خبير مغربي يحذر من خطورة استمرار اعتقال الصحافيين والمدونين والتضييق على العمل الإعلامي الحر
شكّل تخليد «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، أمس الأربعاء، فرصة للإعلاميين والإعلاميات في المغرب من أجل دق ناقوس الخطر حول أوضاع مهنة المتاعب والعراقيل التي تعترضهم أثناء مزاولتها، فضلاً عن تجديد المطالبة بتطوير القوانين من أجل تأمين ممارسة حقيقية لحريات الصحافة والتعبير والنشر، وتوفير حماية فعلية للصحافيات والصحافيين أثناء مزاولتهم لواجبهم المهني وتكون قادرة على التفعيل السليم لميثاق أخلاقيات المهنة.
وقال محمد العوني، رئيس منظمة «حريات الإعلام والتعبير»، إن «عدم التفات المؤسسات العمومية بما فيها الهيئات الحكومية، لليوم العالمي لحرية الصحافة يبرز الحالة السيئة لحرية الإعلام بالمغرب؛ لاسيما أن العالم يخلد اليوم أيضاً الذكرى الثلاثين لإقرار الأمم المتحدة لهذا اليوم».
وأضاف في تصريح لـه قائلاً: «كان المطلوب أن يكون اليوم فرصة لتطارح وتقييم أوضاع الإعلام، انطلاقاً من الخصاص المهول في الحرية كأساس لاستقلالية الإعلام ومهنيته». واستدل على ذلك بـ»استمرار اعتقال الصحافيين والمدونين، والتضييق على العمل الإعلامي الحر، واحتكار مؤسساته العمومية وتدجين الخاص منها»، كما لفت الانتباه إلى «حرمان المتلقين من إعلام يقدّم خدمة عمومية مجتمعية تساهم بقوة في توفير شروط الانتقال الديمقراطي».
وأشار الخبير في الإعلام والتواصل إلى أن «مرصد حريات» التابع لمنظمة حريات الإعلام والتعبير (حاتم) كبرنامج تطبيقي للرصد، عمل على توثيق الكثير من حالات انتهاكات وخروقات لحرية الإعلام والإعلاميين وحرية التواصل الرقمي.
ولاحظ جمال المحافظ، رئيس «المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام»، أن البلدان المغاربية الخمسة لم تعرف تحسّناً في مؤشرات حرية الصحافة، وإن بشكل وبدرجات مختلفة. وجدد، في بيان تلقت «القدس العربي» نسخة منه، دعوته لكافة الأطراف بالمنطقة إلى العمل على توفير الظروف الكفيلة بتداول المعلومات الصحيحة كحق من حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً وإطلاق حريات الإعلام، والإفراج عن كافة الصحافيين المعتقلين والمتابعين بسبب آرائهم وممارستهم لمهنة الصحافة والإعلام.
كما طالب بتوفير كافة الضمانات للصحافيات والصحافيين لأداء واجباتهم المهنية في ظل أجواء الحرية، وصيانة الحق في حرية التعبير عن آرائهم وانشغالاتهم، مع حفظ كرامة الإعلاميين والالتزام بآداب وأخلاقيات المهنة والنزاهة الإعلامية، والكف عن ممارسة التضليل والترويج للأخبار الزائفة التي تغذي الانقسام وتروج للانفصال والتطرف.
وباعتبار الأهمية التي تضطلع بها وسائل الإعلام المغاربية، وجه «المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال» نداءه إلى وقف كل الحملات العدائية التي تمرر عبر وسائل الإعلام، والتي لن تساعد بأي حال من الأحوال في بناء فضاء مغاربي مشترك، باعتباره خياراً استراتيجياً، راهنت وتراهن على قيامه الأجيال المتعاقبة بالبلدان المغاربية التي تشكل وحدتها أفقاً ضرورياً لمواجهة مختلف التحديات والمعضلات التي تعاني بالمنطقة.
«النقابة الوطنية للصحافة المغربية» أعلنت استمرارها في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعموم الصحافيات والصحافيين والعاملات والعاملين في قطاع الصحافة في المغرب. وأكدت في بيان له ، أن تطوير المشهد الإعلامي المغربي المتّسم بالهشاشة والضعف وعدم القدرة على المنافسة ومسايرة التطورات الرقمية المتسارعة، رهين بتحسين الأوضاع المادية والمهنية لجميع العاملات والعاملين في القطاع الصحافي من جهة، وفي تطوير المنظومة القانونية الكفيلة بضمان ممارسة حقيقية لحريات الصحافة والتعبير والنشر، وبتوفير حماية فعلية للصحافيات والصحافيين أثناء مزاولتهم لواجبهم المهني وتكون قادرة على التفعيل السليم لميثاق أخلاقيات المهنة.
ولذلك، أكدت أن تكريس حرية الصحافة وضمانها لم يعد يقتصر على الضمانات السياسية والحقوقية التي تبقى ضرورية، ولكنه يتطلب أيضاً القضاء على جميع مظاهر الهشاشة الاجتماعية والمادية لدى الصحافيين، لأنه من شأن هذه الهشاشة أن تفقد الصحافيين والصحافيات استقلاليتهم وحرياتهم في تناول القضايا العامة من زاوية مهنية خالصة.
وقالت النقابة الوطنية للصحافة المغربية إنها «بالقدر الذي تدعو به إلى حماية حرية الصحافة من جميع أشكال التضييق المقترفة من طرف مختلف الجهات، فإنها تؤكد أيضاً وبالقدر نفسه، على حتمية الاهتمام بالأوضاع المادية والمهنية الصحافيات والصحافيين وجميع العاملين في قطاع الصحافة».
ولاحظت أن «التضييق على حرية الصحافة في العالم لم يعد مصدره فقط بعض الأنظمة السياسية المغلقة التي تخشى الحريات وتحاربها وتضيق على ممارسيها، بل إن شبكات الفساد المالي والاقتصادي أضحت عدواً حقيقياً لهذه الحريات، وهي اليوم تتفوق على الأنظمة السياسية المغلقة في مناهضة ومحاربة الحريات العامة، وأصبحت في السنوات الأخيرة تتقدم قائمة المعتدين على الصحافيين والصحافيات.
وشددت النقابة المغربية على أن «النضال من أجل حرية الصحافة وحقوق العاملين والعاملات بها يجب أن يوازيه نضال مجتمعي ضد الفساد والريع».
وأضاف البيان: «ولأننا نعيش في عالم مضطرب، تسعى فيه قوى الهيمنة الاقتصادية والعسكرية والسياسية إلى التدخل في سيادة الدول وتوظيف الأدوات الإعلامية الضخمة لخدمة مخططات التجزئة والابتزاز والتركيع والتضليل، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعتبر أن الأمن الإعلامي الوطني هو واحد من عناصر السيادة الوطنية التي يجب إيلاؤها الاهتمام الذي تستحقه في زمن رقمي يساعد على التضليل والترويض».
ونبهت النقابة إلى «ما يعيشه الإعلام العمومي من ضعف وعدم القدرة في كثير من الأحيان عن مسايرة التحديات الداخلية والخارجية، خصوصاً ما يتعلق بمحاولات وبمخططات الاستهداف الخارجي مما يستلزم التدخل العاجل من أجل حوار جدي ومسؤول على قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل انتشال الإعلام العمومي من وضعه الذي لا يخدم مصالح بلدنا المغرب، خصوصاً السمعي البصري منه ووكالة المغرب العربي للأنباء».
كما نبهت إلى أخطار استمرار تراجع مبيعات الصحف الورقية، مما يهدد بإغلاق ما بقي منها، وحذرت النقابة بهذا الخصوص من مخاطر فقدان الكثير من مناصب الشغل في السنوات المقبلة داخل القطاع الصحافي، مما ينذر بأزمات اجتماعية خطيرة.
ودعا البيان إلى «الإسراع بتغيير شامل للمنظومة القانونية لقطاع الصحافة والنشر وحماية الأمن الوظيفي بإقرار اتفاقية جماعية منصفة وملزمة، بالإضافة إلى ضرورة «إصلاح منظومة الدعم المالي العمومي التي تؤكد عدم فعاليتها في صيغتها الحالية، حيث عادت بالنفع على بعض أرباب المقاولات، في حين لم يكن لها أي أثر على أوضاع العاملين والعاملات».