العاهل المغربي يحذر من تفاقم التضخم بسبب الأزمات الدولية
عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس السبت عن قلقه من الضبابية وعدم اليقين الذي يطبع أداء الاقتصاد العالمي وتداعيات ذلك على التنمية في البلدان الافريقية والعربية قائلا “أن الأزمة الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية الدولية تفاقمان مستويات التضخم”.
واوضح في رسالة وجهها إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية التي انطلقت أشغالها السبت في العاصمة الرباط، تلاها نيابة عنه رئيس الحكومة عزيز أخنوش ان هذه “الاجتماعات تنعقد في ظل مناخ الضبابية وعدم اليقين الذي يطبع أداء الاقتصاد العالمي”.
ولفت إلى “استمرار تداعيات الأزمة الأوكرانية والتوترات الجيوسياسية الدولية، مع ما يترتب على ذلك من تفاقم الضغوط التضخمية المتزايدة، وتشديد الشروط الائتمانية، وتنامي المخاطر المرتبطة بالأزمات البنكية”.
وأشار ملك المغرب إلى “التحولات المناخية المقلقة والمتسارعة التي تلقي بآثارها على آفاق النمو الاقتصادي، واستقرار الأسواق عبر العالم”.
ودعا إلى “العمل على مواصلة توحيد الجهود الإنمائية العربية المشتركة، وتحيين الاستراتيجيات والبرامج التنموية، بسبب ما تشكله هذه التطورات المتسارعة من مخاطر على الأمن الطاقي والغذائي”.
وأضاف ان “أن الهيئات المالية العربية أبرزت تعبئة كبيرة لمساعدة الدول الأعضاء المتضررة من تداعيات جائحة “كوفيد-19″، وبعدها الأزمة الأوكرانية، وذلك من خلال إطلاق برامج ومبادرات تروم، على وجه الخصوص، دعم الانتعاش الاقتصادي، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية، والمحافظة على التوازنات الاقتصادية”.
وشدد على ان “كل هذه المجهودات، الجديرة بالتقدير والتنويه، لم تكن لتغطي كافة الاحتياجات التمويلية، بالنظر لحجم التحديات الجسيمة التي تواجهها بلداننا العربية في سعيها لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة، في خضم تواتر الأزمات العالمية”.
وتحدث الملك محمد السادس عن ضرورة استخلاص الاقتصاديات العربية للدروس من الأزمات الاخيرة قائلا “في طليعة الدروس التي يجب استخلاصها من الأزمة، الممتدة منذ سنة 2020، حتمية توجه المؤسسات الإنمائية العربية لتعزيز قدراتها الاستباقية، حيال المتغيرات الدولية والإقليمية، ومواصلة العمل على دعم الجهود الإنمائية العربية، وذلك عبر إرساء واعتماد نماذج تنموية حداثية ترتكز على تحصين وتأهيل الاقتصاديات العربية، وتمكينها من الاندماج الفعلي في سلاسل القيمة الإقليمية والدولية”.
ودعا الى ضرورة الاهتمام بالانتقال الطاقي والتعويل على الاقتصاد الاخضر قائلا “من بين أهم الأولويات التي ينبغي أن تؤطر الجهود الإنمائية للهيئات المالية العربية في السنوات المقبلة، تبرز المواكبة الاستباقية للتحولات المناخية، التي يشهدها العالم بصفة عامة، ومنطقتنا العربية بصفة خاصة، وذلك عبر تقديم تمويلات تفضيلية للمشاريع الرامية لتعزيز الانتقال إلى اقتصاد أخضر ومستدام، وكذا دعم البحث وتقاسم الخبرات وحشد القدرات في هذا المجال
وتابع “نود الإشارة بهذا الخصوص، إلى أن مواكبة الهيئات المالية العربية، لجهود البلدان الأعضاء في الحفاظ على الأمن المناخي، وبناء اقتصاد أخضر، تمر أيضا، عبر دعم الدول العربية في المحافل الإنمائية الدولية، ليتسنى تحقيق التوازن بين قدراتها التمويلية، وحدود مساهمتها في انبعاثات الغازات المسببة للتغيير المناخي، مع السعي للعب دور الوساطة في تنزيل الوعود التمويلية، التي يقدمها المجتمع الدولي في إطار اتفاقية باريس حول المناخ”، تورد الرسالة الملكية نفسها قبل أن تشير إلى ضرورة مراعاة التقاطع الملموس بين الأمن المناخي والأمن الغذائي، لا سيما على مستوى دعم جهود الأمن المائي بالدول العربية، وتبني خارطة طريق للتكامل الزراعي العربي، بشكل يوفق بين الإكراهات الآنية وتطلعات الاكتفاء الغذائي الذاتي للوطن العربي”.
وتابع “ان التمويلات الميسرة تعد من الدعائم الأساسية لعجلة النمو. وبالتالي فإن تنويع وتقوية تدفق تلك التمويلات، بين وفي ربوع الوطن العربي، ليعد من الشروط الأساسية والملحة، لكسب معركة التنمية المستدامة في بلداننا العربية. ومن تم فإن الدور المنوط بالهيئات المالية العربية في هذا المجال، يكتسي أهمية خاصة، سواء من حيث دعم وجلب التمويلات الميسرة، أو تفعيل آليات دعم المشاريع الاستراتيجية، أو دعم المقاولات العربية، وخاصة تلك التي تسعى لتطوير قدراتها على المستوى الإقليمي والدولي، وكذا دعم تكامل سلاسل الإنتاج العربية”.
وطالب بضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص قائلا “أن القطاع الخاص يتمتع بدور هام ومتعدد الأبعاد في العملية التنموية. مما يستدعي تحفيز الانخراط الفاعل والمسؤول لهذا القطاع، باعتباره الشريك المعول عليه في توطيد النماذج التنموية للبلدان العربية، لما يوفره من خبرات وفرص للشغل، ولدوره الأساسي في التصدي للتحديات التنموية للمنطقة العربية، في مجالات الأمن الغذائي والتعليم والصحة.داعيا الهيئات المالية العربية لمنح العناية اللازمة للمبادرة المقاولاتية، ولا سيما المقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، ودعم الشمول المالي وتعزيز التنافسية”.
واكد ملك المغرب ان بلاده حريضة على مواصلة وضع خبراتها رهن اشارة البلدان الصديقة والشقيقة في مجال التنمية قائلا ” لمغرب، الذي يعتز بانتمائه العربي والإسلامي والإفريقي، حريص على مواصلة وضع كفاءاته البشرية، وتبادل الخبرات التي راكمها في مختلف المجالات، رهن إشارة البلدان الشقيقة والصديقة، لتعزيز قدراتنا التنموية، وذلك إيمانا منا بأن تقدمنا ونماءنا لا يمكن تصوره بمعزل عن أشقائنا العرب والأفارقة. فقد انخرطت المملكة المغربية في عدة مشاريع مشتركة تروم تقوية التكامل الاقتصادي العربي والإفريقي، على غرار مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يعد مشروعا استراتيجيا من أجل السلام والتنمية المشتركة، والذي يهدف لتعزيز الأمن الطاقي، على المستوى القاري والدولي”.
وشدد الملك محمد السادس على ضرورة الاهتمام بالوضع المالي للفلسطينيين قائلا “نثمن الجهود التي تقوم بها تلك الهيئات في سبيل توفير الدعم المالي للأشقاء الفلسطينيين، ودعا لمتابعة مواكبة كافة المشاريع التي تدعم مسيرة التنمية والصمود بفلسطين”.
وتهدف هذه الاجتماعات التي تمتد على مدى يومين، إلى فتح نقاش بشأن القضايا الاقتصادية الراهنة في المنطقة العربية، وتبادل الاقتراحات والآراء من أجل عمل مشترك.
ونتيجة لحرب روسيا على جارتها أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، فرضت عواصم عدة في مقدمتها واشنطن عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو، ما انعكس ارتفاعا في أسعار الغذاء العالمية وزاد من حدة التضخم.