الحوار الإستراتيجي يكرس الشراكة بين المغرب وبريطانيا
جددت المملكة المتحدة والمملكة المغربية التأكيد على رؤيتهما المشتركة حيال إرساء شراكة إستراتيجية بين البلدين، من خلال تعزيز الحوار السياسي، وتعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني، والنهوض بالعلاقات البشرية والثقافية. وجاء ذلك في إطار الجولة الرابعة من الحوار الإستراتيجي بين البلدين الذي انعقد الثلاثاء في الرباط، برئاسة ناصر بوريطة وزير الخارجية المغربي واللورد طارق أحمد وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا والأمم المتحدة.
وقال بوريطة، خلال مؤتمر صحفي مشترك، إن المغرب تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس يسعى إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة والمغرب في مختلف المجالات، لتصبح أول شريك للمملكة المغربية في أوروبا. وأشار الوزير المغربي إلى اعتزام البلدين توسيع نطاق التعاون والشراكة ليشمل الطاقات المتجددة والزراعة والمجال العسكري، مثمنا موقف لندن من الصحراء المغربية في إطار الأمم المتحدة.
ويشكل الحوار الإستراتيجي فرصة للرباط ولندن لاستكشاف سبل دفع العلاقات إلى أبعد من ذلك والتي يمكن وصفها بالجيدة، خاصة بعد توقيع الاتفاق الإستراتيجي بين البلدين سنة 2018، ثم توقيع اتفاقية الشراكة بين البلدين سنة 2019. وأكد محمد الطيار الخبير في الدراسات السياسية والأمنية، أن الموقف البريطاني الداعم للمملكة المغربية في عدد من القضايا، في مقدمتها ملف الصحراء، يترجم العلاقات التاريخية بين الجانبين.
وعقب المباحثات اعتمد الجانبان إعلانا سياسيا مشتركا بين المغرب والمملكة المتحدة، أشادت فيه الحكومة البريطانية بريادة الملك محمد السادس في جعل المغرب فاعلا رئيسيا لتحقيق الاستقرار والسلام والتنمية بمنطقة المتوسط والساحل والصحراء وغرب أفريقيا، كما نوه الإعلان المشترك بدور المغرب كرائد في مجال محاربة التطرف والإرهاب.
وعلى مستوى ملف الهجرة أعربت الحكومة البريطانية عن امتنانها للمغرب على دعمه المستمر لمحاربة الهجرة غير النظامية، والتزامه بالنهوض بحقوق الإنسان والحكامة الجيدة، واتفق الطرفان على مواصلة التعاون الوثيق في هذه القضايا، وجددت الحكومتان التأكيد على التزامهما بالعمل معًا من أجل مواجهة التحديات المشتركة والنهوض بالأمن وتحقيق الازدهار في المنطقة.
ويهدف البلدان، من خلال الحوار الإستراتيجي بينهما، إلى إنشاء قطبين اقتصاديين قويين عبر الربط القاري بينهما بنفق أرضي يربط المغرب بجبل طارق، وهو الربط الذي يمكن أن يكون صلة وصل بين أفريقيا وأوروبا ليس من الناحية الاقتصادية فقط بل أيضا من ناحية البنية التحتية أيضا.
وقد تم الاتفاق على الوصول إلى السوق البريطانية لجميع المنتجات القادمة من الصحراء المغربية، أي المصايد والزراعة والفوسفات، والتي ستدخل السوق البريطانية دون تمييز، مع ترسيخ مكانة المغرب باعتباره المصدر الرئيسي للمنتجات الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي من خلال تنفيذ خط بحري أول بين البلدين.
وأوضح بوريطة أن التبادل التجاري بين المملكتين تضاعف في السنوات الأخيرة إلى ثلاث مرات، كما تضاعف عدد الرحلات الجوية في اتجاه بريطانيا في إطار طموح المغرب لاستقطاب مليون سائح بريطاني سنويا في المستقبل القريب.
واتفق الوزيران خلال الدورة الأخيرة من الحوار الإستراتيجي على تعزيز الحوار السياسي، وتعميق العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني، والنهوض بالروابط الإنسانية والثقافية، كما جددا التأكيد على رؤيتهما المشتركة لإقامة شراكة إستراتيجية بين البلدين.
وقال صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، إنه بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عملت لندن على تطوير علاقات مع دول من خارج التكتل الأوروبي ومنها المغرب لموقعه الجيواستراتيجي والعلاقات التاريخية المتجذرة، بما يعنيه ذلك من إمكانيات دبلوماسية وأمنية وسياسية واقتصادية، الشيء الذي سيجعل البلدين ينسجان علاقات تملك أسس النجاح.
وأوضح الحو، في تصريح لـه، أنه على المستوى التجاري يظهر المغرب كبديل ذي امتياز وأفضلية، وعلى رأس قائمة الشركاء المطلوبين لدى بريطانيا لتعويض ما كانت تستورده من مواد زراعية من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا.
وانطلق الحوار الإستراتيجي بين البلدين في 5 يوليو 2018، وجرت الجولة الثانية من الحوار الإستراتيجي بالرباط في 17 سبتمبر 2019، حيث مكنت من تحديد الرهانات الإستراتيجية في العلاقات الثنائية، في حين انعقدت الدورة الثالثة بلندن في 8 ديسمبر 2021، برئاسة بوريطة ونظيرته البريطانية إليزابيث تروس.
وعلى المستوى الثقافي والتعليمي كشف بوريطة الثلاثاء عن آفاق جديدة للتعاون بين المملكتين، معلنا في الوقت نفسه أن مدارس بريطانية جديدة ستفتح قريبا مؤسسات لها في المغرب، لتنضاف إلى 7 مؤسسات سابقة لتعليم اللغة الإنجليزية متواجدة في المغرب لنقل التكنولوجيا والمعارف إلى التلاميذ والطلبة المغاربة وتبادل الخبرات.