المغرب والبرتغال يمضيان في تعزيز شراكتهما على قاعدة رابح – رابح
عكس الاجتماع رفيع المستوى الذي عقد بين المغرب والبرتغال، وتم خلاله التوقيع على حزمة من الاتفاقيات المهمة، حرص الجانبين على المضي قدما في تعزيز الشراكة الثنائية وفتح آفاق جديدة لها على قاعدة رابح – رابح.
احتضنت العاصمة البرتغالية لشبونة الجمعة النسخة الرابعة عشرة للاجتماع رفيع المستوى بين المغرب والبرتغال تحت شعار “المغرب والبرتغال: تأكيد على شراكة إستراتيجية نموذجية”، وتم خلاله التوقيع على حزمة من الاتفاقيات، والتأكيد على تعزيز الحوار السياسي بين البلدين.
وترأس الاجتماع رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ونظيره البرتغالي أنطونيو كوستا، بعد آخر اجتماع للقمة رفيعة المستوى التي عقدت بين الجانبين في ديسمبر 2017.
وتضمن الاجتماع مناقشة تعزيز العلاقات الاقتصادية وأهمية الربط في مجال الطاقة بين البلدين، كما تم إدراج ترشح المغرب والبرتغال وإسبانيا لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 في جدول الأعمال.
وقال رئيس الحكومة المغربية إن ملف الترشح “يشكل سابقة في تاريخ كرة القدم، حيث يوحّد لأول مرة دولا من قارّتين”.
وشدد رئيس الوزراء البرتغالي خلال الاجتماع على أن “العلاقات بين البرتغال والمغرب ممتازة ومتجذرة وقائمة على روابط تاريخية وثقافية واقتصادية وتجارية متينة”، مشيرا إلى أن المغرب، الشريك الموثوق والمستقر، يعد “جزءا من جوارنا المباشر، إذ الرباط هي أيضا أقرب عاصمة إلى لشبونة”.
وأضاف كوستا “لقد نوهنا مرارا بالإصلاحات والجهود الطموحة التي يبذلها المغرب بهدف تحديث اقتصاده والنهوض بمجتمع معاصر يجعل هذا البلد اليوم شريكا مستقرا وموثوقا به على الصعيدين الثنائي والإقليمي والدولي، يضطلع بدور مهم لصالح استقرار جواره المباشر، وأيضا على مستوى التحديات العالمية الكبرى، مثل الانتقال إلى الطاقات الخضراء التي تعتبر أساسية لمواجهة تحدي تغير المناخ”.
وخلص اجتماع رئيسي وزراء البرتغال والمغرب إلى توقيع 13 اتفاقية تعاون تهدف إلى تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، واعتبر أخنوش أن اتفاقيات التعاون الموقعة مع البرتغال هي “اتفاقيات جيل جديد” ستفيد البلدين في المجالات الأساسية، معتبرا أن التعاون السياسي المكثف سمح بتقوية الروابط بين البلدين.
وركزت الاتفاقيات بشكل خاص على المجالات الاقتصادية والطاقة والثقافة، وكذلك التعاون في مجال التعليم العالي والصناعة التقليدية والتضامن الاجتماعي، والعدل.
وأكد هشام معتضد الباحث في العلاقات الدولية أن المغرب رهن الانخراط في مقاربة رابح – رابح مع شركائه الأوروبيين ومنهم البرتغال، بالتزامهم التزاما أكثر مسؤولية تجاه الرباط، وذلك بانخراط جميع مكوناته المؤسساتية والتنظيمية في احترام التوجهات السيادية والإستراتيجية لشريكه الاقتصادي.
وقال معتضد في تصريحات لـه ، إن انتظارات الرباط من اللقاءات بهذا البلد تنسجم والتوجهات الجديدة التي تبناها المغرب من أجل تعزيز شراكاته الإستراتيجية والاقتصادية وتنويعها على أسس متينة تتماشى وقناعاته الإستراتيجية من أجل تعاون بناء ورابح داخل إطار الاحترام المتبادل لرؤية البلدان والتوجهات السيادية التي يجب أن تؤطر شراكاته الثنائية ومتعددة الأطراف على المستوى الدولي.
وتصبو الرباط ولشبونة من خلال هذا اللقاء الذي حضره وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيره البرتغالي جواو غوميز كارفينهو وعدد من الوزراء من الحكومتين، إلى تعزيز “شراكة إستراتيجية بين البلدين، مستمدة من الروابط التاريخية التي تؤهل رفع علاقات الشراكة إلى مستويات إستراتيجية متينة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي”.
الاجتماع تضمن مناقشة تعزيز العلاقات الاقتصادية وأهمية الربط في مجال الطاقة بين البلدين
وأكد وزير الخارجية البرتغالي أن البلدين يتقاسمان الرغبة في تقوية العلاقات الثنائية، مبرزا أن المغرب والبرتغال تربطهما علاقة وثيقة للغاية، مشيرا إلى أن هذا اجتماع رفيع المستوى واتفاقيات التعاون التي تم توقيعها هي مثال على كثافة الشراكة الإستراتيجية بين البلدين وتعكس كذلك الرغبة المتبادلة في تعزيز هذه العلاقات.
وقال مصدر حكومي في لشبونة لوكالة “لوسا” الرسمية، إن الحكومتين سترفعان علاقتهما إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، وهو “مستوى جديد يتم فيه تعزيز الحوار السياسي، مع اتصال دائم بشأن المسائل ذات النطاق الثنائي والإقليمي والوطني الدولي”.
وفي كلمة بمناسبة أشغال المنتدى الاقتصادي البرتغالي – المغربي تحت شعار “المغرب والبرتغال: معا لبناء اقتصادات مزدهرة ونمو مشترك”، قال رئيس الحكومة المغربية إن البلدين يتوجهان نحو التعاون، سواء في الجوانب الاقتصادية أو التجارية أو الثقافية، لذلك يجب أن يكون هذا المنتدى الاقتصادي البرتغالي – المغربي نقطة البداية لاستغلال مكامن القوة لدى البلدين، من أجل المشاركة في بناء سلاسل قيمة جديدة تسمح بتنمية اقتصادات حديثة ومتنوعة ومستدامة، مدفوعة بقطاعات تنافسية تخلق فرص عمل.
الاتفاقيات ركزت بشكل خاص على المجالات الاقتصادية والطاقة والثقافة، وكذلك التعاون في مجال التعليم العالي والصناعة التقليدية والتضامن الاجتماعي والعدل
وشدد أخنوش على أن “نتائج المنتدى الاقتصادي البرتغالي – المغربي كانت خطوة كبيرة جدا إلى الأمام وتأتي لتعزيز الشراكة الإستراتيجية”، مشيرا إلى أنه على سبيل المثال، لم يتم بعد استكشاف قطاعي الأثاث والمنسوجات في العلاقات التجارية، مسلطا الضوء على القدرات التي تم تطويرها في قطاعات مثل الطاقة والسياحة والطاقات المتجددة والزراعة والنقل والهيدروجين الأخضر وغيرها.
وتعتبر المملكة أول شريك للبرتغال في العالم العربي وأفريقيا والثانية خارج الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، إذ تم تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين البلدين منذ نوفمبر 2021 من خلال إنشاء المجلس الاقتصادي المغربي – البرتغالي الذي يترأسه بشكل مشترك كريم عمور وأرميندو مونتييرو رئيس الكونفدرالية البرتغالية للمقاولات.
ويهدف المنتدى الاقتصادي البرتغالي – المغربي الذي ترأسه المسؤولون بالبلدين إلى مناقشة الروافع التي سيتم تفعيلها لزيادة تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وكذلك تحديد فرص تعاون جديدة وبناء شراكات مبتكرة ومستدامة بين الشركات المغربية والبرتغالية في قطاعات رئيسية على غرار الصناعة والطاقات المتجددة والتكنولوجيا الرقمية.
وبحسب سفير المغرب في البرتغال عثمان باحنيني فإن الاجتماع هو فرصة لتعميق الشراكة والدفع بالعلاقات إلى مستويات أعلى عبر إطلاق عدد من المشاريع المهيكلة في مجالات عديدة، حيث ترغب الرباط في جعل البرتغال ضمن الشركاء الاقتصاديين والتجاريين العشرة الأوائل للمملكة، مشيرا في تصريحات صحفية إلى ارتفاع حجم المبادلات التجارية بين البلدين.
وربط السفير المغربي أيضا الاجتماع بالملف المشترك المغربي – البرتغالي – الإسباني لتنظيم بطولة كأس العالم 2030، مشددا على الأهمية التي تمثلها هذه الخطوة في الوقت الحاضر، موردا أنه “سيكون بلا شك حافزا للتأسيس لرؤية مشتركة ذات تأثير قوي على النمو الاقتصادي في البلدان الثلاثة وتحقيق مكاسب مشتركة بينها”.