المغرب: تصريحات لوزير العدل حول إثبات النسب للمواطنين تثير نساء حزب «العدالة والتنمية»
وزير العدل المغربي، عبد اللطيف وهبي، الذي يرأس حزب «الأصالة والمعاصرة»، شخصية مثيرة للجدل دائماً، لا يكاد يمر أسبوع حتى تثار ضده ردود فعل حول تصريحاته ومواقفه. وما إن خرج «سالماً» من قضية الشباب الراسبين في مباراة المحاماة والافتخار بابنه الذي تلقى دراسته في كندا، حتى انفجر النقاش مجدداً حول الحملة التي يقودها من أجل تعديل القانون الجنائي المغربي والدفاع عن الحريات الفردية.
أخيراً، أثير الجدل حول تصريحات صحافية تحدث فيها عن التقنية الطبية (ADN) المتعلقة بإثبات النسب للأبناء بالحمض النووي من جهة الآباء، حيث قال: «هيا اعملوا النسب بـ ADN. وكلما مرّ طفل افحصوه لتبحثوا عن أبيه». وواصل كلامه ساخراً: «حينها، ستجد المغربيَّ يسير في الطريق متبوعاً بعشرين طفلاً».
فما كان من منظمة «نساء العدالة والتنمية» إلا أن أصدرت بياناً غاضباً، اعتبرت فيه أن الوزير المذكور «بلغ به الحد إلى المساس بعرض المغاربة والتشكيك في أرحام النساء المغربيات الحرائر بتصريح خطير جاء فيه أنه لو قمنا بإجراء اختبار النسب بتقنية الحمض النووي ADN فسنجد النسبة الغالبة من المغاربة أبناء زنا».
ووصف البيان هذه التصريحات بـ»غير المسبوقة والصادمة»، ولاحظ أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي أصبح يخوض في كافة القضايا، سواء في إطار اختصاصه أو غيرها، بل تطاول على اختصاص ودور الفقهاء والعلماء في مجال الفتوى، بحيث أصبح يفتي على هواه في الحلال والحرام.
وأضاف البيان أن وهبي تجاوز في ذلك إمارة المؤمنين ودستور المملكة، بالإضافة إلى محاولاته المتكررة للتطبيع مع التفسخ الأخلاقي كدعوته إلى تقنين الزنا عن طريق إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي والذي يقضي بتجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج تحت مسمى «العلاقات» الرضائية وغيرها من تعديلات القانون الجنائي التي يبشر بها المغاربة.
وأبدت منظمة «نساء العدالة والتنمية» استغرابها «لهذه الجرأة غير المسبوقة من مسؤول حكومي يقوم بطعن المغاربة في عرضهم وشرف أمهاتهم وآبائهم»، وطالبت الوزير بسحب اتهامه الخطير وتقديم اعتذار رسمي لكل المغاربة؛ داعية إياه «للتعاطي بكل حكمة ورزانة مع القضايا والهموم الحقيقية التي تؤرق الأسرة والمرأة المغربية، عوض افتعال النقاش حول بعض القضايا التي تبدو مستوردة.
وأعلنت إصرارها على «المضي قدماً في النضال من أجل تحصين حقوق الأسرة والمرأة المغربية والوقوف سداً منيعاً أمام كل من سولت له نفسه المساس بشرف النساء المغربيات».
قلن إنه «تطاول على اختصاص ودور الفقهاء والعلماء في مجال الفتوى»
في السياق نفسه، طلبت ربيعة بوجة، البرلمانية عن حزب «العدالة والتنمية» المعارض، من الوزير عبد اللطيف وهبي أن يسحب ذلك الكلام ويقدم اعتذاره لجميع المغاربة. ونقل عنها موقع «العدالة والتنمية» قولها إنه بينما الناس مشغولون بالقهر الاجتماعي جراء غلاء الأسعار والمعيشة، في غياب غير مفهوم للحكومة وغياب التفاعل مع نبض الشارع، نجد وزيراً يصول ويجول بخرجات وشطحات بهلوانية، ويطلق العنان للسانه للتحدث في كل شيء، ويظهر نفسه كما لو أنه يمتلك الحقيقة، ويفهم في السياسة والفقه والدين.
وأضافت أنه من المفروض في وزير العدل أن يحمي المواطنات والمواطنين ويحمي أعراضهم، ويحرص على تحقيق العدل بينهم. لكنه ـ بحسب تعبيرها ـ يقود حملة للفتنة بين مكونات المجتمع المغربي، خاصة في التعديلات المتعلقة بالقانون الجنائي، حيث يطرح نفسه منتمياً لتيار حداثي في مواجهة تيار ظلامي سيطر على المشهد.
ولاحظت أن «التيار الحداثي» يدافع عما يسميه «العلاقات الرضائية»، بينما هي في الحقيقة «علاقة زنا خارج إطار الزواج» مندرجة ضمن القانون الجنائي. وأفادت أن الوزير يدعو اليوم إلى رفع التجريم عن هذه العلاقات. وتابعت البرلمانية قائلة إن وزير العدل يدافع عن الحق في الإجهاض، والحال أن لجنة ملكية حسمت في الأمر. واستغربت من مطالبته الفقهاء بالاقتصار على مجالهم، وقالت: «على الوزير أن يهتم فقط بمجاله وعمله السياسي، لأننا حين نريد صنع طائرة لن نستدعي وهبي، وإنما سنستدعي المتخصصين، وحين نود الخوض في أمور الفقه فسنطرح الموضوع على الفقهاء، لأنهم أهل علم ودراية».
واعتبرت أن الوزير عبد اللطيف وهبي يتجاوز إمارة المؤمنين التي يمثلها العاهل محمد السادس ويتجاوز دستور المملكة المغربية، ويتصور نفسه فوق القانون. وختمت كلامها بنداء «كفى من العبث».