تسود أجواء إيجابية داخل حزب الاستقلال مع حديث عن إمكانية حصول توافق بين تياري الأمين العام نزار بركة والقيادي النافذ بالأقاليم الجنوبية حمدي ولد الرشيد، وهو ما سيفسح المجال لعقد المؤتمر الثامن عشر للحزب.
يستعد نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال المشارك في الائتلاف الحكومي المغربي لعقد اجتماع حاسم على مستوى اللجنة التنفيذية في غضون الأيام المقبلة لمناقشة القضايا التنظيمية وعلى رأسها أجندة المؤتمر الثامن عشر الذي كان منتظرا عقده نهاية أكتوبر الماضي لكنه تأجل لخلافات داخلية.
ومن المنتظر أن يجري خلال الاجتماع المرتقب بحث التعديلات التي طرأت على النظام الأساسي للحزب المغربي في أفق الاستعداد للمؤتمر العادي لإخراج الحزب من وضعيته التنظيمية الداخلية التي هيمن عليها صراع بين تيارين، الأول تابع للأمين العام، والثاني يتزعمه القيادي النافذ بالأقاليم الجنوبية حمدي ولد الرشيد.
وسببت تعديلات اقترحها تيار ولد الرشيد على النظام الأساسي للحزب حالة من الاحتقان، وتنص على سحب اختصاصات من الأمين العام وفرض منصب نائب له وتقليص عدد أعضاء المجلس الوطني للحزب وزيادة عدد أعضاء اللجنة التنفيذية في المقابل، مع حذف عضوية المجلس الوطني بالصفة لأعضاء مجلسي النواب والمستشارين، وهو ما لم يقبله تيار بركة.
وتوسعت الخلافات بين تياري بركة وولد الرشيد إلى فريقي الحزب بمجلس النواب ومجلس المستشارين، كما انتقلت إلى عدد من الهيئات والتنظيمات الموازية للحزب، حيث كان توقيع مستشارين من حزب الاستقلال على عريضة من أجل الإطاحة برئيس فريق الحزب بمجلس المستشارين عبدالسلام اللبار من منصبه بسبب اتهامات للأخير بسوء التدبير المالي والإداري، سببا إضافيا لتأزيم الوضع داخل الحزب.
وبسبب الخلافات الحاصلة بين التيارين تم تأجيل عقد اجتماع بين أعضاء اللجنة التنفيذية لعدة مرات بهدف مناقشة موعد المؤتمر الثامن عشر للحزب، وذلك خوفا من حدوث تصدع يؤثر سلبا على التنظيم الداخلي ككل.
وأكدت مصادر من داخل اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال في تصريحات لـه أن الوضع الداخلي للحزب في طريقه إلى الحل وأن موضوع انعقاد المؤتمر الوطني للحزب رهين باتفاق ثنائي بين القيادي البارز ولد الرشيد والأمين العام للحزب للحسم في الخلافات المستمرة بين الطرفين.
وأكد حمزة أندلوسي الباحث في العلوم السياسية في تصريح لـه أن التعجيل بإجراء المؤتمر الثامن عشر يعزز الحكامة المؤسساتية الداخلية، والحسم في الصراع الداخلي بالحزب الذي يعتبره عاديا وأن القواعد والمنتخبين يمتثلون للقرار الحزبي باستثناء بعض الحالات القليلة التي لن تدفع إلى تفجير الحزب. وعليه، فالنقاش حول التنظيم الداخلي يعتبر أمرا عاديا ولن يؤثر بشكل كبير في وحدة وانسجام الحزب المشارك في الحكومة.
ووصف النعم ميارة القيادي بحزب الاستقلال والأمين العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب التابعة للحزب، بأن الوضع الداخلي للحزب “على ما يرام، وأن قيادة الحزب تشتغل بشكل عادي، وأن الحراك داخل حزب الاستقلال هو حراك طبيعي ظل الحزب يعيش على وقعه عبر مساره السياسي وكان هناك دائما سجال داخلي لكن حينما تهدأ النفوس الجميع يتفق حول خطة طريق. والاختلاف القائم داخل البيت الاستقلالي غير مرتبط بالمبادئ الأساسية للحزب، بل يتعلق بتوجهات وبمنظور معين، لكن قرار الحزب ملزم للجميع”.
وقال ميارة الذي يشغل موقع رئيس مجلس المستشارين في تصريحات صحفية “نحن متفقون داخل اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال على
خارطة طريق في ما يخص المنظور المستقبلي للحزب وليس هناك خلافات عميقة”.
وصرحت المصادر بأن بركة وميارة وولد الرشيد قد عقدوا اجتماعات لطي كل نقاط الخلاف والتوجه نحو المؤتمر موحدين ومتفقين لجعله مؤتمر التضامن والتماسك مع دعم مؤسسة الأمين العام للحزب المحورية في البنية التنظيمية والهيكلية للحزب.
ولاستعادة تموقع الحزب في الخارطة السياسية والحزبية حسب وزنه وثقله السياسي التاريخي، يراهن تيار ولد الرشيد على أن تتم مناقشة معايير التعيين على رأس الوزارات في أفق التعديل الحكومي المرتقب لترشيح وزراء سياسيين وليس تكنوقراطيين داخل الاجتماع المقبل للجنة التنفيذية.
وفي هذا الإطار كان الأمين العام للحزب قد قام بعقد لقاءات جهوية مباشرة مع المناضلين بعدد من الأقاليم الغاية منها فسح المجال لإنضاج وحشد الشروط التنظيمية المحلية لعقد المؤتمر الوطني الثامن عشر لحزب الاستقلال.
وأكدت ذات المصادر أن قيادات الحزب واعية بمخاطر عدم الحسم في الخلافات وبأن المؤتمر الوطني المقبل يجب أن يكون محطة مفصلية في القطع مع الأسباب، مضيفة أن حكماء الحزب يحثون بركة وولد الرشيد على إنجاح اجتماع اللجنة التنفيذية بإيجاد أرضية للتوافق، وترشيح الكفاءات السياسية الحقيقية للمناصب داخل مؤسسات الحزب وأيضا مؤسسات الدولة.
ولفتت قيادات داخل اللجنة التنفيذية إلى أنه ليس هناك أي منافسة على أمانة الحزب، بل هناك إجماع واقتناع وتوافق على ولاية ثانية لبركة، وذلك تفاديا لأي استنزاف لطاقات الحزب ولأي تصدعات ستؤثر سلبا على تواجده داخل المشهد السياسي ولإخراج الحزب من وضعيته غير القانونية الحالية.
وتنص المادة 49 من القانون التنظيمي الخاص بالأحزاب السياسية على أنه “يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي، ويسترجع هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيته”.
وأدى تأجيل المؤتمر الوطني إلى خسارة الحزب الاستفادة من التمويل العمومي برسم سنتي 2021 و2022، بعد أن أصبح خارج القانون التنظيمي للأحزاب السياسية بسبب تجاوز التاريخ القانوني لعقد مؤتمره الوطني بحوالي سنتين، ومعلوم أن آخر مؤتمر عقده حزب الاستقلال كان في شهر أغسطس من سنة 2017 والذي انتخب على إثره بركة أمينا عاما له.