وعكة صحية لأخنوش تقسّم المغاربة بين متضامنين وساخرين
رغم انقضاء شهر رمضان المبارك، ما زالت الصور المتداولة لطريقة أداء رئيس الحكومة المغربي للصلاة بجانب العاهل محمد السادس، تثير تعليقات متباينة.
لم يصدر أي بلاغ رسمي عن رئاسة الحكومة يفسر ما وقع لعزيز أخنوش بالضبط ونُقل عبر القنوات التلفزيونية المحلية والمواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، ويشرح الحالة الصحية للرجل، كما يحدث عادة في الديمقراطيات العريقة. بخلاف ذلك، دأب الديوان الملكي على إصدار بيانات بصدد الوعكات الصحية التي تلمّ أحياناً بالعاهل المغربي.
وأمام الصمت الحكومي في حالة الرجل الثاني في هرم الدولة المغربية، وفي مقابل التعليقات الساخرة من طريقة سجود أخنوش وجلوسه للتشهد أثناء الصلاة بجانب الملك، نُقل عن عبد الرحمن اليزيدي، القيادي في حزب «التجمع الوطني للأحرار» الذي يقود الائتلاف الحكومي، قوله، إن تفاعل المواطنين مع موضوع الآلام على مستوى الركبة التي كان يشعر بها رئيس الحكومة وجعلته يجلس في وضعية غير مريحة أثناء صلوات تراويح ليلة القدر مؤشر على اهتمام المواطنين بالسياسة وبالمنتخبين بارتباط مع تدبير الشأن العام.
وأورد مصادر مطلعة عن القيادي الحزبي قوله: «إذا كان هناك من استغل هذه الوعكة الصحية للشماتة وتصفية الحسابات السياسية، فإن هذا مؤسف على اعتبار هذا السلوك لا يعكس ثقافة عموم المغاربة التي تؤمن بالأقدار الإلهية وتدعو بالشفاء لكل عليل». وأردف قائلاً: «بتزامن مع ذلك سجل الكثير من المواطنين بأنه في نفس الأسبوع كان رئيس الحكومة منخرطاً شخصياً في الحوار الاجتماعي مع النقابات الأكثر تمثيلية».
الوعكة الصحية لعزيز أخنوش أثارت تعليقات مختلفة على منصات التواصل الاجتماعي، فقد كتب الإعلامي المصطفى العسري: «بالنسبة لصلاة الرئيس عزيز أخنوش فذاك شيء بينه وبين خالقه. ما يهمني من السيد الرئيس وحكومته هو ما يقدمه لنا كشعب وناخبين. إنجازاته هي الفيصل».
وذهب الفنان الممثل محمد الشوبي إلى القول: «طريقة سجود أخنوش أو جلوسه أثناء التحية في الصلاة ليست مدعاة للسخرية ولا للتنمر». واعتبر أن هذا التعليق لا يعني أي نفاق أو محاباة، وإنما يتعلق بالجانب الإنساني فقط. وأضاف أن من تابع الصلاة كاملة سوف يلاحظ أن عزيز أخنوش مريض ويشكو من ألم ما ربما في ظهره. وخلص إلى القول إن من يسخر من أخنوش أثناء صلاته قرب أمير المؤمنين يجب أن يعيد حساباته. نعم نختلف مع رئيس الحكومة في أمور كثيرة، ولكن ذلك لا يعني أننا نتنمر عليه في صلاته».
وإلى الرأي نفسه ذهب الإعلامي إبراهيم الشعبي: «نختلف، ننتقد، ولكن لا نتشفى. شفاء عاجل لرئيس الحكومة المغربية». وكما لاحظ الفنان الممثل ياسين أحجام، فـ»التشفي والتنمر على مواطن مريض يعاني وهو يصلي بغض النظر عن شغله لمنصب عمومي شيء مؤسف جداً يدل على السقوط الأخلاقي إلى الهاوية».
الخبير الإعلامي والبيئي عبد العالي الطاهري الإدريسي كتب: «قد نختلف سياسياً مع عزيز أخنوش كرئيس للحكومة ونتفق على اختلالاته التدبيرية الكارثية، لكن شماتة المرض أو الموت أو المصائب هي قمة الدناءة والحقارة». وهو موقف يلتقي مع ما ذهب إليه الصحافي الجيلالي بنحليمة بالقول: «أخنوش إنسان هذا الإنسان أحس بوعكة صحية هذا ليس مدعاة للتشفي. أخنوش يُساءَل ويحاسب في مواضع أخرى وفي مواقع أخرى، غير تلك التي تعني آدميته التي تفرض في الحد الأدنى من مشترك الإنسان، الدعاء له بالشفاء، وبعد ذلك لكل حادث حديث».
كما كتب الإعلامي محمد واموسي: «انتقد رئيس الحكومة كما تريد. هاجم سياسته، عارض قراراته كما تشاء. لكن أن تتنمر وتسخر من عارض صحي ألم به، جعله لا يستطيع ثني ركبتيه وهو يصلي، فاعلم أن الذي ابتلاه قادر على أن يبتليك فقط ليُؤدبك ويجعلك تدرك ضعفك».
وأدلى القيادي الإسلامي محمد يتيم بدلوه في الموضوع، إذ كتب تدوينة «بعيداً عن السياسة» مما جاء فيها: «الصعوبة التي وجدها السيد أخنوش خلال صلاة التراويح في مسجد الحسن الثاني الى جانب أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس في الجلسة بين التشهدين وخلال التشهد قد ترجع على ما يظهر إلى سبب صحي (l’arthrose) أو ما يعرف بتخشب المفاصل. والذين يعانون من هذا المرض قد يتفهمون حالة رئيس الحكومة في صلاة التراويح بالأمس… وقد يكون هناك سبب آخر للحالة التي ظهر عليها السيد أخنوش. ولهذا يتعين التمييز بين الحياة الخاصة (الحالة الصحية في هذه الحالة) لمدير الشأن العام وبين صفته العمومية. والعبرة أن اعتلال الصحة وما قد يصيب الإنسان من مشاكل صحية يساوي فيه الوزير والملياردير والمواطن العادي البسيط».
وذكرت الكاتبة جيهان العبادي أن التنمر على طريقة صلاة أخنوش ليست من شيم الأخلاق، فلا حق لأي أحد أن يحكم عن علاقة المخلوق بخالقه. وقالت إنها شاهدت فيديو في إحدى مجموعات التواصل لسيدة تضحك بأعلى صوتها عن المشهد المذكور، وتوجهت إليها العبادي بالقول: «يا أختي لو ركعتِ لربك كان أفضل».
وكتب الإعلامي محمد أحداد: «هناك النقد والمساءلة والاحتجاج وهناك الانحطاط. والانحطاط لا دين له».