي الملك محمد السادس أن الملف الذي تم وضعه سابقة في تاريخ كرة القدم، مؤكدا أن عنوانه الربط بين أفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر المتوسط وجنوبه، وبين القارة الأفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي.
وهذا القرار نسف مناورات جبهة بوليساريو والجزائر التي حاولت التشويش على موقف البرتغال في هذا الملف، خاصة بعد رسالة بعثها ما يسمى بـ”جمعية الصداقة البرتغالية للصحراء” في مارس الماضي، وتم من خلالها انتقاد تقدم لشبونة ملف مشترك مع مدريد والرباط. وتساءلت الجمعية التابعة للجبهة الانفصالية “عن المصداقية التي يتمتع بها المغرب من أجل استضافة حدث رياضي من هذا الوزن”، وطالبت الجمعية الاتحاد البرتغالي بـ”إعادة النظر في هذا المقترح”.
وعلق الباحث محمد الطيار بأن القرار المشترك بين المغرب والبرتغال وإسبانيا لتنظيم كأس العالم، نسف كل محاولات التشويش على نجاح رؤية المغرب، وشدد الخناق على خصوم المملكة وطور أكثر التعاون الاقتصادي والاستثمارات، وجعل المغرب يتجاوز معيقات فشل مشروع الاتحاد المغاربي وضياع العديد من الفرص التنموية بسبب السياسة الجزائرية.