عراب العدالة و التنمية يهاجم النقابات والحكومة لإستمالة الطبقة العاملة

هاجم عبدالإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب، كلا من الحكومة والنقابات، متهما كلاهما بالتواطؤ لضرب مصالح الطبقة العاملة في المملكة.

ويرى مراقبون أن هجوم بنكيران لا يخلو من غايات سياسية وانتخابية، حيث يسعى لاستعادة شعبية تراجعت بشكل دراماتيكي خلال السنوات الماضية، بفعل الحصيلة الهزيلة التي حققها الحزب الإسلامي خلال فترة قيادته للائتلافات الحكومية.

وقال بنكيران بمناسبة اليوم العالمي للعمال إن الوعود “السخية والغليظة” التي عرضتها أحزاب الأغلبية بهدف إزاحة حزبه وتبرير إقصائه “الموهوم من المشهد السياسي”، “كانت مجرد خدعة كبيرة ووعود معسولة سرعان ما تبخرت”، متهما في المقابل النقابات بـ”التواطؤ” مع الحكومة ضد مصالح الشغيلة المغربية.

وطالب بنكيران، في كلمة له خلال مهرجان خطابي نظمته نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، التابعة للحزب، بالدار البيضاء، الحكومة بالخروج عن صمتها والتواصل مع المغاربة، لتبرير أسباب عدم الوفاء بالوعود الانتخابية، ولعب دور الوساطة الموكول لها بين الشعب والمؤسسة الملكية.

 

رشيد لزرق: الطبقة العاملة كان لها دور رئيسي في الإطاحة بحزب العدالة
رشيد لزرق: الطبقة العاملة كان لها دور رئيسي في الإطاحة بحزب العدالة

 

وأضاف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن “الحكومة لا ينبغي أن تستمر في البكاء علينا وتحميل المسؤولية للحكومة السابقة”، متوجها لرئيس الحكومة عزيز أخنوش قائلا “أنت أتيت لتحل المشاكل التي كانت الحكومة السابقة مسؤولة عنها والتي لم تكن مسؤولة، والمشاكل المرتبطة بحرب أوكرانيا وغيرها، لأن هذه مهمتك وإذا لم تكن لديك حلول فعلى الأقل اخرج للتواصل مع الناس بصراحة وصدق”.

وطالب بنكيران النقابات بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية والأخلاقية أمام منخرطيها والطبقة الشغيلة عموما، والقيام بواجبها “دون تواطؤ أو محاباة للحكومة”.

وقال رشيد لزرق، رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية، إن بنكيران يدرك أن الطبقة العاملة كان لها دور رئيسي في الإطاحة بحزب العدالة والتنمية وأن عودة حزبه إلى المشهد السياسي كما كان سابقا رهينة بكسب ودها.

وأضاف لزرق في تصريحات لـه أن قوة الحركة العمالية لا تنحصر في حدود الاقتصاد من أجل تحسين الأجور أو شروط العمل، بل لها دور سياسي ككتلة ناخبة ويمتد دورها إلى قضايا أشمل وخوض غمار هذه القضايا بصفتها عمالا لا مواطنين في الشوارع أو منتخبين في صناديق الاقتراع.

واعتبر رئيس مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث أن حضور بنكيران شخصيا لمنصة نقابته، كان بهدف استقطاب صوت العمال لصفه، وإظهار نفسه بأنه حريص على تعزيز التنظيم السياسي العمالي، فضلا عن تنظيمه النقابي، وذلك لضمان انعكاس ثقل الحركة العمالية في مسار التغيير.

وفي مداخلته النارية، قال بنكيران إن رئيس الحكومة لا يعير انتباها للأحزاب السياسية سواء بالمعارضة أو الأغلبية ولا يعير انتباها للنقابات كذلك، مردفا “نقابتنا بالرغم من أنها تستحق أن تكون ممثلة ادعيتم بأنها ليست كذلك ولا تتحاورون معها، فهل تريدون محونا؟ وهل يمكنكم محو هذه الجماهير وبجميع المدن؟”.

ولم يتوان حزب العدالة والتنمية في اتهام الحكومة بحرمان ما يناهز 3.72 مليون أسرة في وضعية هشاشة وأزيد من 8 ملايين من الاستفادة المجانية من الخدمات الصحية التي كانوا يستفيدون منها في إطار نظام المساعدة الطبية “راميد”، وأنها لم تصرف كما وعدت ابتداء من الفصل الرابع لسنة 2022، 300 درهم شهريا عن كل طفل، في حدود 3 أطفال برسم التعويضات العائلية، وأجلت تطبيق هذا الإجراء إلى آخر سنة 2023 حسب آخر التصريحات.

وكرد غير مباشر على بنكيران، صرح الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، المشارك في الحكومة، مؤكدا “سعي الحكومة باستمرار لحماية كافة المغاربة من موجة الغلاء بإجراء الرفع من دعم صندوق المقاصة الذي بلغ اليوم 40 مليار درهم، للحفاظ على أسعار المواد الأساسية، منها الدقيق والسكر والخبز وغاز البوتان والتنقل عبر الحافلات والكهرباء، وستمر الحكومة إلى المرحلة الثانية المتعلقة بالدعم المباشر للأسر الفقيرة والمعوزة لمساعدتها على غلاء المعيشة”.

خطة بنكيران للرفع من شعبية حزبه لم تؤت أكلها، رغم إشرافه المباشر على احتفال نقابة حزبه بمناسبة عيد العمال، واستغلال حضوره لقصف الحكومة والتقليل من إنجازاتها

ولا يزال بنكيران حبيس الماضي عندما أزيح عن تشكيل الحكومة في العام 2016، حيث أرجع أسباب ذلك إلى “مؤامرات ومناورات وألاعيب حرمت حزب العدالة والتنمية من الفوز المستحق والكبير والشريف لإزالة بنكيران في المرحلة الأولى، ثم العدالة والتنمية في المرحلة الثانية، وأن تصل الأوضاع بالحزب والنقابة الشريكة له إلى ما وصلت إليه اليوم”.

ويرى عمر الشرقاوي، أستاذ القانون بجامعة الحسن الثاني، أن العدالة والتنمية في عهد بنكيران يحاول استغلال أي مناسبة لإظهار أنه يملك وزنا انتخابيا، ليس فقط لأن الحزب لا يزال تحت تأثير المزاج الانتخابي ضده السائد منذ الاستحقاقات السابقة والتي أكدت أن الشعبوية لم يعد لها أي مجال للتكسب السياسي.

وأضاف الشرقاوي في تصريحات لـه أن “بنكيران قاد حملات انتخابية بنفسه ودعا المواطنين إلى التصويت على حزبه ومعاقبة الأحزاب الأخرى، لكن النتيجة كانت غير سارة له”.

ولم تخلُ مداخلة بنكيران في عيد العمال من إشادة بحزبه، قائلا إن “له الفضل على الدولة، التي مرت بأزمة مثل 20 فبراير التي قام خلالها حزب العدالة والتنمية بدور كبير وساهم بإنقاذ البلاد مما يقع حولنا وجوارنا، وأن هذا الحزب عندما يحقق المرتبة الأولى بطريقة واضحة نجمع له أربعة أحزاب ونطلب منها عدم المشاركة مع بنكيران إلا بعد الموافقة على دخولها مجتمعة، لإحناء رأس بنكيران، لكن بنكيران لا يحني الرأس”.

واعتبر مراقبون أن خطة بنكيران للرفع من شعبية حزبه لم تؤت أكلها، رغم إشرافه المباشر على احتفال نقابة حزبه بمناسبة عيد العمال، واستغلال حضوره لقصف الحكومة والتقليل من إنجازاتها والحديث عن مدى حاجة المجتمع المغربي والدولة إليه في هذا الظرف، وتذكير أنصاره بأن الحزب على عهده لا يزال محافظا على المرجعية الإسلامية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: